كتب / محمود الهاشمي
انها المرة (الاولى ) التي يجد فيها الناخب الاميركي حرجا كبيرا في انتخاب اي من المرشحين ..
انتخابات (٢٠٢٤-٢٠٢٥) هي غيرها عن الانتخابات السابقة التي جرت منذ عام 1789في الولايات المتحدة حيث ان تراكم الخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي وصلت ذروتها ،
ولم يعد المواطن يثق بالشخصيات المرشحة ولابتداول السلطة (السلمي) وهو بين امرين لا ثالث لهما اما ان ينتخب كامالا هاريس المرشحة عن الديمقراطي
والتي جاءت كـ (واقع حال) بعد (اكراه) بايدن على الخروج من معادلة الترشيح ولم يجدوا أمامهم سوى (امرأة ) سوداء من أصول مختلطة بين أفريقيا واسيا لا عهد لها طويلا لها بالسياسة
مرشح جمهوري آخر متعصب سريع الغضب اشبه بزعيم عصابة يشتمّ ويتهم ويهاجم ويقذف بأبشع العبارات خصومه وأقل وصف لانصار (الديمقراطيين الملونين) “امريكا باتت سلة قمامة ”
وتبعه بايدن بالرد بوصف اتباع الجمهوري بـ (القمامة) فيما يعيش انصار الحزبين حالة من التوتر والتشكيك بالأخر ونتائج الانتخابات (مسبقاً)والذهاب الى خيارات عديدة في بلد هو الأكثر امتلاكا للسلاح الشخصي بالعالم وأكثر بلد فيه متشردون (٥)ملايين متشرد دون مأوى والأكثر تنوعا قوميا ..
يقول الرئيس الاميركي اوباما في مذكراته (“قضية العرق بمثابة خيط لا يمر بين صفحات الكتاب فحسب، وإنما خلال رئاستي أيضا. إنها تمثل أحد خطوط الصدع المركزية في التاريخ الأمريكي،
إنها خطيئتنا الأصلية” والرئيس ترامب الذي رفع شعار (امريكا اولاً) في رئاسته الاولى
ويرى بالملونين (غير البيض)دخلاء على امريكا ويجب طردهم ،وذهب يومها للبحث عن أموال لتشييد جدار عازل على الحدود الأمريكية المكسيكية حتى لايدخل المكسيكيون الذين سرعان مايصوتون للديمقراطي ..
امس نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالًا للمعلق شادي حميد، قال فيه: “أن أمريكا بلدٌ منقسم، والنزاع محتوم، .
وإذا كان أنصار ترامب قد هاجموا للكابيتول بسبب عدم فوز مرشحهم بالانتخابات السابقة فكيف سيتعامل هؤلاء (الانصار )مع مؤسسات الدولة فيما لو لم يفز خاصة وان الاستبيانات تشير إلى تقارب النتائج بين المرشحين؟..
وبحسب التقارير الأخيرة، فان نسبة 5% من البالغين الأمريكيين باتت السياسة تدفعهم للتفكير بالانتحار. وقد عوّلَ ملايين الأمريكيين على انتخاب بايدن، وإمكانية تصحيح المسار، ومنح مظهر من العادية على الأمور بعيدًا عن سنوات ترامب. لكن بايدن العجوز ، أعيا الناس ودعاهم للملل لفشله في اكثر القرارات وخاصة (الحرب بغزة )واستسلامه للحكومة اليمينية الاسرائيلية.
المشكلة أن دونالد ترامب لم يمثل حزباً سياسياً يشارك بالانتخابات بقدر ما يُمثل تيارات اجتماعية متعددة وقوية.
كلمة “متعددة” هنا مهمة.
ذلك لأن أهم نجاح لترامب في جمعِه تيارات مختلفة وراءه .. تيارات ليس لها فقط مصالح مختلفة، ولكن أيضاً أفكار وتصورات متضاربة، وهو خارج التقاليد العامة للسياسة الأمريكية فهو يرى باوربا (عجوزا) وليس سندا ويرى بحلف الناتو (عبأً) ماليا على امريكا ،وشعاره (المال مقابل الأمن) اي انه يرى في الجيش الإمريكي (شركة أمنية)لا غير.
ويرى بالدولة مجرد راع لقطاعات الاقتصاد الأمريكيولا تتدخل بشؤونها ،واهتم بمجموعات واسعة في أسفل الطبقة الوسطى، خاصة من ذوي البشرة البيضاء، الذين يرون في التغيُرات الاقتصادية في الولايات المتحدة في العقدين الماضيين إفقارا لهم وتراجعاً لمستويات معيشتهم. وعليه يريدون سياسات داخلية وتوجهات خارجية ضد تلك التغيُرات الاقتصادية..
ترامب سيعمل على تحويل مؤسسات الدولة لخدمة المجاميع التي أمنت به وليس للجميع لذا سيطرد اي شخصية كانت لها علاقة بالحزب الديمقراطي فالدولة برأيه لانصاره ..
وإذا كان (المال السياسي )تحت النظر بالانتخابات الأمريكية، فمنذ قرارات المحكمة العليا الأمريكية عام 2010 والتي رفعت كثيرا من القيود عن تمويل الحملات الانتخابية،
فباتت (فئة قليلة من أصحاب المال والنفوذ) تهدد بتدمير صمامات أمان الديمقراطية بعد أن بات كبار الأثرياء والشركات يضربون صغار المتبرعين في الصميم، مما جعل البعض يتحدث عن البلوتوقراطية أي حكومة يسيطر عليها الأثرياء، وأسست لها قرارات المحكمة العليا عام 2010 باسم حرية التعبير.
وليس غريبا حين دفع الملياردير اليهودي شيلدون أديلسون إمبراطور القمار و”صانع الملوك” الذي نقل سفارة أمريكا إلى القدس بعد أن دفع الى حملة ترامب السابقة مبلغ ٤٠ مليون دولار مقابل نقل السفارة الأمريكية الى القدس وفعلها ترامب ..
وفقا لذلك فقدت الولايات المتحدة استراتيجيتها (التقليدية )لتذهب الى قرارات
مصدرها (المال المظلم )كما يسمى بامريكا ..
باختصار إذا لم يفز ترامب نتوقع أن تبدأ على الفور حالة من الهيجان والفوضى لأنصاره، الذين وصفهم بايدن بأنهم «قمامة».
قد ينظمون مسيرات وعصيانا مدنيا واعتداءات وخلق حالة من الفوضى، فإذا حصل الفشل، وبإشارة من ترامب، سينزلون إلى الشوارع.
ولكن إذا فاز ترامب فالأمور لن تكون وردية، أو أن كل شيء سيسير على ما تتمناه غالبية الشعب الأمريكي.
عندها ستكون الديمقراطية الأمريكية نفسها مهددة. فسيعمل أولا على استحواذ مزيد من الصلاحيات، التي سيستخدمها ضد خصومه ومن اتهموه بالفساد وأوصلوه لصالات المحاكم. إنه يعتبر كل تلك التهم والمحاكمات والإدانات مؤامرات..
اما ماذا وكيف ستكون السياسات الخارجية فذلك محفوف بمخاطر لايعلمها إلا الله ..