الرياض – أحدث ما توصلت إليه “القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025” في علم الشيخوخة

2

تهدف الأبحاث في علم الشيخوخة إلى تطوير العلاجات التي تساعد على مكافحة الأمراض المصاحبة للشيخوخة، وهذا ما تم التركيز عليه في “القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025”

ثمة اتجاه متزايد حالياً نحو التركيز على مكافحة علامات التقدم بالسن، لكن غالباً ما يكون التركيز على آثار هذه العلامات  على المظهر الخارجي فيما تتراجع أهمية آثار الشيخوخة على الصحة وما لها من تداعيات.

في إطار النسخة الثانية من “القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025 ” التي أقامتها مؤسسة هيفولوشن الخيرية تحت شعار “تشكيل مستقبل الصحة” في الرياض، جرى التركيز على أحدث التطورات الرائدة في مجال علم الشيخوخة وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحدي العالمي الملح المتمثل في الشيخوخة. كذلك سلطت الضوء على جهود المملكة العربية السعودية في هذا المجال من خلال مؤسسة هيفولوشن لإطالة العمر الصحي. وقد عرضت أحدث الإنجازات في مجال العلاجات الخاصة بإطالة العمر الصحي، إضافة إلى سعيها إلى تعزيز الوعي حيال أهمية إطالة العمر الصحي. على هامش القمة، وانطلاقاً من دورها كنائب الرئيس الأول للأبحاث في مؤسسة هيفولوشن، شددت الأميرة الدكتورة هيا بنت خالد بندر آل سعود في حديث الى “النهار”، على أهمية العمر الصحي، فيما يركز البعض على إطالة أمد العيش.

ما آثار التقدم بالسن على صحة الإنسان، إضافة إلى تأثيره على المظهر الخارجي الذي يجري التركيز عليه؟
في مختلف المجتمعات يجري التركيز على ما يبدو ظاهراً بالعين المجردة ويدل على التقدم بالسن. ولهذا المفهوم أهمية لا يمكن الاستهانة بها فعلاً، فمما لا شك فيه أن بعض الوظائف المرتبطة بإنجاز المهمات اليومية تتأثر من ضمن علامات التقدم بالسن الفيزيولوجية، إضافة إلى أثر هذه العملية على المظهر الخارجي والجلد. في المقابل، ثمة عوامل بيولوجية وأضرار خلوية تعكس عملية التقدم بالسن وقد لا تكون ظاهرة بالعين المجردة، ومع مرور الوقت تؤدي إلى هذا التراجع في الوظائف الفيزيولوجية. وهنا يصب اهتمام مؤسسة هيفولوشن، ألا وهو العملية البيولوجية والخلوية التي تؤثر على وظائف الجسم، في حماية الأشخاص من ظهور الأمراض قبل حدوثها.
على أي أسس ومعايير تتحدد عملية التقدم بالسن والتراجع في الوظائف الفيزيولوجية؟
هناك مجموعة عوامل تلعب دوراً في بلوغ هذه النتيجة وهي عبارة عن أضرار خلوية تظهر في عمر مبكر وتؤدي مع الوقت، إلى ضعف في أجهزة مختلفة في الجسم منها الجهاز المناعي. وبطبيعة الحال يؤدي ذلك تدريجاً إلى تراجع الوظائف المختلفة في الجسم وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المصاحبة للشيخوخة كالقلب والسكري والسرطان. والتركيز على ذلك يدخل في إطار رؤية 2030 ويتوافق معها لتحسين جودة الحياة، وفق ما أوضحته الدكتورة هيا. لكن ما تركز عليه في الوقت نفسه على ان ليس الأهم زيادة متوسط العمر، بل إطالة العمر الصحي وتحسين جودة الحياة. فأي هدف من إطالة العمر إذا كان الفرد يعيش عاجزاً أو مريضاً؟ وهذا أيضاً في صلب اهتمامات المؤسسة التي تؤمن بأن الهدف ليس إطالة العمر بل عيش عمر أطول بصحة افضل، وتركيزها العلمي على دراسة ما يحصل على مستوى الخلية والأعضاء والأجهزة المختلفة.

أي دور يلعب نمط الحياة في تسريع عملية التقدم بالسن؟
مما لا شك فيه أن كل باحث بيولوجي يأخذ في الاعتبار نمط الحياة وتأثيره على العوامل البيولوجية والخلوية، ومنها الرياضة والتغذية وأثرها على الخلية. تفضل الدكتورة هيا عدم التركيز على نمط حياتنا العصري كعامل أساسي لحل المشاكل التي تعوق عملية إطالة العمر الصحي للإنسان. لكن في الوقت نفسه، تعتبره عنصراً أساسياً لا بد من أخذه في الاعتبار في الأبحاث لفهم تأثير نمط الحياة على الحالة البيولوجية للإنسان وأجهزة الإنسان. فمن المؤكد أن نمط الحياة يؤثر على إطالة العمر الصحي للإنسان، لكن لا بد من دراسة العلاقة بين نمط الحياة والعوامل البيولوجية في الأبحاث والدراسات لكي يكون من الممكن التدخل بفاعلية لإحداث تغيير إيجابي في هذا المجال.
أما العوامل السلبية التي تساهم في تسريع عملية الشيخوخة فهي بشكل اساسي قلة النشاط البدني والتعرض المستمر للملوثات البيئية والتوتر المزمن وسوء التغذية، وقد اثبتت دراسات عالمية كبرى  تأثيرها في هذا المجال.

ما الذي تعتمد عليه العلاجات الحديثة للتوصل إلى إطالة العمر الصحي؟
لا يمكن التحدث اليوم عن علاج واحد يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المصاحبة للشيخوخة. وحتى اليوم لم يتم التوصل إلى أي من هذه الأدوية. لكن، هناك تركيز اليوم على معالجة الأمراض بعد حدوثها. لكن في علم الشيخوخة عموماً، هناك تركيز على إنتاج أدوية للوقاية من الأمراض قبل حدوثها. على سبيل المثال، من المتوقع التوصل إلى أنه في حال وجود مؤشرات حيوية تدل على خطر الإصابة بمرض معين، يكون من الممكن السعي الى الوقاية منه. فهناك مساع حالياً للتوصل إلى كشف مؤشرات حيوية ودلالات حول احتمال الإصابة بالأمراض المصاحبة للشيخوخة، وهذا ما يتركز عليه عمل المؤسسة وغيرها من المؤسسات التي تعنى بعلم الشيخوخة.
أما الفحوص الجينية فقد ساهمت إلى حد ما في تعزيز التطور في هذا المجال إلى جانب العوامل البيولوجية التي يتم التركيز عليها وتؤخذ في الاعتبار.

ما مدى أهمية العلاجات بالخلايا الجذعية التي تأخذ حيزاً مهماً من اهتمامات الباحثين؟
تعتبر العلاجات بالخلايا الجذعية من المجالات الواعدة، وإن لم يكن من الممكن اعتبارها حلاً جذرياً. فثمة حاجة إلى مزيد من الأبحاث والدراسات السريرية للتأكد من فاعليتها وأمانها. وعلى رغم كونها من الأبحاث الرائدة لا بد من التركيز على تعزيز الاستثمارات فيها، لأنها تساهم في اكتشاف علاجات تساعد على التقليل من الإصابة بالأمراض المصاحبة للشيخوخة. فيدرك أي باحث أن أي علاج يتطلب المرور بمراحل عديدة وطويلة من التجارب والأبحاث، وفيما تعتبر العلاجات بالخلايا الجذعية واعدة وفي غاية الأهمية لا بد من التركيز على مزيد من التجارب والأبحاث والدعم حولها للتأكد من كونها يمكن أن تكون حلاً لأمراض نصادقها حالياً وترتبط بعملية الشيخوخة.
ما أحدث المستجدات في علم الشيخوخة التي جرى التركيز عليها في “القمة العالمية لإطالة العمر الصحي 2025″؟
من الأهداف الأساسية لهذه القمة عرض أهم المنجزات في هذا المجال بحضور باحثين وخبراء وصناع قرار ومستثمرين  والحصول على دعمهم. وتم تقديم أحدث الإنجازات والمخططات التي تسعى المملكة العربية السعودية إلى إنجازها. كما كان هناك تركيز على البحوث التي دعمتها المؤسسة من حيث العلاجات الجينية وتأثير الميكروبيوم على صحة الإنسان، واستخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير العلاجات للأمراض المصاحبة للشيخوخة. كذلك جرت  مناقشة مختلف جوانب الطب الوقائي من الناحية الاستراتيجية. علماً أن مؤسسة هيفولوشن كرست حتى اليوم مبلغ مليار دولار سنوياً في الاستثمارات بهدف تسريع عملية تطوير العلاجات الآمنة والفاعلة لإطالة العمر الصحي للإنسان وتعزيز الوعي والمشاركة بين العلماء والسياسيين والمستثمرين لتطوير هذا المجال، بحسب الدكتورة هيا التي تؤكد أنه كان من الممكن إحداث تحول جذري في الأبحاث حول علم الشيخوخة وفي نسبة الباحثين المهتمين به. كما بدا واضحاً أن ثمة زيادة في الاستثمارات في هذا المجال.

التعليقات معطلة.