{المنطقة ستدخل مرحلة “الرد على الرد” بين إسرائيل وإيران}

22

 

 

في ضل التصعيد المتبادل يبدو أن المنطقة تتجه نحو مرحلة جديدة من الصراع العنيف بين إسرائيل وإيران، مرحلة قد تُعرف بـ”الرد على الرد”. وبينما يسعى كلا الطرفين للحفاظ على النفوذ وتعزيز قوتهما الإقليمية، فإن التوترات الحالية تمثل تهديدًا للأمن الإقليمي والعالمي، مع تداعيات تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الدولتين.

 

سياق التصعيد

 

شهدت السنوات الأخيرة مجموعة من الأحداث التي أشعلت فتيل الصراع بين إسرائيل وإيران. تركزت التوترات حول برنامج إيران النووي ودعمها للفصائل المسلحة في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان وحماس في غزة. بالنسبة لإسرائيل، يمثل النفوذ الإيراني تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، إذ ترى في البرنامج النووي الإيراني سلاحًا محتملاً بيد عدوها الإقليمي الأكبر.

 

في المقابل، تعتبر إيران أن إسرائيل تمثل تهديدًا لمصالحها ونفوذها في المنطقة، وتصر على دعم حلفائها الإقليميين كخط دفاع أمام أي هجمات محتملة. ومع تصاعد هذه النزاعات، تحولت بعض الفصائل المدعومة من إيران إلى أدوات لردع إسرائيل، عبر تهديداتها المباشرة وغير المباشرة.

 

التصعيد إلى “الرد على الرد”

 

مع زيادة الهجمات المتبادلة، سواءً عبر الغارات الجوية أو العمليات الاستخباراتية، أصبحت استراتيجية “الرد على الرد” هي النهج الذي يتبعه الطرفان. إسرائيل، بدورها، تستهدف مواقع وقواعد تابعة للحرس الثوري الإيراني داخل سوريا، وتكثف ضرباتها في مواقع يُعتقد أنها تستخدم لتخزين وتطوير الأسلحة المتقدمة. في المقابل، تعمل إيران على تعزيز قدراتها وتوفير دعم أكبر لحلفائها في المنطقة، كجزء من استراتيجيتها الرادعة ضد أي هجوم محتمل من إسرائيل.

 

تعتبر هذه المرحلة الجديدة تحولًا نوعيًا في الصراع، حيث أن كل ضربة تُقابل بضربة أخرى في سلسلة من الردود المتلاحقة، الأمر الذي يجعل الصراع أقرب إلى دورة لا تنتهي، تتجه نحو تصعيد مفتوح ومعقد، ويزيد من صعوبة التوصل إلى حلول دبلوماسية أو تهدئة طويلة الأمد.

 

 

تداعيات الصراع الإقليمي

 

تتجاوز تداعيات هذا الصراع الحدود الإيرانية الإسرائيلية، حيث تؤثر بشكل مباشر على استقرار دول أخرى، مثل لبنان وسوريا، وتزيد من حدة التوترات الطائفية والسياسية. إضافة إلى ذلك، يهدد الصراع بتعميق الانقسام بين القوى الإقليمية الكبرى، حيث تحاول كل من الولايات المتحدة وروسيا إدارة هذه الأزمة وفق مصالحها الخاصة.

 

ماتداعيات ذلك على العراق

 

من المتوقع أن يواجه العراق تداعيات مباشرة وغير مباشرة من التصعيد بين إسرائيل وإيران، نظرًا لموقعه الجغرافي وعلاقاته الإقليمية والدولية المعقدة. العراق يُعتبر ساحة نفوذ هامة لإيران، ويحتضن عدة فصائل مسلحة موالية لطهران، مما يجعله عرضةً لأن يكون جزءًا من التصعيد، سواء عبر استهدافه من قِبَل إسرائيل أو ضغوطات دولية للحد من النفوذ الإيراني.

 

العراق بين الضغوط الإيرانية والدولية

 

إذا تصاعدت المواجهات إلى مستوى أكثر حدة، فقد تجد إيران في العراق وسيلة للرد غير المباشر على إسرائيل، وذلك عبر الفصائل المسلحة. هذه الفصائل قد تلجأ إلى التصعيد ضد مصالح إقليمية أو دولية داخل العراق، ما يعرّضه لمزيد من عدم الاستقرار ويضع الحكومة العراقية في موقف حرج، حيث ستواجه ضغوطًا لاحتواء هذه الفصائل، وتجنب أي تصعيد قد يجعل العراق جزءًا من الصراع .

 

 

النتائج المحتملة

 

في ظل غياب أي مبادرة دولية فعالة لوقف هذه الهجمات المتبادلة، يظل السيناريو الأقرب هو استمرار “الرد على الرد”. ومع كل ضربة وضربة مقابلة، يصبح من الصعب التراجع أو التوصل إلى اتفاق. كما أن التوجه نحو تصعيد إضافي قد يدفع الطرفين نحو مواجهات أوسع وأكثر دموية، مما يجعل المنطقة برمتها على حافة الهاوية.

 

لكن في المقابل، هناك احتمال أن يدرك الطرفان أن هذه الاستراتيجية لن تحقق أي نتائج فعلية على المدى الطويل، مما قد يدفعهما إلى تبني سياسة ضبط النفس أو البحث عن حل سياسي. إلا أن هذا الاحتمال يبدو بعيدًا في ظل التصعيد المتزايد والمواقف المتشددة من الجانبين.

 

 

بينما تدخل المنطقة مرحلة الرد على الرد، يبدو أن الصراع بين إسرائيل وإيران يتخذ مسارًا لا رجعة فيه، حيث تسعى كل من الدولتين إلى إظهار قوتها والتأكيد على استراتيجيتها في الشرق الأوسط. هذا التصعيد المستمر قد يكون نذيرًا لفصل جديد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، مما يترك الباب مفتوحًا أمام مزيد من التوترات في ضل غياب الجهد الدولي نحو الحل .

التعليقات معطلة.