في الذكرى الأولى لصولة الأقصى التي قامت بها حركة حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، يتجدد التوتر في المنطقة ويتزايد الحديث عن احتمال رد إسرائيلي غير مسبوق، ربما يستهدف إيران بشكل مباشر. فالعملية التي نفذتها حماس قبل عام كانت ضربة مؤلمة للأمن الإسرائيلي، وأثرت بعمق في الوعي الجماعي لإسرائيل، مما يجعل هذا التاريخ يحمل أهمية رمزية قد تدفع تل أبيب إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد داعمي حماس، وفي مقدمتهم إيران.
السياق الإقليمي والدوافع الإسرائيلية
إيران، التي تُعتبر الداعم الأساسي لحماس والفصائل المسلحة الأخرى، لعبت دورًا كبيرًا في تعزيز قدرات هذه الفصائل وتوجيهها لمواجهة إسرائيل. الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر من العام الماضي شكّل تحديًا كبيرًا لإسرائيل وأحرجها أمام شعبها وحلفائها، حيث أثبت قدرة الفصائل المدعومة من إيران على تنفيذ عمليات مؤثرة داخل الأراضي الإسرائيلية.
في ظل هذه الظروف، قد ترى القيادة الإسرائيلية أن الذكرى الأولى لهذه العملية تُعتبر فرصة مناسبة للرد على إيران، ليس فقط انتقامًا لما حدث، بل أيضًا لإرسال رسالة قوية لجميع الجهات التي تدعم الجماعات المسلحة ضدها. القيام بعمل عسكري على نطاق واسع قد يهدف إلى تقويض برنامج إيران النووي أو استهداف البنية التحتية العسكرية لها.
التغيرات في المعادلة الإقليمية
خلال العام الماضي، شهد الشرق الأوسط تغيرات كبيرة في التحالفات والسياسات. التحالفات الإبراهيمية بين إسرائيل وبعض الدول العربية تعززت بشكل ملحوظ، وأصبحت هناك تفاهمات مشتركة حول مواجهة التهديدات الإيرانية في المنطقة. هذه التحولات قد تدعم إسرائيل في اتخاذ خطوات أكثر جرأة ضد إيران، خاصة إذا كان هناك دعم إقليمي غير معلن أو قبول عام لأي تحرك يهدف إلى إضعاف النفوذ الإيراني.
إضافة إلى ذلك، تواجه إيران ضغوطًا متزايدة على الصعيدين الدولي والإقليمي بسبب برنامجها النووي ودعمها للفصائل المسلحة. من الواضح أن إسرائيل قد تسعى لاستغلال هذه اللحظة التاريخية لتوجيه ضربة غير مسبوقة لإيران، تأخذ بعين الاعتبار التحالفات الإقليمية الجديدة والدعم الغربي المتزايد لها.
التداعيات المحتملة للعمل العسكري
إذا قررت إسرائيل تنفيذ عمل عسكري ضد إيران في 7 أكتوبر، فإن التداعيات قد تكون خطيرة ومتعددة المستويات. أولاً، فإن رد الفعل الإيراني قد يكون قويًا وشاملًا، يتضمن استهداف مصالح إسرائيلية وأميركية في المنطقة، إضافة إلى استخدام الفصائل المسلحة التابعة لها في لبنان وسوريا وغزة للرد على الهجوم.
ثانيًا، إن تصعيدًا كهذا قد يؤدي إلى اشتعال جبهة متعددة الأطراف في الشرق الأوسط، تتداخل فيها المصالح والأطراف الدولية والإقليمية، مما قد يتسبب في زعزعة الاستقرار في المنطقة بشكل غير مسبوق. مضيق هرمز قد يصبح ميدانًا للصراع، مما سيؤثر على إمدادات النفط العالمية ويزيد من حالة عدم الاستقرار الاقتصادي.
ثالثًا، قد يؤدي هذا التصعيد إلى توحيد الفصائل المعادية لإسرائيل بشكل أكبر، حيث ستشعر جميع هذه الجهات بأن هناك خطرًا مشتركًا يهددها. هذا التوحد قد يزيد من صعوبة مواجهة إسرائيل لهذه الفصائل ويضعف فرص تحقيق السلام في المستقبل القريب.
هل ستخاطر إسرائيل؟
من الواضح أن لدى إسرائيل الدافع القوي للانتقام والرد على الهجوم الذي وقع قبل عام، ولكن يبقى السؤال: هل ستمتلك الجرأة للمضي قدمًا في تنفيذ عمل بهذا الحجم والتداعيات؟ القرار يعتمد بشكل كبير على تقدير القيادة الإسرائيلية للتبعات الممكنة لهذا التحرك وعلى مدى الدعم الذي قد تحصل عليه من حلفائها.
الرد الإسرائيلي المحتمل لن يكون مجرد تحرك عسكري عابر، بل سيكون له أثر طويل الأمد على مستقبل المنطقة. في هذه اللحظة الحرجة، قد تقرر إسرائيل أن الانتظار لم يعد خيارًا، وأن الوقت قد حان لتوجيه رسالة واضحة بأن أي تهديد لأمنها القومي لن يمر دون رد قوي.