نهاية اللعبة.. ترامب يعود لإسقاط معادلة 1979

18

 

مع عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تعود أيضًا ملامح سياسة خارجية جديدة أو بالأحرى تصحيحية تهدف إلى إنهاء المعادلة التي كرّسها الديمقراطيون لصالح إيران منذ عام 1979. فالمعادلة التي وضع أسسها الرئيس جيمي كارتر حين ساهم في تمكين الخميني من الوصول إلى الحكم لم تعد اليوم تحظى بقبول دولي، بل أصبحت عبئًا على الاستقرار الإقليمي والدولي. وترامب، كما يبدو، عازم على إنهائها نهائيًا.
نهاية معادلة 1979: لماذا الآن؟
لقد استمرت السياسة الأمريكية تجاه إيران على مدى العقود الماضية ضمن إطار يسمح للنظام الإيراني بالتوسع الإقليمي عبر وكلائه المسلحين، وهو ما استفادت منه طهران لترسيخ نفوذها في العراق، سوريا، لبنان، واليمن. لكن اليوم، وبعد عقود من التمدد الإيراني، تغيرت الظروف الدولية والإقليمية. القوى الكبرى لم تعد ترى مبررًا لاستمرار هذه السياسة، خاصة بعد أن أظهرت إيران أنها لم تعد شريكًا يمكن احتواؤه، بل أصبحت تهديدًا عالميًا يتجاوز الشرق الأوسط، من خلال تحالفاتها مع روسيا والصين، ودورها في زعزعة أمن الطاقة والممرات المائية.
ترامب والهدف الواضح: إنهاء النفوذ الإيراني
منذ ولايته الأولى، كان ترامب واضحًا في نهجه تجاه إيران، حيث انسحب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات غير مسبوقة على النظام الإيراني، مما أدى إلى إضعاف اقتصاده وتقليص موارده لتمويل أذرعه الإقليمية. ومع عودته إلى السلطة، يتوقع أن يعيد هذه السياسة ولكن بطريقة أكثر حدة، بحيث لا تقتصر على العقوبات الاقتصادية، بل تشمل تحركات مباشرة لتقويض إيران عسكريًا وسياسيًا.
وبالنظر إلى التحولات الجيوسياسية، فإن العوامل التي مكّنت إيران من تعزيز نفوذها لم تعد قائمة. إدارة بايدن، رغم سعيها للحفاظ على إرث الديمقراطيين في دعم معادلة 1979، فشلت في تقديم حلول ناجعة للحد من التوسع الإيراني أو كبح تهديداته، وهو ما يفتح الباب أمام ترامب لتنفيذ أجندة أكثر صرامة تهدف إلى إنهاء حقبة النفوذ الإيراني، ليس فقط عبر العقوبات، بل ربما من خلال دعم حلفائه الإقليميين لتصفية الجماعات المسلحة التابعة لطهران.
الفصائل المسلحة والأنظمة التابعة لإيران في مرمى النيران
لا يقتصر مشروع ترامب على استهداف النظام الإيراني فحسب، بل يشمل أيضًا إنهاء الوجود العسكري للفصائل المسلحة التابعة له في العراق، سوريا، ولبنان. فهذه الفصائل، التي شكلت لعقود أداة إيران للابتزاز الإقليمي، أصبحت هدفًا مشروعًا لمرحلة ما بعد عودة ترامب. وقد شهدت الأشهر الماضية ضربات دقيقة استهدفت قادة تلك الجماعات، في مؤشر واضح على أن هناك خطة دولية لإنهائها، وهو ما قد يتسارع مع عودة ترامب.
أما الأنظمة السياسية التي تدين بالولاء لطهران، مثل حكومة العراق الحالية، فقد تواجه تغييرات كبيرة إذا مضت واشنطن قدمًا في مشروعها لإعادة تشكيل المنطقة بما يتناسب مع تراجع النفوذ الإيراني.
الشرق الأوسط على عتبة التغيير الحتمي
من الواضح أن الشرق الأوسط يمر اليوم بعاصفة تغيير حتمية. القوى الدولية والإقليمية باتت تدرك أن استمرار الوضع القائم لم يعد ممكنًا، وأن إيران، التي استغلت المعادلة الأمريكية منذ 1979، تواجه اليوم ضغوطًا غير مسبوقة. وترامب، الذي لم يخفِ يومًا رغبته في إعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية، قد يكون الرجل الذي يضع نهاية لهذه المعادلة.
في ظل هذه التحولات، لن يكون السؤال: “هل سيتغير المشهد الإقليمي؟” بل بالأحرى: “متى وكيف سيحدث ذلك؟”، وهو ما ستكشفه الأشهر القادمة .

التعليقات معطلة.