في ظل تراجع الإسلام السياسي.. يُعاد إحياؤه من جديد، لماذا؟

14

 

الجزء الاول

 

شهد العالم العربي خلال العقود الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في نفوذ الإسلام السياسي، حيث فقدت العديد من الأحزاب والجماعات المرتبطة به شعبيتها وقوتها السياسية نتيجة الأزمات الداخلية والصراعات الإقليمية. لكن في الوقت الذي توقع فيه الكثيرون أفول نجم هذا التيار، نشهد اليوم محاولات لإحيائه من جديد في عدة دول، مما يطرح تساؤلات حول الأسباب والدوافع وراء هذا الإحياء .

الإسلام السياسي: من الصعود إلى التراجع

برز الإسلام السياسي كقوة مؤثرة في المشهد السياسي العربي منذ النصف الثاني من القرن العشرين، حيث قدم نفسه كبديل سياسي واجتماعي في مواجهة الأنظمة الشمولية والاستبداد. لكن هذا الصعود واجه تحديات كبيرة، أبرزها:

1. فشل تجربة الحكم: أثبتت تجارب العديد من الأحزاب الإسلامية، مثل “الإخوان المسلمين” في مصر أو “حزب النهضة” في تونس، عدم قدرتها على تقديم حلول عملية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.

2. الصراعات الداخلية: تسببت الخلافات الداخلية بين قيادات هذه الجماعات في تفكيكها وإضعاف تأثيرها .

3. التغيرات الدولية: دفعت الضغوط الدولية، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، إلى تصعيد المواجهة مع الحركات الإسلامية.

محاولات الإحياء: الأسباب والدوافع

رغم التراجع، فإن إحياء الإسلام السياسي يبدو مدفوعاً بعدة عوامل:

1. التغيرات الإقليمية والدولية: الاضطرابات المستمرة في الشرق الأوسط، مثل الأزمات في سوريا والعراق واليمن، خلقت فراغاً سياسياً استغلته الحركات الإسلامية لإعادة تنظيم صفوفها وتقديم نفسها كقوة بديلة .

2. التحولات الاجتماعية: مع تصاعد الإحباط بين الشباب العربي بسبب الفقر والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية، يجد الإسلام السياسي قاعدة جديدة من المؤيدين بين الفئات المهمشة.

3. التوظيف السياسي: تستخدم بعض الأنظمة الإسلام السياسي كأداة لتحقيق مصالحها الإقليمية أو كوسيلة لتخفيف الضغوط الداخلية من خلال تصعيد الخطاب الديني .

4. الدعم الخارجي: تلعب بعض الدول الإقليمية دوراً في تمويل ودعم الحركات الإسلامية لتعزيز نفوذها في المنطقة، مما يمنحها القدرة على الاستمرار .

الإسلام السياسي: إلى أين؟

رغم محاولات الإحياء، فإن مستقبل الإسلام السياسي يواجه تحديات كبيرة. تغير الوعي الشعبي وزيادة المطالبة بحكومات مدنية وعدالة اجتماعية قد تجعل من الصعب على هذا التيار العودة إلى الصدارة. ومع ذلك، يظل الإسلام السياسي حاضراً كأداة مؤثرة، سواء في سياقات سياسية أو اجتماعية أو حتى ثقافية.

إن إحياء الإسلام السياسي في ظل تراجعه يثير تساؤلات حول الغايات الحقيقية وراء ذلك. هل هو محاولة لإعادة تقديم المشروع الإسلامي بطريقة تتناسب مع المتغيرات الجديدة؟ أم أنه مجرد استغلال مرحلي لخدمة أجندات داخلية وخارجية؟ الإجابة على هذا السؤال تعتمد على مسار الأحداث، ولكن المؤكد أن الإسلام السياسي سيظل جزءاً من المشهد العربي، وإن اختلفت أشكاله وأساليبه .

التعليقات معطلة.