جاء إعلان رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، عن تلقي إيران رسالة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطالبها بالتخلي عن برنامجها النووي والصاروخي ليعيد الجدل حول مستقبل إيران في ظل الضغوط الدولية المتزايدة. وبالتوازي مع ذلك، تصاعدت المطالب داخل إيران، حيث دعت عناصر متشددة في الحرس الثوري المرشد الأعلى، علي خامنئي، إلى التراجع عن فتواه التي تحظر إنتاج الأسلحة النووية، مما يعكس تصاعد التوترات بين التيارات المختلفة داخل النظام الإيراني.
أبعاد الرسالة الأميركية: نزع سلاح إيران؟ منذ سنوات، تمثل برامج إيران النووية والصاروخية محور الخلافات مع الغرب، إذ يعتبرها الأميركيون تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي والعالمي. غير أن مطالبة ترامب وفقاً لما أعلنه قاليباف تعني أكثر من مجرد العودة إلى الاتفاق النووي، بل تصل إلى حد “نزع سلاح إيران”، وهو مطلب يتجاوز أي مفاوضات سابقة.
هذه المطالبة تعكس استراتيجية أميركية قد تكون قيد الدراسة، تقوم على تقويض قدرة إيران العسكرية بالكامل، وهو أمر لن تتقبله طهران بسهولة، خاصة في ظل التوترات المستمرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، والمحور الإيراني من جهة أخرى.
تداعيات داخلية: صراع الأجنحة في إيران تزامناً مع الرسالة الأميركية، تأتي المطالب من داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية بضرورة امتلاك سلاح نووي، وهو أمر يتعارض مع فتوى خامنئي التي تحظر إنتاجه. هذا التطور يكشف عن تصاعد الخلافات داخل النظام الإيراني، حيث يرى المتشددون أن إيران بحاجة إلى تغيير استراتيجيتها الدفاعية لمواجهة التهديدات المتزايدة، بينما قد يرى التيار المحافظ التقليدي أن الحفاظ على الفتوى يخدم النظام دبلوماسياً في مواجهة الضغوط الدولية.
التأثير الإقليمي: انعكاسات على العراق والمنطقة
العراق: ساحة اختبار للنفوذ الإيراني
العراق يمثل نقطة ارتكاز رئيسية للنفوذ الإيراني، وإذا تصاعدت الضغوط على إيران، فقد تسعى لتعزيز أوراقها في العراق عبر الفصائل المسلحة، مما قد يؤدي إلى تصعيد أمني أو اضطرابات سياسية.
في حال قررت إيران التهدئة، فقد ينعكس ذلك على الفصائل التابعة لها، التي قد تضطر إلى خفض نشاطها أو إعادة تموضعها في ظل التغيرات المحتملة.
إسرائيل والخليج: احتمالات التصعيد العسكري
إسرائيل قد ترى في هذه التطورات فرصة أو تهديداً، فإذا شعرت أن إيران تقترب من تغيير سياستها النووية، فقد تسرّع عملياتها الاستباقية ضد المنشآت الإيرانية.
دول الخليج، التي تسعى إلى احتواء إيران عبر الدبلوماسية والردع في آن واحد، قد تجد نفسها في موقف معقد بين دعم الضغط الأميركي وبين تجنب التصعيد الذي قد يهدد استقرارها.
إلى أين تتجه الأمور؟ إيران تواجه مفترق طرق حرج بين الضغوط الأميركية والدعوات الداخلية للتشدد، مما يضع النظام الإيراني في مأزق معقد. فإذا استجابت إيران للمطالب الأميركية، فسيعني ذلك تراجعاً استراتيجياً كبيراً، بينما إذا قررت التوجه نحو خيار التصعيد النووي، فقد تواجه رداً عسكرياً قوياً، سواء من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو كليهما.
في ظل هذه التطورات، تبقى المنطقة مفتوحة على سيناريوهات متعددة، قد تتراوح بين التصعيد المحدود والمواجهة المباشرة، مع بقاء العراق في قلب هذا الصراع، إما كساحة للنفوذ الإيراني أو كضحية لصراع القوى الكبرى .