“عبثًا تحاول إيران الصمود بوجه المعادلة الجديدة”

12

 

 

لم يعد خافيًا على أحد أن إيران تواجه واحدة من أصعب مراحلها منذ تأسيس نظامها الحالي عام 1979. فالتحولات الإقليمية والدولية السريعة أفرزت معادلة جديدة تُقلّص نفوذ طهران وتفرض عليها خيارات محدودة، في ظل تصاعد التحديات الاقتصادية، السياسية، والعسكرية. وعلى الرغم من محاولات النظام الإيراني التمسك بمواقعه ومكتسباته، تبدو جهوده أشبه بمحاولة الصمود في وجه عاصفة هوجاء لا يمكن التحكم بها .

 

المعادلة الجديدة: تغير قواعد اللعبة

شهدت المنطقة تغييرات استراتيجية كبرى في السنوات الأخيرة، أبرزها تصاعد التحالفات الإقليمية الجديدة التي تهدف إلى كبح النفوذ الإيراني. من تحالفات “اتفاقيات أبراهام” إلى مشاريع “الناتو العربي”، يبدو أن هناك إرادة إقليمية ودولية لإنهاء حقبة الهيمنة الإيرانية .

 

إضافة إلى ذلك، فإن تفاقم العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها أضعف قدرة إيران على تمويل أذرعها في المنطقة. ومع تضييق الخناق على وكلائها في العراق، سوريا، لبنان، واليمن، أصبحت طهران محاصرة بين خيارات محدودة، بينما تتزايد الضغوط عليها من الداخل والخارج .

 

محاولات الصمود: استراتيجية الإصرار على القديم

رغم كل المتغيرات، لا تزال إيران تتبنى استراتيجية المواجهة المفتوحة، مُصرّة على تعزيز نفوذها في المنطقة من خلال أذرعها المسلحة والدبلوماسية. طهران تراهن على الوقت، معتقدة أن تشتت القوى الدولية سيتيح لها فرصة لتعزيز مواقعها .

 

لكن هذه الرهانات تبدو غير واقعية. فالمعادلة الجديدة لا تترك مجالًا للمناورة. القوى الدولية، التي كانت تنظر يومًا إلى إيران كشريك محتمل، أصبحت تعتبرها تهديدًا يحتاج إلى احتواء سريع، خصوصًا مع تصاعد التوترات حول برنامجها النووي ودعمها المستمر للميليشيات المسلحة .

 

المصاعب الداخلية: عدو من الداخل

في الوقت الذي تحاول فيه إيران مواجهة التحديات الخارجية، تعاني أيضًا من أزمات داخلية خانقة. الاحتجاجات الشعبية، التي اندلعت مرارًا بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، تعكس حجم الغضب الشعبي تجاه سياسات النظام. الفجوة بين الشعب والنظام تتسع يومًا بعد يوم، ما يجعل من الصعب على إيران التركيز على مشاريعها الخارجية دون أن تفقد السيطرة في الداخل .

 

نهاية حقبة النفوذ الإيراني؟

إن المعادلة الجديدة التي تُرسم اليوم في الشرق الأوسط ليست مجرد تحدٍ لإيران، بل هي إعلان عن نهاية حقبة امتدت لعقود. النفوذ الإيراني الذي كان يومًا عاملًا مؤثرًا في المنطقة، بات اليوم عبئًا على النظام نفسه. الدول الإقليمية، بدعم دولي، أصبحت أكثر تصميمًا على مواجهة السياسات الإيرانية، ما يجعل من الصعب على طهران العودة إلى المعادلة القديمة .

 

عبثًا تحاول إيران الصمود في وجه المعادلة الجديدة التي أُعيد رسمها لتُضعف دورها وتحدّ من نفوذها. خيارات النظام الإيراني تتقلص يومًا بعد يوم، وسط ضغوط دولية وإقليمية متزايدة، وأزمات داخلية مستفحلة. المعركة لم تنته بعد، ولكن المؤشرات جميعها تشير إلى أن طهران باتت أمام مفترق طرق، حيث الصمود يبدو خيارًا مستحيلًا، والتغيير بات ضرورة حتمية .

التعليقات معطلة.