شهدت الآونة الأخيرة ارتفاعاً هائلاً في شعبية استعمال الأدوية المستندة إلى مُركَّب “جي بي آل- 1” GPL-1 كـ”أوزمبيك”، “ويجوفي”، “مونجارو”، و”زيبباوند”، نظراً لقدرتها على مساعدة الناس في فقدان وزن كبير.
يتمثل أحد الأسباب في فاعلية تلك الأدوية بقدرتها على تقليل ما يُعرف بـ”الضجيج الغذائي” Food Noise، أي التفكير المستمر بالطعام الذي قد يعاني كثيرون منه.
ما هو الضجيج الغذائي؟
يشير مصطلح الضجيج الغذائي إلى الأفكار المستمرة والمتكررة حول الطعام التي تشغل عقلك حتى حينما لا تكون جائعاً فعلياً. وكذلك يظهر تعريفاً به يقدمه الدكتور راج داسغوبتا، الطبيب والمستشار الطبي الرئيسي لموقع “غراج جيم ريفيوز” Reviews Garage Gym المتخصص في نشر الدراسات العلمية. ووفق تعريف داسغوبتا، فإن الضجيج الغذائي يتجسّد بذلك “الشعور المزعج الذي يستمر في لفت انتباهك إلى الوجبات الخفيفة أو الأطعمة أو الرغبات. أحياناً يكون مرتبطاً بالتوتر أو العواطف، وقد يحدث أيضاً عندما تكون إشارات الجوع في جسمك غير متوازنة”.
وقد يؤثر هذا الضجيج على حياتك اليومية، مما يؤدي إلى إفراطك في تناول الطعام أو اتباع أنماط غذائية غير صحية. وغالباً ما يأتي ذلك الضجيج نتيجة عوامل نفسية أو فسيولوجية.
في المقابل، يمكن لأدوية GLP-1 تقليل شدة تلك الأفكار. ويعود ذلك وفق داسغوبتا إلى أنها “تجعلك تشعر بالشبع لفترة أطول، وتبطئ عملية خروج الطعام من المعدة، وتقلل من الرغبة الشديدة في الأكل بفضل تأثيرها على أجزاء من الدماغ التي تتحكم في الشهية. باختصار، تساعد أدوية “جي بي آل- 1” على تهدئة الحديث المستمر في دماغك عن الطعام، مما يسهل التركيز على الأكل عند الحاجة الفعلية”.
في المقابل، فإن التكلفة المرتفعة والآثار الجانبية المحتملة قد تجعل استخدام أدوية GLP-1 خياراً غير مرغوب فيه بالنسبة إلى كثيرين.
في ذلك الصدد، ثمة طرق طبيعية عدة قد تساعدك في تهدئة “ضجيج الطعام” من دون الحاجة إلى أدوية، وتشمل ست حيل بسيطة في نمط الحياة ينصح بها خبراء الصحة، وفق ما نشر موقع Healthline.
1- تجنب الحميات الغذائية الصارمة والقاسية
تناول وجبات صغيرة ومتكررة وصحية على مدار اليوم. قد يساعدك ذلك في التحكم بإشارات الجوع، كما توضح بيكي مهر، أخصائية التغذية المسجلة ومديرة التغذية الخارجية في “مركز رينفرو” Renfrew Center الطبي.
وكذلك توصي بتناول مجموعة متنوعة من الأطعمة، بما في ذلك النشويات والبروتينات والدهون، وعدم الامتناع كلياً عن الأطعمة التي تحبها، شرط الاعتدال في تناولها.
ووفق مهر، فحينما “نحاول تجنب أطعمة معينة أو مهام معينة، فإننا نستمر بشكل طبيعي في التفكير المفرط بها أكثر مما لو تناولنا الطعام أو بدأنا في المهمة”.
وبالتالي، إذا رغبت في تناول تفاحة، فافعل ذلك. وكذلك الأمر مع اشتهائك قطعة من البسكويت. وقد تؤدي تلبية الرغبات الغذائية إلى تعزيز الشعور بالرضا أثناء تناول الوجبات اليومية وتقلل من احتمالية الإفراط في الأكل.
في السياق نفسه، تشير دراسة نشرها موقع “ساينس دايركت” Science Direct في العام 2024، إلى أن النساء اللواتي اتَّبعن أنماط الأكل الواعي كنّ أكثر عرضة لتحقيق استقرار في الوزن وأظهرن عادات أكل أقل اضطراباً.
2- زيادة تناول البروتين
تعمل أدوية “جي بي آل- 1” على إدامة الشعور بالشبع لفترة طويلة. وقد يتحقق تأثير مشابه من خلال تغييرات غذائية على غرار زيادة تناول البروتين في الوجبات اليومية.
تشير مراجعة علمية أجريت في عام 2022 ونشرها موقع “هيلث لاين”، إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتين قد تشكِّل استراتيجية فعّالة في فقدان الوزن.
ووفق ما أكَّده كريس موهر، دكتوراه وأخصائي تغذية ومستشار للياقة والتغذية في “فورتشين ريكومندز” Fortune Recommends، فإن “الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتين تساعد في إدارة الوزن وتقليل التفكير المستمر بالطعام.. إذ يُبقي البروتين على الإحساس بالامتلاء لفترة مديدة ويُقلل من الرغبة الشديدة في تناول الطعام”.
3- الإكثار من تناول المآكل المحتوية على الألياف
تُبطىء الأطعمة الغنية بالألياف عملية الهضم بشكل طبيعي. برأي كريس موهر أن “الأطعمة الغنية بالألياف تُقلل التفكير المستمر بالطعام من خلال إضافة الحجم إلى وجباتك، من دون سعرات حرارية إضافية. وكذلك تُبطئ عملية الهضم مما يساعد على التحكم في الجوع. وبالتالي، فإن إدخال الخضروات، الفواكه، الحبوب الكاملة، والبقوليات في نظامك الغذائي يفيد صحتك العامة، بما في ذلك إدارة الوزن وتقليل الرغبة الشديدة في تناول الطعام”.
كذلك أشارت دراسة صغيرة أُجريت في عام 2023على 72 شخصاً إلى وجود علاقة بين زيادة تناول الألياف الغذائية وفقدان الوزن. ودعمت هذه النتائج أبحاثاً ظهرت في عام 2019 شملت حوالي 350 شخصاً يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. وقد اقترحت أن تناول الألياف يرتبط بفقدان الوزن والالتزام بنظام غذائي منخفض السعرات الحرارية.
4- ممارسة التمارين الرياضية
لطالما اعتُبرت التمارين الرياضية توصية شائعة في تحسين الصحة، بما في ذلك فقدان الوزن والحفاظ عليه. ومع ذلك، فإن أحد الفوائد التي غالباً ما يجري التغاضي عنها، هي دور النشاط البدني في التحكم في الشهية والرغبات الغذائية.
ويوضح الدكتور داسغوبتا أنه ” يمكن للتمارين الرياضية أن تخفض شهيتك بشكل مؤقت عن طريق تقليل هرمونات الجوع وزيادة تلك التي تمنحك شعوراً بالشبع. وكذلك فأنها تساعد في التعامل مع التوتر، وهو غالباً ما يكون محفزاً كبيراً للرغبات الغذائية”.
5- السيطرة على التوتر
أشارت مراجعة علمية أجريت عام 2022إلى أن التوتر يمكن أن يؤثر بشكل كبير على سلوكيات الأكل، بما في ذلك الميل إلى الأطعمة الغنية بالدهون والسكر والسعرات الحرارية. ولفتت المراجعة الانتباه إلى بيانات حديثة تشير إلى أن الضيق النفسي وزيادة هرمونات الكورتيزول المرتبطة بالتوتر ،قد يرفعا إمكانية تراكم الدهون في منطقة البطن.
إنَّ التحكم في التوتر ضروري للصحة النفسية ولكنه أيضاً جزء مهم من إدارة الوزن وتحسين عادات الأكل.
ووفق بيكي مهر، “إن إدارة التوتر مهمة صعبة، لأنه يظهر يومياً وأحياناً بشكل مفاجئ”. كذلك أوصى مؤلفو دراسة ظهر في العام 2022 بممارسة تمارين التأمل المُتيقظ Mindful Meditation كأحد الحلول الممكنة في التعامل مع التوتر. وتتفق الطبيبة مهر تتفق مع هذه الفكرة، مشيرة إلى أن التركيز على الحاضر وإدارة ردود الفعل تجاه الضغوط قد يساعدان في تقليل تأثيرها السلبي على عادات الأكل.
6- نَمْ جيدًا
كشفت مراجعة أجريت في العام 2022 وتفحصت نصوص دراسات علمية متعددة، أن قلة النوم قد تسهم في مشاكل إدارة الوزن. وربط مؤلفو الدراسة بين انخفاض وكمية النوم وجودته، وبين زيادة تناول الوجبات الخفيفة، واستهلاك سعرات حرارية أعلى، خصوصاً من الأطعمة الغنية بالدهون والنشويات. وأشارت إلى دورٍ محتمل للهرمونات في ذلك الأمر.
وفي هذا الصدد، يشرح داسغوبتا أنه “حينما تتعب، تصبح هرمونات الجوع غير متوازنة، مما يجعلك تشعر بالرغبة في تناول مزيد من الطعام. بالتالي، حاول الحصول على ما يتراوح بين 7 إلى 9 ساعات من النوم الجيد وكذلك جرِّب تهدئة نفسك قبل النوم بأشياء مريحة”.