جاسم الحلفي
الأمنية الاولى: ان يكون عام ٢٠١٨ عام القضاء على الفساد!
أنجز العراق قبل نهاية عام ٢٠١٧، انتصارا عسكريا باهرا على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وتحقق هذا بعد ثلاث سنوات من سيطرة التنظيم الدامية على ثلث مساحة العراق، مارس خلالها أبشع الجرائم وأنكرها. لكن فرحة العراقيين لم ولن تكتمل الا بالنصر الشامل على كل مسببات الإرهاب، وفي مقدمتها الفساد. اذ ما كان يمكن للإرهاب ان يصل الى شارع واحد من شوارع مدننا العزيزة لولا الفساد الذي نخر في الدولة. لهذا يتطلع العراقيون الى انطلاق المواجهة الحقيقية للفساد. فما نشهده اليوم على هذا الصعيد، هو اقوال دون أفعال، باستثناء محاكمة فاسدين صغار، وبعض مسؤولين هنا وهناك، بينهم محافظون وامناء للعاصمة سابقون. وقد صدرت في حقهم احكام مخففة عموما، لا ترتقي الى حجم ما اقترفوا، فيما شمل قسم منهم بقانون العفو العام، الذي يبدو وكأنه شرع لإنقاذ من ثبتت عليه ممارسة الفساد!
الأمنية الثانية: حصول المواطن على الخدمات!
انطلقت التظاهرات في أواسط عام ٢٠١٥ احتجاجا على نقص الخدمات، وكانت الحاجة الى الكهرباء هي العنوان الأبرز للاحتجاجات. وعادت هذه الحاجة لتشكل العنوان نفسه في تظاهرات عام ٢٠١6. ومع انتهاء عام ٢٠١٧ يبقى عنوان الاحتجاجات هو ذاته: الحق في الحصول على الكهرباء. لكن هذه المرة ضد خصخصة جبايتها، وبكلمة ادق ضد التعرفة الباهظة التي حُددت لها، والتي لا تتلائم مع مداخيل العوائل العراقية، بل تضيف اعباء مالية لا تقدر على تحملها. لذلك تصاعدت حدة الاحتجاجات، وشملت معظم المدن التي اريد تطبيق الخصخصة فيها. انها تعرفة خدمة مكلفة، خاصة وان المنتج والناقل هو قطاع الدولة. فكم ستبلغ ياترى لو تمت خصخصة انتاجها ونقله؟ ويبدو ان هذا هو ما تتضمنه اجندة المتنفذين وينتظر التنفيذ! وليس لنا ان نستغربه ونحن نرى الخصخصة بصورها المتطرفة قد امتدت الى اهم قطاعين في حياتنا وبدأت بقضمهما شيئا فشئيا، وأعني قطاعي التعليم والصحة، حيث لا يحصل على الخدمة الا من يملك ويدفع، والويل للفقير الذي لا يملك ليدفع، فعاقبته الامية والجهل والمرض والمستقبل المجهول!
الأمنية الثالثة: ان نرى عالما اكثر عدلا.
ودع العالم عام ٢٠١٧ بقرار اهوج من الرئيس الأمريكي ترامب يقضي بنقل سفارة بلاده الى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل. وجاء هذا القرار في تحد فظ للإرادة الدولية، لم يقدم عليه اكثر الرؤساء الامريكان السابقين تطرفا، وهو يعكس العنجهية الامريكية بابشع صورها. وقد جوبهت هذه الخطوة برفض الرأي العام الدولي، الشعبي والرسمي. ولم يصوت في الجمعية العامة للأمم المتحدة تأييدا لها بجانب ممثلة الولايات المتحدة الامريكية غير بضع دول غير معروفة. فيما انفضح سجل العار لسلطات القمع الاسرائلية، التي اعتقلت الصبية الفلسطينية عهد التميمي، هذه اليافعة التي صارت احد رموز مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، بعد ان بهرت العالم بشجاعتها ودفاعها عن ارض فلسطين وتحديها لسلطات الاحتلال. فكان ان انطلقت حركة تضامن كبرى من اجل اطلاق سراحها، لتشمل طيفا واسعا من الرأي العام الدولي. وعكس ذلك في احد جوانبه الرغبة الشعبية العارمة دوليا في رؤية العدل يسود العالم.