في تحول دراماتيكي غير مسبوق، شهدت سوريا سقوط نظام بشار الأسد بعد دخول المسلحين إلى قصر الشعب في دمشق، وفرار الأسد إلى جهة مجهولة خارج البلاد. هذه اللحظة التاريخية لم تكن مجرد نهاية حقبة ديكتاتورية، بل بداية سلسلة من التداعيات الإقليمية والدولية التي ستعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة، وخاصة مشروع إيران الطائفي الذي اعتمد على النظام السوري كأحد أركانه الرئيسية .
سقوط النظام: نهاية مرحلة وبداية أخرى
مع دخول المسلحين إلى العاصمة دمشق، انهار نظام الأسد الذي كان على مدى أكثر من عقد يعتمد على الدعم الإيراني والروسي للبقاء في السلطة. لم يستطع النظام الصمود أمام الغضب الشعبي المتزايد والانهيار الاقتصادي، رغم القمع الوحشي والمحاولات المستميتة من حلفائه لإنقاذه. فرار الأسد يضع نقطة النهاية لنظام لم يكن سوى أداة بيد القوى الإقليمية، خاصة إيران .
التداعيات الإقليمية على مشروع إيران الطائفي
1. فقدان سوريا كقاعدة استراتيجية:
لطالما كانت سوريا بمثابة الحاضنة الأمامية للمشروع الإيراني في الشرق الأوسط، حيث مثلت حلقة الوصل بين طهران وحلفائها، لا سيما حزب الله في لبنان. سقوط دمشق يعني تفكك هذا الرابط الحيوي، ما يجعل طهران تواجه تحديات غير مسبوقة في الحفاظ على نفوذها الإقليمي .
2. انهيار خطوط الإمداد:
بفقدان النظام السوري، تخسر إيران قاعدتها اللوجستية الرئيسية لنقل الأسلحة والذخيرة إلى حزب الله والفصائل المسلحة الأخرى. هذا سيؤدي إلى تراجع القدرات العملياتية لهذه الجماعات، مما يضعف النفوذ الإيراني في المنطقة .
3. تأثير داخلي على إيران:
الانهيار المدوي لحليفها الأهم في المنطقة يضع النظام الإيراني في مواجهة ضغوط داخلية متزايدة. الشعب الإيراني، الذي يعاني من أزمات اقتصادية خانقة، سيزداد استياءه من السياسة الخارجية للنظام التي استنزفت ثروات البلاد لصالح أنظمة حليفة، مثل نظام الأسد .
4. إعادة التوازن في المنطقة:
يمثل سقوط الأسد فرصة ذهبية للدول العربية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، وإنهاء النفوذ الإيراني في بلاد الشام. هذا التحول سيعيد التوازن الإقليمي ويضعف المشاريع الطائفية التي عملت إيران على تعزيزها لعقود .
المشهد بعد السقوط: إلى أين تتجه سوريا؟
السؤال الآن: ما هو مستقبل سوريا بعد سقوط النظام؟
داخلياً: ستواجه البلاد مرحلة انتقالية صعبة تتطلب توافقاً وطنياً لإعادة بناء الدولة بعيداً عن التجاذبات الطائفية والتدخلات الخارجية.
إقليمياً: ستسعى الدول العربية، بالتعاون مع المجتمع الدولي، لدعم استقرار سوريا ومنع أي فراغ سياسي قد تستغله التنظيمات الإرهابية أو القوى الإقليمية الطامحة .
دولياً: سيشكل هذا الحدث اختباراً لروسيا، التي فقدت أهم حليف لها في الشرق الأوسط، ولإيران التي ستضطر إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الإقليمية.
السقوط المدوي لنظام الأسد هو نقطة تحول كبرى في تاريخ المنطقة. هذا الحدث لا يمثل فقط نهاية نظام مستبد، بل بداية لتراجع مشروع إيران الطائفي الذي كان يعتمد على سوريا كنقطة ارتكاز أساسية. الآن، بات من الضروري أن تتكاتف الجهود العربية والدولية لضمان أن تكون سوريا الجديدة دولة موحدة، مستقرة، وبعيدة عن أي أجندات طائفية أو هيمنة خارجية .