ماذا جنى العرب والمسلمون من قممهم الفاشلة؟

14

 

 

تتالت على مدى عقود قمم عربية وإسلامية عديدة، تزينت بالشعارات الرنانة والتصريحات الداعمة للقضايا المشتركة، إلا أن نتائجها على أرض الواقع كثيراً ما كانت مخيبة للآمال، فما الذي حققته تلك القمم بالفعل؟ وهل كانت حلاً حقيقياً لمشاكل الأمة أم مجرد تظاهرات سياسية بلا فعالية؟

 

القمم العربية: أحلام الوحدة وصدمات الواقع

 

منذ تأسيس جامعة الدول العربية عام 1945، كان الهدف الأساسي هو توحيد الصف العربي وتنسيق الجهود لمواجهة التحديات المشتركة. ومع ذلك، نجد أن القمم العربية لم تسفر عن خطوات عملية حقيقية. فقد كانت هذه القمم غالباً تجتمع لبحث الأزمات والصراعات بين الدول العربية نفسها، فيما بقيت المشاريع المشتركة حبراً على ورق، وظلت الشعوب تعاني من تشرذم العلاقات وتضارب المصالح.

 

بينما تتوالى التحديات الكبرى مثل القضية الفلسطينية، والأزمات الاقتصادية، والتدخلات الأجنبية، تتكرر خيبات الأمل في كل مرة. كل قمة ترفع شعارات جديدة وتتبنى مقررات وخطط، إلا أن التنفيذ الفعلي يبقى بعيد المنال، مما دفع البعض للتساؤل: هل هذه القمم مجرد إضاعة للوقت والمال؟

 

القمم الإسلامية: وحدة غائبة وتضارب في الأولويات

 

من جانب آخر، تشكلت منظمة التعاون الإسلامي عام 1969 بهدف الدفاع عن حقوق المسلمين وقضاياهم في مختلف أنحاء العالم. كانت تطلعات المسلمين كبيرة بأن تكون هذه المنظمة هي المظلة التي توحدهم في وجه التحديات الخارجية والداخلية. ومع ذلك، ورغم انعقاد العديد من القمم، لم تحقق المنظمة أهدافها بالقدر المطلوب. فما تزال الدول الإسلامية متباعدة في مواقفها وسياساتها، ويغلب عليها التنافر أكثر من التعاون.

 

لقد شاهدنا دولاً إسلامية تتخذ مواقف متعارضة في الصراعات الإقليمية، بل حتى تقاتل بعضها البعض في حروب بالوكالة، دون أن يكون للقمم الإسلامية أي تأثير ملموس على الحد من تلك الصراعات أو توجيه الأطراف نحو الحوار وحل النزاعات سلمياً.

 

أسباب الفشل وتحديات الواقع

 

يرى البعض أن من أبرز أسباب فشل هذه القمم هو غياب الإرادة الحقيقية للتعاون، فالدول الأعضاء غالباً ما تغلب مصالحها الوطنية على المصالح المشتركة، ولا تحرص على تنفيذ التوصيات التي يتم الاتفاق عليها. كما أن التدخلات الأجنبية تشكل عائقاً أمام نجاح أي قمة عربية أو إسلامية، حيث تسعى بعض القوى الكبرى لتفريق الصفوف وإضعاف مواقف هذه الدول.

 

أيضاً، تعاني كثير من الدول من أزمات داخلية تجعلها غير قادرة على الالتزام بمواقف موحدة، حيث تكون أولوياتها في الغالب موجهة نحو استقرارها الداخلي. في ظل هذه الظروف، يبدو أنه من الصعب على القمم تحقيق تطلعات الشعوب العربية والإسلامية.

 

ما الذي يمكن فعله؟

 

لكي تتحول هذه القمم من تظاهرات سياسية إلى محركات فعلية للتغيير، لابد من العمل على عدة محاور:

 

1. تعزيز الثقة بين الدول الأعضاء، وإعادة النظر في الأولويات المشتركة.

 

 

2. بناء إرادة سياسية حقيقية تلتزم بالتوصيات وتنفذها على أرض الواقع.

 

 

3. التخفيف من التبعية الخارجية والسعي لتعزيز السيادة الوطنية.

 

 

4. إشراك الشعوب في صنع القرارات وضمان تنفيذها، بحيث يكون لها دور في مراقبة الأداء ومحاسبة المسؤولين.

 

يبدو أن القمم العربية والإسلامية لم تحقق حتى الآن تطلعات الشعوب بشكل كامل، بل باتت تمثل في أذهان الكثيرين مجرد لقاءات دورية تفتقر للتنفيذ والفعالية .

 

ورغم ذلك، يبقى الأمل معقوداً على وعي الشعوب العربية والإسلامية بضرورة التحرك والعمل الجاد نحو مغادرة واقعها المؤلم، والسعي لتحقيق تطلعاتها في مستقبل أفضل، بعيداً عن الشعارات الجوفاء والوعود غير المنفذة .

التعليقات معطلة.