مع كل نهاية عام، نقف لنلقي نظرة وداع على أيام مضت، تحمل في طياتها ذكريات وأحداثاً تركت بصماتها على البشرية. عام 2024 كان عاماً استثنائياً بكل ما تعنيه الكلمة، عاماً أثقل كاهل العالم بالأزمات السياسية، الاقتصادية، والبيئية، حتى بات الناس ينتظرون نهايته بشغف، وكأنها فرصة للفرار من عبء ثقيل.
شهد هذا العام اضطرابات في كل زاوية من زوايا العالم؛ صراعات عسكرية جعلت السلام حلماً بعيد المنال، أزمات اقتصادية عمّقت الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وكوارث بيئية أكدت أن الأرض ما زالت تدفع ثمن تجاهلنا لقوانين الطبيعة. في الشرق الأوسط، على وجه الخصوص، كان العام شاهداً على استمرار المعاناة، مع تفاقم التوترات والصراعات التي باتت جزءاً من يوميات الشعوب.
ومع حلول الأيام الأخيرة من العام، يتساءل الجميع: ماذا سيحمل لنا عام 2025؟ التفاؤل يبدو في غير محله عند الحديث عن المستقبل، فالأزمات لا تظهر بوادر تراجع، والتحديات تتضاعف مع كل يوم جديد. ومع ذلك، فإن هناك نوعاً خاصاً من التفاؤل، تفاؤل المتشائمين، الذي ينبع من إيمان غريب بأن الأسوأ قد حدث، وما هو قادم قد يكون أخف وطأة.
ربما يكون عام 2025 فرصة لإعادة التفكير في المسارات التي نسير عليها. فالتكنولوجيا، التي كانت سبباً في تعقيد حياتنا، قد تحمل حلولاً لمشكلاتنا، إذا ما استُخدمت بحكمة. والسياسة، رغم تعقيداتها، قد تشهد لحظات من التعقل إذا ما أدرك القادة حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
لكن الأهم من ذلك، أن الناس أنفسهم باتوا أكثر وعياً بدورهم في تشكيل المستقبل. الأزمات، رغم قسوتها، تحمل دروساً تدفع بالبشرية لإعادة تقييم أولوياتها. ولعل هذا هو مفتاح التفاؤل الحقيقي: أن ندرك أننا، رغم كل التحديات، ما زلنا قادرين على تغيير واقعنا.
بين وداع عام مثقل بالأحداث واستقبال عام بتفاؤل المتشائمين، يبقى الأمل هو الخيط الرفيع الذي نتشبث به جميعاً. ففي نهاية المطاف، ليس لدينا خيار سوى الإيمان بقدرتنا على مواجهة القادم، مهما كان غامضاً أو مخيفاً.