سمير الجيزاوي
مفهوم الدعارة عالميًا ينقسم إلى شقين: الأول: وهو البغاء وهو توفير وبيع الجنس. الثاني: وهو صناعة الجنس وهو يشمل جميع أنوع صناعة الجنس من رقص التعري، أو توفير الجنس عبر الإنترنت، أو خدمات الجنس. وقد تم التفريق بين هذين المفهومين، لأن النظام القضائي يفرق بين البغاء وصناعة الجنس من حيث الترخيص والممنوعات والمسموح به والعقاب لكل منهما.
هناك العديد من جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان مثل جمعية «المساواة الآن» ومقرها نيويورك، تذكر أن تعريف الدعارة يعني ضمنيًا ممارسة الجنس إجبارًا وقسرًا، مهما كان مصدر هذا الإكراه أو القسر، لأن الأوضاع الاقتصادية المتردية تجبر كثيرا من المومسين على احتراف هذه المهنة. وفي هذه الحالة ليس هناك خيار أمام الفرد سوى بيع الجسد، أو الموت جوعًا، ولذلك فإن عنصر القبول أو الموافقة يعتبر غير متوافر وليس بالضرورة استخدام القوة أو الخداع من قبل النخاسين ضد ضحاياهم من الأفراد. المدافعون عن تنظيم الدعارة في إطار قانوني يرون أنها ستكون موجودة في كل الأحوال، ولن تتوقف سواء أن نظمتها الدولة أم تجاهلتها، غير أن تنظيمها سيعود بالنفع على الحكومة التي ستحصل إيرادات ضريبية كبيرة، وعلى العاملين بصناعة الجنس الذين سيتم حمايتهم من أخطار صحية واجتماعية كثيرة.
الآراء الدينية في الإسلام
تعتبر الدعارة في الإسلام محرمة حرمة مطلقة، وتنزل في القرآن بمعنى الزنا، وهناك العديد من الآيات القرآنية التي تحرم الدعارة بالمطلق وعقوبة الدعارة في الإسلام هي الجلد مائة جلدة للزاني أو الزانية وتغريب سنة، أما إذا كان ممارس/ممارسة الدعارة محصنًا أو محصنة (أي متزوجًا أو متزوجة) فإن العقوبة تصل إلى الإعدام رميًا بالحجارة.
وعلى الرغم من قسوة العقوبة فقد وضع الإسلام قوانين تجعل ممارسة العقوبة بحق مرتكبي الدعارة أمرًا في منتهى الصعوبة، إذ يشترط في معاقبة ممارس الدعارة أن يعترف هو شخصيًا بممارستها أو أن يكون هناك أربعة شهود شاهدوا عملية ممارسة الجنس بشرط رؤية الزاني رؤية واضحة لا مجال للشك فيها.
في المسيحية واليهودية
الدعارة في المسيحية واليهودية محرمة حرمة مطلقة. وتعتبر زنا. ولذلك من يمارسها يكون خاطئًا حسب وصايا الله العشر وبالأخص وصية (لا تزن). الدعارة حسب رسالة رومية والإصحاح الأول هي نتيجة لبعد البشر عن الله، كما أن المسيح له المجد جعل النظرة مع الشهوة كمن زنا البغاء.
في الولايات المتحدة الأمريكية القانون الفيدرالي
1. الأجانب غير المسموح لهم بدخول البلاد: لا تمنح تأشيرات دخول لأي أفراد قادمين لغرض ممارسة الدعارة أو لو كان قد سبق تورطهم في أعمال الدعارة خلال السنوات العشر السابقة على تقديم الطلب. العقوبة: رفض منح تأشيرة الدخول.
2. استقدام أفراد لغرض أعمال الدعارة: أي استقدام الأفراد إلى الولايات المتحدة بغرض الدعارة أو أي أعمال غير أخلاقية ممنوع ومجرم. العقوبة: عقوبة تصل إلى 10 أعوام والغرامة أو كليهما.
3. ممارسة البغاء بالقرب من القواعد والمنشئات العسكرية: ضمن مسافة معقولة من أي معسكر أو قاعدة أو منشأة أو مركز تدريب عسكري، كل من يشارك في البغاء يعاقب بغرامة أو سجن لا يزيد عن سنة واحدة، أو بكلا العقوبتين. العقوبة: تصل إلى سنة أو الغرامة أو كليهما.
4. الرحلات بين الولايات والرحلات الخارجية أو وسائل النقل: كل من يسافر بين الولايات المختلفة أو إلى الخارج أو يستخدم البريد أو أي وسيلة لإدارة أو تنظيم أو تسهيل أي أعمال غير أخلاقية ممنوع ومحرم وتصل العقوبة إلى 5 سنوات أو الغرامة أو كليهما. العقوبة: تصل إلى 5 سنوات و الغرامة أو كليهما.
5. أعمال النقل: أي شخص يتورط وهو على علم بأي أعمال نقل بين الولايات أو من وإلى الخارج في أعمال البغاء أو تسهيل ممارسات جنسية أو أعمال إجرامية سيتعرض لغرامة أو سجن يصل إلى 10 سنوات أو كليهما. العقوبة: تصل إلى 10 أعوام أو الغرامة أو كليهما.
6. الإكراه أو الإغراء: أي حرف يثبت تورطه في إغراء أو إكراه أو تحايل على فرد أو أفراد لتسفيرهم بين الولايات أو إلى الخارج أو لأي مكان بغرض الدعارة أو أي أعمال جنسية أو أعمال إجرامية، سوف يتعرض للسجن لمدة تصل لـ20 عاما أو الغرامة أو كليهما. العقوبة: تصل إلى 20 عاما أو الغرامة أو كليهما.
7. الإبلاغ عن وقائع فردية: على أي شخص يدير مكانا لممارسة الدعارة يعلم أن لديه شخصًا أجنبيًا، يجب عليه أن يبلغ عنه إدارة الجوازات والهجرة ويتضمن البلاغ اسم هذا الشخص ومكان حجزه وكل المعلومات المتوفرة عنه خلال 5 أيام من تاريخ العلم بذلك، أي تقاعس عن أداء هذا سيعرض صاحب المكان للسجن لمدة تصل لعشر سنوات أو الغرامة أو كليهما. العقوبة: تصل إلى 10 أعوام أو الغرامة أو كليهما.
تونس
تعد تونس البلد العربي الوحيد الذي يمكن ممارسة الدعارة فيه بشكل قانوني، إذ يكفي فقط لأي أنثى تعدى سنها الثماني عشرة سنة التقدم بمطلب للمصلحة المعدة للغرض بوزارة الداخلية التونسية حتى تتمكن من العمل في واحد من المواخير. ويعتبر نهج زرقون الواقع بالمدينة العربي بتونس العاصمة أحد أهم معاقل الدعارة. ويعود تاريخ ماخور سيدي عبدالله قش إلى سنة 1942 لما قننت السلطات الاستعمارية الفرنسية الدعارة في تونس ومنحت ترخيصا قانونيًا لبعض النساء لتعاطي مهنة الدعارة. ولم يكن عدد التونسيين الذين يرتادون هذا الماخور كبيرا قياسا بالأعداد الهائلة للجنود الفرنسيين والطواقم البحرية التي كانت ترسي بواخرها بميناء تونس القديم.
وسارت البلاد بعد الاستقلال على خطى السلطات الاستعمارية وغضت النظر عن ما يحدث في هذا النهج بل إنها وضعت يدها على كافة المواخير الأخرى المنتشرة في بعض مناطق البلاد كمواخير سوسة وبنزرت والكاف والقيروان وصفاقس، وأخضعتها لمراقبة وزارة الداخلية. وإضافة إلى الأداءات الموظفة على نشاط النساء العاملات في مجال الدعارة تخضع المومسات إلى مراقبة صحية صارمة ورغم الهجمة التي تعرضت لها مواخير تونس بعد الثورة من طرف الإسلاميين عند صعودهم إلى الحكم إلا أنها تمكنت من الصمود ومواصلة نشاطها إلى حد اليوم.
الإمارات
في الإمارات العربية المتحدة الدعارة ممنوعة قانونًا. إلا أنها موجودة في بعض إمارات الدولة خصوصًا في المناطق السياحية مثل دبي وعجمان، كما أن التسهيلات الحكومية للاستثمار الأجنبي في البلاد أدى لوجود ثغرات في قانون الهجرة الإماراتي مما جلب الكثير من النساء الأجنبيات خصوصا من دول أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفيتي السابقة مثل أوكرانيا ودول جنوب شرق آسيا مثل الفلبين وتايلند وبنغلاديش وبعض دول شمال إفريقيا، وذلك للعمل في المنشآت السياحية والفنادق والملاهي الليلية، ومنشآت الاستجمام فيما يتم استغلالهن للعمل في الدعارة بشكل منظم يصعب السيطرة عليه من قبل الدوائر الرسمية.
الدعارة في لبنان
ينظر إلى الدعارة في لبنان بشكل رمزي على أنها قانونية. ورسميا فإن القانون اللبناني يوجب أن تكون بيوت الدعارة مرخصة، وهي العملية التي تشمل الفحص الدوري للعمال عن المرض. ومع ذلك، فهناك محاولة للقضاء تدريجيا على الدعارة القانونية في البلاد، وسياسة الحكومة الحالية تقضي بعدم إصدار تراخيص جديدة لبيوت الدعارة. ونتيجة لذلك، فإن معظم الدعارة تحدث الآن بشكل غير قانوني.
غالبية العاهرات في لبنان يأتين من خلال الهجرة من الدول العربية. ويتم مراقبة المومسات العاملات في نوادي الكبار عن كثب، ويتم مراقبة الحدود من خلال الأمن العام اللبناني، كما أن إقامات العاهرات لا تتجاوز ستة أشهر، ويتم ترحيلهن إذا تم القبض عليهن بعد انتهاء تصاريحهن ومعظم المومسات في لبنان يدخلن البلاد للعمل في أندية الكبار.
البحرين
بحسب القانون البحريني فإن الدعارة ممنوعة نظامًا، إلا أن التوجه السياحي للبلاد أوجد الكثير من الممارسات المخالفة للقانون مثل الدعارة وتجارة الخمور والملاهي الليلية، وتغض الطرف الجهات الرسمية عن ممارسة الدعارة والخمور والملاهي الليلية في بعض المناطق وسط العاصمة المنامة.
الدعارة في اليمن
الدعارة في اليمن غير قانونية، بالإضافة لما يعرف بـ«الزواج السياحي» حيث يقوم السائح – من دول الخليج غالبًا – بالزواج خلال فترة زيارته للبلاد وتنتهي بالطلاق السريع أو ترك الزوجة والسفر بعد فترة وجيزة، تتراوح عقوبة البغاء في القانون اليمني باختلاف نوع العمل حيث تصل في أقصى الحالات إلى ما لا يزيد عن خمسة عشر عامًا.
الأردن
حسب القانون الأردني فان الدعارة غير قانونية في الأردن، لكنها موجودة خاصة في العاصمة عمان في المناطق التي تعرف باسم عمان الغربية، وأيضا بالعقبة حيث انتشرت مراكز المساجات الصينية والتي كانت غطاء لعمل الدعارة لكنها تم إغلاقها بشكل شبه كامل.
سوريا
في سوريا الدعارة ممنوعة حسب القانون وتوجد شرطة خاصة تسمى «شرطة الأخلاقية» تختص بمكافحة الدعارة والأمور التي تمس الأخلاق. لكن يجب لفت الانتباه أن الدعارة موجودة سرًا وبشكل لافت، ولكن لا يوجد أرقام محددة لأنه لا يتم التبليغ عنها بل تبقى طي الكتمان.
الدعارة في مصر
الدعارة في مصر غير قانونية حاليًا، وإن كانت قانونية في الماضي حتى عام 1949. وقد تم أول تسجيل للبغايا في مصر في القرن السابع حيث جرى التسجيل في مقر الصوباشي أو رئيس الشرطة. وقد ابقى محمد علي على ضريبة البغاء بعض الوقت ثم ألغاها عام 1837 ثم بدأ البغاء في الخضوع للتسجيل والتنظيم منذ تطبيق اللائحة التي سميت بتعليمات بيوت الدعارة والتي استمر العمل بها حتى ألغيت عام 1949. وبعدها بعامين اعتبرت كل أشكال البغاء غير قانونية. وكانت صدرت لائحة التفتيش على العاهرات عام 1885 والتزمت البغايا بمقتضاها بالتسجيل وإلا عوقبن. وقد تم العثور مؤخرا في دار المحفوظات على وثائق عمرها 118 عاما تتحدث عن تسجيل البغاء في مصر.
وانقسمت البغايا إلى قسمين «عايقة» و«مقطورة» والعايقة هي القوادة، والمقطورة هي التي تمارس النشاط. وأمام اسم كل من بنات الهوى كان يكتب سنها وسكنها ورقم رخصتها وتاريخ الكشف الطبي عليها وغيرها. وفي عام 2008 طالبت المخرجة المصرية إيناس الدغيدي بترخيص ممارسة الدعارة، على أن تجدد الرخصة سنويًا، وأكدت أنها تسعى لحماية المجتمع وحماية من يمتهن هذه المهنة من الأمراض.