سرطان القولون مرتبط بالالتهاب وبالنظام الغذائيّ غير الصحّي… وهناك أطعمة تقينا منه

1

 كشف تحليل جديد لأورام سرطان القولون والمستقيم عن احتوائها على مستويات عالية من الالتهابات، مع عدم وجود الآليات التي تعمل على التصدّي لها.

تشير هذه النتائج إلى أن الالتهاب المزمن قد يلعب دوراً رئيسياً في تطور ذلك النوع من السرطان وانتشاره. هذا الفهم الجديد يمكن أن يفتح الباب أمام إستراتيجيات علاجية تستهدف الالتهاب كجزء من خطط العلاج المستقبلية، سواء من خلال أدوية مضادة للالتهاب أو من خلال تعزيز آليات الجسم الطبيعية لمكافحته.

 

نُشرتْ هذه الدراسة في 10 كانون الأول (ديسمبر) 2024 في مجلة “غات” Gut. وشملت فحص 162 عيّنة أُخذت من أورام سرطان القولون والمستقيم. وأظهرت النتائج أنّ تلك العينات لا تحتوي على المؤشرات التي تدلّ على تصدّي الجسم للالتهابات.

 

وبالتالي، اقترح الباحثون استخدام المقاربات المعتَمَدة في الطب الشفائي  (Resolution Medicine) كخيار علاجي لسرطان القولون والمستقيم. وتركز مقاربات الطب الشفائي على تفكيك آليات الالتهابات، ما يؤدي إلى التخلص منها، مع تعزيز استعادة آليات الشفاء الطبيعية من الحالات الالتهابية، وفق ما نُشر في موقع “هيلث لاين” Healthine.

كذلك أشاروا إلى أنّ النظام الغذائي الغربي التقليدي مرتبط بشكل قوي بالالتهابات المزمنة، ما يساهم في تطوّر سرطان القولون وتقدّمه.

وفي هذا السياق، أوضح الدكتور جيفري باكل، اختصاصي أورام الجهاز الهضمي في “جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو”، أنّ هذه النتائج قد توَسِّع المعرفة العلمية بالسرطان والالتهابات.

 

وكذلك رأى أن هذه “الدراسة المثيرة للاهتمام تُسلط الضوء على دور التغيرات الالتهابية في سرطان القولون والمستقيم. وتوضح صورة أولى كيفية نشوء الالتهاب داخل الأورام وحولها“.

 

وكذلك تستكشف الدراسة الطرق التي يوضَع فيها الالتهاب كهدف في علاج السرطان في المستقبل.

ووفق باكل “لطالما اشتبهنا في وجود صلة بين الالتهاب والسرطان، لكننا نعرف القليل عن الآليات الكامنة وراء هذه العلاقة. لذلك تُضيف هذه الدراسة إلى مجموعة متزايدة من الأبحاث التي تشير إلى أن الالتهاب قد يؤدي دوراً مهماً في تطور السرطان”.

 

خطورة الأطعمة المُصنَّعَة بشكل فائق

 

في الولايات المتحدة، تشكّل الأطعمة المُعالجة صناعياً بشكل فائق، أكثر من 50 في المئة من السعرات الحرارية اليومية التي يتناولها البالغون. وتشمل تلك الأطعمة الأيس كريم ولحم الخنزير والنقانق والبسكويت والويسكي والجن والرُّم واللبن الرائب (الزبادي) المُنَكَّه بطعم الفواكه ورقاقات الحبوب المُعدّة للفطور وغيرها. تُعتبر هذه الأطعمة عاملاً رئيسياً في تعزيز الالتهابات في الجسم، وبالتالي فإنها ترتبط بشكل وثيق بتطور أمراض مزمنة، بما في ذلك سرطان القولون.

 

تشرح كريستين كيركباتريك، أخصائية التغذية في قسم العافية والطب الوقائي في “كليفلاند كلينيك” في أوهايو، أن “هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن تزيد خطر الالتهاب الذي يقف في أساس عدد من الأمراض، بما في ذلك السرطان”. ونصحت بالابتعاد عن الأطعمة المعالجة صناعياً بشكل فائق،  معتبرة أن ذلك “أمر منطقي في ضوء نتائج الدراسة”.

 

في مسار متصل، أوضح الدكتور وائل حرب، اختصاصي أمراض الدم والأورام في “معهد ميموريال كير للسرطان” في كاليفورنيا، أن الأطعمة الفائقة التصنيع تؤدّي إلى الالتهابات المزمنة، وتقمع مناعة الجسم، ما “يخلق بيئة مناسبة لتطوّر السرطان وتقدّمه“.

كيف يؤثّر النظام الغذائيّ على خطر الإصابة بالسرطان؟

على مدار سنوات عدّة، أكد خبراء الصحة أن النظام الغذائي الغربي التقليدي قد يزيد خطر الإصابة بعدد من أنواع السرطان. ويضاف إلى ذلك، أن النظام الغذائي مهم للإنسان قبل وأثناء وبعد علاج سرطان القولون والمستقيم.

 

وكذلك ربطت مجموعة من الأطعمة الفائقة التصنيع، بما في ذلك حبوب الإفطار المحلاة والحلوى والخبز الأبيض ورقائق البطاطس المقلية؛ بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب، والسرطان. ويضاف إلى ذلك أنها ترتبط أيضاً بزيادة خطر السمنة والتدهور المعرفي.

وفي ملمح متصل، لفتت كريستين كيركباتريك إلى أنّ “النظام الغذائي هو عامل مهم، لأنّه خطرٌ قابل للتعديل (ما يجعله مختلفاً عن العمر، الوراثة، وما إلى ذلك)”.

 

وتشير إلى أن “ما نراه  من البيانات هو أن خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم يرتبط بنمطك الغذائي، أي ما تستهلكه بانتظام وما تحدُّ من تناوله. ومثلاً، قد تساعد الأطعمة الغنية بالألياف والعناصر الغذائية في تقليل الخطر، وربما تزيد منه اللحوم الحمراء المعالجة صناعياً من الخطر. ولنتذكر أن النشاط البدني المنتظم، وعدم التدخين، والحد من تناول الكحول تندرج ضمن العوامل القابلة للتعديل“.

 كذلك أورد د. باكل بعض التحذيرات في شأن النظام الغذائي أثناء علاج السرطان. ووفق كلماته، “نحن بالتأكيد نشجع المرضى على محاولة تناول الطعام الصحي أثناء علاجهم من سرطان القولون والمستقيم، لكنني أحذرهم من أنّ اعتماد تغييرات في النظام الغذائي أثناء خضوعهم لعلاج السرطان النشط قد يكون أمراً صعباً ومن المحتمل أن يكون له فائدة ضئيلة في أحسن الأحوال“.

أفضل الأطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان

لتقليل خطر الإصابة بالسرطان، أوصت كريستين كيركباتريك بتناول الأطعمة الغنية بالألياف مثل الحبوب الكاملة، الفواكه، والخضروات، بالإضافة إلى الأطعمة التي تنتمي إلى عائلة الأليوم [تحتوي على مادة أليسينAllicin] مثل البصل، الثوم.

وكذلك اقترح د. حرب الحصول على الألياف و مضادات الأكسدة بشكل يومي. وبحسب رأيه، “لتقليل خطر سرطان القولون والمستقيم، أوصي بنظام غذائي غني بالأطعمة غير المعالجة، بما في ذلك الخضروات، الفواكه، الحبوب الكاملة، البقوليات، المكسرات، والبروتينات الخفيفة مثل الأسماك والدواجن”.

 

وتجدر الإشارة إلى أن الفواكه والخضراوات والأطعمة الغنية بأحماض “أوميغا 3” الدهنية مثل السلمون وكذلك الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف؛ كلها مهمة للحد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم.

 

كذلك يوصي الخبراء بالاعتدال في شرب الكحول، وتجنّب تعاطي التبغ، والإقلال من تناول اللحوم الحمراء والمصنعة على غرار النقانق ولحم الخنزير المقدّد ولحم البقر المقدّد وأشكال اللحوم الأخرى المدخنة أو المملحة أو المخمّرة أو المعالجة.

التعليقات معطلة.