{طوفان الأقصى يمنح اسرائيل قيادة طوفانات متلاحقة ضد العرب}

12

 

 

لقد كانت شرارة الأقصى هي العنوان البارز الذي أشعل الأحداث الأخيرة في المنطقة، لتضع الشرق الأوسط أمام موجة من الأزمات المتلاحقة التي يصعب السيطرة عليها. الأحداث المتصاعدة حول المسجد الأقصى ليست سوى تعبير عن الغليان الذي كان يعتمل في صدور شعوب المنطقة لعقود طويلة. طوفان الأقصى لم يكن حدثًا منفردًا، بل أطلق العنان لسلسلة من الطوفانات السياسية والعسكرية التي تعصف اليوم بكافة الأطراف المعنية.

 

في قلب هذا الطوفان، نجد أن إسرائيل كانت الساحة الرئيسية للمواجهة، حيث التصعيد المتواصل في غزة والضفة الغربية، والذي امتد تأثيره إلى ما هو أبعد من ذلك. فالدول المجاورة شعرت بآثار الطوفان، سواء من خلال المظاهرات الشعبية أو التحركات السياسية الداعمة للقضية الفلسطينية. هذا الزخم الشعبي والسياسي أصبح يضغط بشكل غير مسبوق على الأنظمة الحاكمة، مطالبًا بمواقف أكثر حسمًا تجاه الأزمة.

 

ما يجري اليوم هو أكثر من مجرد صراع حدودي أو ديني، فهو صراع على مستقبل المنطقة بأسرها. الطوفان الذي أحدثته الأحداث في الأقصى تجاوز مسألة الاحتلال، ليصبح معركة إقليمية ودولية تتداخل فيها المصالح والتوازنات. الدول الكبرى أصبحت تراقب عن كثب، وبعضها يسعى للاستفادة من هذه الطوفانات المتلاحقة لإعادة رسم الخريطة السياسية للشرق الأوسط وفق رؤاها الخاصة.

 

إيران، على سبيل المثال، ترى في هذا الطوفان فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي من خلال دعمها للفصائل المسلحة التي تعتبر نفسها خط الدفاع الأول عن القدس. وفي المقابل، نجد أن دولًا عربية عديدة تسعى إلى تجنب الوقوع في فخ الصدام المباشر، محاولة إيجاد حلول دبلوماسية تُبقي على استقرار أنظمتها من جهة، وتعبر عن دعمها للقضية الفلسطينية من جهة أخرى.

 

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستكون هذه الطوفانات المتلاحقة نقطة تحول جذري في مسار القضية الفلسطينية، أم أنها ستستنزف المنطقة في حروب وصراعات جديدة تزيد من تعقيد المشهد؟ من الواضح أن الوضع الحالي لا يبشر بتهدئة قريبة، بل على العكس، يبدو أن المنطقة ماضية نحو مزيد من التصعيد.

 

في هذا السياق، لا يمكن إغفال دور القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة وروسيا، اللتين تحاولان إدارة الصراع من خلال دعم الأطراف المختلفة بما يتناسب مع مصالحهما. ومع كل محاولة لاحتواء الأزمة، يظهر طوفان جديد يعيد الأمور إلى نقطة الصفر، مما يجعل الحلول الدبلوماسية بعيدة المنال في الوقت الحالي.

 

يبدو أن طوفان الأقصى قد فتح الباب أمام سلسلة من الطوفانات السياسية والعسكرية التي قد تعيد تشكيل المنطقة. فما يحدث اليوم في غزة ولبنان واليمن والعراق، هو أكثر من مجرد مواجهة مؤقتة، إنه مخاض طويل سيحدد ملامح مستقبل الشرق الأوسط لعقود قادمة.

 

ان عملية “طوفان الأقصى” رغم أنها كانت تعبيراً عن غضب شعبي ودعماً للقضية الفلسطينية، قد تسببت في خسائر جسيمة لقطاع غزة. فبينما كان الهدف المعلن هو الدفاع عن الأقصى والقدس، انتهت العملية بخسارت غزة والقدس !! وتكثيف الهجمات على غزة وتدمير البنية التحتية وتشريد أهلها.

 

ربما السؤال الأهم هو: هل كانت هذه العملية قادرة فعلاً على تحقيق تغيير ملموس في المعادلة القائمة؟ حتى اللحظة، يبدو أن الكلفة البشرية والمادية التي دفعها سكان غزة أكبر بكثير من أي مكاسب سياسية أو استراتيجية. وفي الوقت ذاته، لم يتحقق الوصول إلى الأقصى أو تغيير الوضع الراهن في القدس بشكل حقيقي .

إسرائيل استخدمت العملية لتبرير طوفانات عسكرية أكبر، ليس فقط عبر القصف المكثف على غزة بل أيضًا بزيادة الضغط على الأطراف الإقليمية والدولية لتبرير توسع سياساتها العدوانية. هذه المبررات تمنحها الضوء الأخضر للمزيد من التدخلات العسكرية والأمنية وتكريس الحصار على غزة، وتعزيز نفوذها بالمنطقة وفرض سيطرتها على القدس والمناطق الفلسطينية الأخرى .

التعليقات معطلة.