التواصل مع الطبيعة بأشكاله المختلفة، يحمل منافع للإنسان، لكن هذا الأخير يجهلها ويتبنّى عادات لا يستغني عنها، بعيدة كلّ البُعد من الفائدة. المشي حافي القدمين، عادة يحبّذها كثيرون لسبب أو لآخر ويعتمدها آخرون خصزصاً في منازلهم لشعورهم بالراحة فيها. لكن خلف هذه الممارسة فوائد ومعلومات لا بد من أن تعرفها لكي تعود أكثر إلى الطبيعة…”على قدميك”.
خلُصت دراسة بعنوان “Barefoot walking improves cognitive ability in adolescents”، الى أنّ المشي حافي القدمين يمكن أن ينشط القدرات الإدراكية والدماغ بأكمله بشكل فعال، ويحفز أصابع القدم أكثر من المشي بالأحذية الرياضية، وبالتالي يعزز قوة العضلات الهيكلية السفلية ما يسهّل زيادة تدفق الدم إلى الدماغ، إذ إنّ تحفيز أصابع القدم أثناء المشي حافي القدمين يمكن أن يؤدي إلى توسيع الشعيرات الدموية في المخ وزيادة تدفق الدم إلى المخ، وبالتالي تحسين إمداد المخ بالأوكسيجين وتعزيز تنشيطه. إضافة إلى كونه مفيداً بشكل خاص للأفراد الذين يعانون مستويات عالية من التوتر أو التعب الذهني.
فوائد المشي حافي القدمين!
الدكتور وليم عقيقي- متخصص بأمراض القدم في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي
المشي حافي القدمين له فوائد عديدة تختلف باختلاف الشرائح العمرية. فلدى الأطفال مثلاً، المشي حفاة القدمين على التراب أو الرمل أو العشب الأخضر أو البحص، يساعدهم على تنمية الإحساس في أقدامهم، وعلى تنمية دماغهم ومساعدة أجسامهم على التعرف على إحساسها بالأرض، وهذه المنفعة لهي نفسها بالنسبة الى الأشخاص الناضجين. وفي مرحلة نموه، يحتاج الطفل لأن ينمّي عضل قدمه أكثر، لذلك عليه أن ينمّي توازنه عبر المشي على مساحة غير صلبة.
بالنسبة الى الأشخاص الناضجين، فإن المشي حفاة على أرض صلبة، يساعدهم على تفريغ شحنات الطاقة التي يحملونها. فالإنسان هو كتلة طاقة يجري شحنها بحركته اليومية ولمسه مختلف الأشياء. لذا، يساعده هذا التفريغ على الراحة وتقليل الإجهاد والتوتر وإعادة شحن نفسه، فالأرض هي مكوِّن موصِل للكهرباء، لذلك تمتص فائض الطاقة هذا.
أيضاً، الممارسة مفيدة لمرضى القلب. ففي الأقدام خلايا حسية يتم تحفيزها خلال لمسها أي مساحة. ولدى المشي على أرض صلبة، يتم تحفيزها وتشغيلها، بينما لدى المشي على أرض غير صلبة مثل الأعشاب والرمل، يتم تشغيلها بأكملها، وهنا نساعد على إنشاء مسار عصبي متعلق بالإحساس والحركة، ما يؤدي إلى تحسين أدائنا خلال المشي وتحسين صحة الأقدام.
كذلك، المشي على مساحات ذات حرارة مثل العشب البارد أو الرمال الحارة، يساعد على ضخ الدم من كعب القدم، ما يُسمى الـ semelle de lejars وهي شبكة شرايين تساعد على ضخ الدم إلى القلب، لذلك، تُعتبر المضخة الثانية للدم في الجسم بعد القلب، في القدم. إلى ذلك، فإن ضخ الدم أكثر إلى القلب بعد هذا المشي، يعطي شعوراً للشخص بأنّ رجليه أصبحتا خفيفتين غير مثقلتين.
كذلك، بالمشي حافي القدمين، يستعيد الشخص نمط المشي الطبيعي، فارتداء الأحذية المبطنة بشكل كبير يؤدي إلى تغيير طريقة هبوط القدم على الأرض عند المشي، فهم في الحذاء يضغطون أكثر على منتصف أقدامهم ومنطقة أصابع القدم أكثر من كعوبهم.
تعزز هذه الممارسة توازن القدم والجسم، تقوّي العظام والمفاصل والأربطة، وتحسّن نطاق حركة الكاحل. فعندما تعمل هذه العظام والأربطة بشكل صحيح، تتحسن وضعية الجسم.
ويمكن أن يساعد الخروج واستكشاف الطبيعة حافي القدمين في تقليل التوتر، بحيث يتلامس الجسم ومعه القدمين مباشرة مع سطح الأرض، مثل المشي على العشب، أو سحق أصابع القدمين في التراب، أو غرس الكعبين في الرمال.
على مستوى الرياضيين، فهم يركضون على الشاطئ حفاة لأنّ هذا النوع من الركض يحتاج إلى جهد وسرعة أكبر، ما يساعدهم على تقوية عضل الأقدام والساقين، زيادة الكتلة العضلية، وتقوية عضلات الكاحل، ويصبحون قادرين على تحمل ضغط المباريات بشكل أكبر وتتحسّن لياقتهم، وبالتالي أداؤهم.
كيف تمشي حافي القدمين بأمان؟
بحسب عقيقي، إذا كان بإمكان الشخص المشي يومياً في المساحات الخارجية فيكون أمراً مثالياً، لكن يُعتبر المشي ثلاث مرات أسبوعياً وتيرة جيدة جداً، على أن تكون مدة المشي هذه من نصف ساعة إلى ساعة.
لكن داخل المنزل، لا بد من مراعاة الشروط التالية:
– التأكّد من نظافة الأرض وخلوّها من أي أجسام غريبة قد تؤذي القدمين.
– عدم المبالغة في المشي حفاة على الأرض، ما قد يؤدي إلى مشاكل مثل التهاب كعب القدم، لأنّ كثرة احتكاك الجلد الخارجي يؤدي إلى الضغط على أوتار القدم.
– داخل المنزل، اختيار الأرضية الخشبية (parquet) أو على السجاد (moquette)، فهي أسطح مثالية للمشي حفاة في المنزل.
– المشي حفاة لمدة ما بين 10 إلى 15 دقيقة، يُعتبر كافياً.
– التنبه إلى المساحة المتوافَّرة للمشي لعدم التعرّض لأي إصابة.
– على مريض السكري ألّا يمشي حافي القدمين من أي نوع كانت، تفادياً لجرح قدميه من دون أن يشعر بوجود شيء مؤذٍ على الأرض.