اخبار سياسية

نظريتان إسرائيلية وإيرانية للحرب الأبدية

قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

إصرار نتنياهو على القول بأولوية تهديد طهران وشعار الخامنئي عن المعركة المفتوحة بين الحسينيين واليزيديين وصفة سريعة لإضاعة حقوق الفلسطينيين والعرب

طوني فرنسيس إعلامي وكاتب ومحلل سياسي لبناني

رفع شعار الخطر الإيراني طريقاً لتجاهل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي (أ ف ب)

ملخص
لا قادة إيران ولا قادة إسرائيل يهتمون بإيجاد مخارج من حال القتل المديدة. ويرفع نتنياهو راية مواجهة طهران ليوغل في قتل الفلسطينيين. وترفع إيران راية القدس وتكلف الوكلاء بخوض معارك تجر الويلات والكوارث خصوصاً في لبنان.

ينظم قادة إسرائيل وقادة إيران حرباً لا نهاية لها، تغذيها الأساطير ولا تقربها الوقائع، بل إن الوقائع والحقائق تتحول إلى الضحية الأولى لهذه الحرب.

الأسبوع الماضي وخلال لقائه مخطوفات إسرائيليات عدن من غزة، ذهب رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى القول إن “الأمر الأكبر الذي تبين لي ولكم أيضاً أنه توجد حولنا خطة إبادة إيرانية تأتي لإبادتنا لاحتلال الدولة، ولإمطارنا بالنار…”. وتبين لنتنياهو وجود هذه الخطة الإيرانية الأسبوع الماضي، وقبل ذلك كان يتحدث عن إيران وخطرها ومشروعها النووي ويلاعب أذرعتها، ومناوشات محدودة في لبنان وتسهيل دخول الأموال القطرية إلى “حماس”، إلا أن حاجة ما دفعته الآن وفي ختام الشهر العاشر من الحرب إلى الإعلان عن اكتشاف “خطة إيرانية لإبادة إسرائيل”.

المرشد الإيراني علي خامنئي ذهب في وقت متقارب إلى توصيف مفاجئ للحرب الدائرة. إنها المعركة بين “الحسينيين واليزيديين”. هكذا قسم الخامنئي العالم إلى جبهتين لا علاقة لهما بالوقائع. فلا الحسينيون ولا اليزيديون هم من يخوض الحروب. وبالتأكيد ليست إسرائيل وأميركا في معسكر اليزيديين أو الحسينيين، كما أن المعركة الراهنة لا تمت بصلة إلى انقسام كانت تغذيته ضرورة لاستمرار نزاعات المسلمين ومشاريع التسلط المذهبي.

في قاموس نتنياهو وفي المعجم الديني الفارسي لا وجود لشيء اسمه فلسطين أو القدس أو الأرض المحتلة.

لدى نتنياهو يصبح رفع شعار الخطر الإيراني طريقاً لتجاهل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ولدى خامنئي يتولى شعار الحرب اليزيدية – الحسينية طمس القضية العربية الفلسطينية كلياً لتصبح مهمة إيران وأنصارها تحقيق النصر الحسيني في العالم، وتعميم فوائد النظام الخميني على سكان الكرة الأرضية.

يستدعي تحقيق هذه المهمة “توغلاً” وفرزاً مذهبياً يقتضيه الشعار في المجتمعات والدول العربية، وانتصارها رهن بتحقيق الفوز على أميركا إن لم تكن المساومة معها.

وتختصر نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي دانا سترول (2021-2023) الأهداف الإيرانية كما تراها حكومتها على النحو التالي “إيران تسعى إلى طرد القوات الأميركية من الشرق الأوسط، وفرض نفسها كالقوة الإقليمية المهيمنة… وبعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) رأى الإيرانيون فرصة لتحقيق هذه الأهداف بقوة أكبر من خلال تفعيل وكلائهم”. الشرح الأميركي أكده مسؤولون إيرانيون وكرروه، إنهم يعملون لإخراج أميركا من “غرب آسيا”. وعلى قول حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” بعد مقتل قاسم سليماني إن “الجنود الأميركيين جاءوا عمودياً ويجب إخراجهم أفقياً، أي في التوابيت. الشرح الأميركي للقصد الإيراني من تعلية مقولة حرب اليزيديين والحسينيين يضمر تفسيراً لحقيقة الاهتمام الإيراني بإيصال الفلسطينيين إلى حقوقهم. تلك الحقوق التي تستعمل مطية لدى الخوض في موجبات تطبيق نظرية الصراع الخامنئية.