علاقة السكر مع أمراض القلب لا تقتصر على الكمية وحدها

1

من المعروف أن تناول كميات كبيرة من السكر مضرّ للصحة. لكن دراسة جديدة تشير إلى أن الأمر لا يقتصر  على كمية السكر المستهلكة، بل أيضاً مصدره ومدى انتظام استهلاكه.

من المعروف أن تناول كميات كبيرة من السكر مضرّ للصحة. لكن دراسة جديدة تشير إلى أن الأمر لا يقتصر  على كمية السكر المستهلكة، بل أيضاً مصدره ومدى انتظام استهلاكه.

وفقاً للبحث الذي نُشر قبل أيام قليلة في مجلة “فرونتييرز أوف بابليك هيلث” (Frontiers in Public Health )، فإن استهلاك كميات كبيرة من السكر المضاف يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو تمدّد الأوعية الدموية.

ومع ذلك، تبين أن تناول كميات قليلة من الحلويات بشكل متقطع ومتناثر، مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وفق ما نُشر موقع “هيلث لاين” Healthline.

من ناحية أخرى، أظهرت الدراسة أن تناول المشروبات المحلاة بالسكر مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وفشل القلب، والرجفان الأذيني (حالة تتسم بتسارع شديد في دقات القلب، وقد تصل إلى اضطراب شديد فيها. وقد تؤدي إلى درجة فشل عضلة القلب وتوقف عملها).

 

 

 

ما علاقة السكر المضاف بأمراض القلب؟

 

في سياق ذلك البحث، انكب الباحثون على تحليل بيانات مستخلصة من دراستين كبيرتين من النوع الذي يتابع أعداداً كبيرة من الأشخاص المتقاربي الأعمار، ويراقب مؤشراتها الصحية على مدار فترة طويلة من الزمن. ويُطلق على ذلك تسمية “دراسة الأفواج” Cohort Study . واسترجعت الدراسة- البحث، بيانات ترجع إلى دراستي أفواج تناولت النساء السويديات اللواتي يخضعن لمسوحات التصوير بالأشعة للوقاية من سرطان الثدي، وفيما شكَّل الرجال السويديون موضوع الثانية. 

وبالإضافة إلى الدراستين، دقّق الباحثون في دراسات أُجريت بين عامي 1997 و2009، واستُخدمت فيها الاستبيانات الصحية لدراسة أنماط التغذية ومؤشراتها.

بعد التأكّد من تلبية البيانات لنفس معايير الشمول واستبعاد عوامل الخطر المستقلة، شملت الدراستان حوالى 70 ألف شخص في الدراسة.

قسّم فريق البحث استهلاك الأفراد للسكر إلى ثلاث فئات هي الكميات المضافة بهدف التحلية، الحلويات، والمشروبات المحلاة.

وكذلك حدّدوا 7 أمراض قلبية [شملت السكتة الدماغية والنوبة القلبية وتخلخل عمل الصمامات]، وعملوا على تقصي علاقتها مع أنماط تناول السكر لدى الأفراد في الدراستين.  

وبالتالي، جرت متابعة المشاركين في الدراسة حتى وفاتهم، أو تشخيصهم بأحد الأمراض المستهدفة، أو حتى نهاية فترة المتابعة في عام 2019.

 

في المجمل، ، شُخّص حوالى 26  ألف فرد بأنهم يعانون أمراضاً في القلب والأوعية الدموية. استخدم الباحثون البيانات التي جمعوها لتحليل تأثير الأنماط المختلفة لاستهلاك السكر على خطر الإصابة بذلك النوع من الأمراض.

 

الحلويات والاستهلاك العرضي المتقطع

وبموجب نتائج البحث، ولَّدّت المشروبات المحلاة [العصائر والمشروبات الغازية…] الأثر السلبي الأكبر على الصحة، لجهة الإصابة بأمراض القلب والجهاز  الدوري. .

إلى جانب ذلك، تبيّن أن الاستهلاك المتكرر المرتفع للسكر المضاف بهدف التحلية، يسهم في زيادة خطر الإصابة بتلك الأمراض.

وفي المقابل، رصد الباحثون أن تناول الحلويات بشكل عرضي ومتقطع أعطى نتائج صحية أفضل من الامتناع التام عنها.

ولم يتمكن الباحثون من تفسير هذا التأثير بشكل دقيق، إلّا أنهم أشاروا إلى أن الأشخاص الذين لا يتناولون الحلويات على الإطلاق ربما اتَّبَعوا أنظمة غذائية شديدة التقييد أو عانوا مشاكل صحية أخرى. وبالتالي، يعتقد الباحثون أن هذه النتائج تشير إلى أن التقليل الشديد من تناول السكر قد لا يكون ضرورياً لتحقيق فوائد لصحة القلب والأوعية الدموية.

ماذا نعرف عن مقاومة الأنسولين؟

وفي هذا السياق، تناولت ميشيل روثنشتاين، اختصاصية التغذية المتصلة بأمراض القلب، سبب عدم ظهور فوارق بين تأثير الأنواع المختلفة من المشروبات المحلاة كالمشروبات الغازية، ونظيراتها المخصصة للطاقة، والشاي أو القهوة المحلاة. وبيّنت أن هذه المشروبات تحتوي على مؤشر مرتفع بالنسبة إلى الغلوكوز، ما يعني أنها ترفع مستويات السكر في الدم بسرعة.

وأشارت روثنشتاين إلى أن ذلك الارتفاع يؤدي إلى زيادة موازية في مستويات الأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن مساعدة الخلايا في امتصاص الجلوكوز وحرقه. وبالتالي، فإن تناول تلك المشروبات السكرية بشكل مستمر، قد يرهق قدرة الجسم على التعامل مع التدفقات العالية للسكر في الدم.

وفي مرحلة تالية، تسهم هذه الدائرة المتكررة من ارتفاعات السكر والأنسولين، في تكوّن ظاهرة مقاومة الأنسولين Insulin Resistance. وتتسم تلك الحالة بتخافت مطَّرد في استجابة خلايا الجسم لهذا الهرمون، بمعنى أنها تصبح بحاجة إلى كميات أكبر منه [بل إنها تتعاظم باستمرار] كي يدخل إليها ليتعامل مع السكر . 

وترى روثنشتاين أنه “مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تدهور في عملية التمثيل الغذائي للسكر. ويترافق ذلك مع زيادة تخزين الدهون، الالتهابات، وتلف الأوعية الدموية وغيرها. وتشكّل تلك العوامل كلها عناصر خطورة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية”.

 

في سياق متصل، أوضحت بهاراثي راميش، اختصاصية التغذية والباحثة السريرية في نيويورك، معنى مصطلح “العرضي” في تناول الحلويات، مشيرة إلى أنه يفيد بضرورة الاعتدال في تناول ذلك النوع من المآكل. وتفسر الاعتدال بعدم تناول الحلويات أكثر من مرّة أو مرّتين في الأسبوع. 

وفي ملمح متصل، توصي “الجمعية الأميركية للقلب” American Heart Association بالحفاظ على كمية السكر المضاف أقل من 10 في المئة من السعرات الحرارية اليومية.

وتستشهد راميش بتلك النصيحة كي تشير إلى أنه في نظام غذائي يحتوي على 2000 سعرة حرارية، يعادل ذلك أقل من 50 غراماً (حوالى 12 ملعقة شاي) من السكر المضاف يومياً. وتحتوي علبة صودا عادية سعة 12 أونصة، على ما يتراوح بين 35 و50 غراماً من السكر. وبالتالي هذا يتجاوز بالفعل توصية الجمعية الأميركية للقلب لمعظم الأشخاص.

ومع ذلك، يمكن أن تناسب الحصة الصغيرة، مثل 6 أونصات، التي تحتوي على 18-20 غراماً من السكر ضمن الحدّ المسموح به إذا تجنب الشخص معظم مصادر السكر الأخرى.

 

السكريات المخفية

بالاستناد إلى ذلك، تنصح راميش بضرورة البحث عن السكريات المخفية الموجودة عند شراء المشروبات المحلاة، كالقهوة المنكهة، مشروبات الطاقة، وعصائر الفاكهة. وتشدّد على أن السكر المتخفي في تلك المشروبات  يؤدي بسرعة إلى تجاوز الكميات المسموح بها. 

وفي هذا السياق، اقترحت راميش اختيار الماء، أو الشاي غير المحلى، أو المشروبات التي لا تحتوي على سكر مضاف؛ للمساعدة في الحفاظ على التوازن مع السماح بالاستمتاع ببعض الوجبات الخفيفة بين الحين والآخر.

أما بالنسبة للحلويات، فقد ذكَّرت راميش بضرورة الانتباه إلى أحجام الحصص لتجنب تجاوز الحدّ المسموح به للسكر المضاف، وفقاً لتوصيات “الجمعية الأميركية للقلب”.

وأشارت راميش إلى أن ممارسة الرياضة بانتظام واتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة،  تساعد في تقليل الآثار السلبية المحتملة للحلويات السكرية حينما يُصار إلى تناولها بين الحين والآخر.

التعليقات معطلة.