كاتي غلويك وريد جيه إبستين
بعد شهر واحد فقط من تولي الرئيس دونالد ترمب مهامه لولاية ثانية، تمخضت مشاعر اليأس والإنكار داخل أروقة الحزب الديمقراطي عن رسالة غاضبة وجهها نشطاء الحزب وناخبوه إلى قادتهم. أما فحوى الرسالة، فكان: افعلوا شيئاً! وتتزامن الرسالة مع عودة الاحتجاجات المناهضة لترمب، وعودة الحياة إلى قاعات المدن النارية. وتكشف استطلاعات الرأي عن استياء شديد في صفوف الناخبين الديمقراطيين تجاه ممثليهم داخل الكونغرس. وخلال مقابلات أُجريت، هذا الأسبوع، مع عدد من الناخبين والناشطين والمسؤولين المنتخبين، عبّر كثيرون عن اعتقادهم أن الديمقراطيين فشلوا في كبح جماح ترمب، أو تقديم رسالة مضادة له ذات مغزى. وفي مقابلة معه، قال حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، من الحزب الديمقراطي، إن أياً من الحزبين «لم يعمل بشكل فاعل ليكون قوة ضابطة للسلطة التنفيذية»، ووجّه توبيخاً قاسياً للديمقراطيين، على وجه الخصوص. وعندما سئل، عن تقييمه لاستجابة الديمقراطيين داخل الكونغرس للأسابيع الأولى من إدارة ترمب الجديدة، أجاب بأنهم «يخفقون في تناول المخاوف الحقيقية لدى الناس». وأضاف شابيرو أنهم «يفشلون في الاضطلاع بما يشكل مسؤوليتهم الأساسية دستورياً – العمل بوصفهم قوة ضابطة». ومع تكشُّف ملامح واقع سيطرة الجمهوريين على الكابيتول، بالتزامن مع حرص ترمب على تحطيم الخطوط الفاصلة، القائمة منذ فترة طويلة، والانتقام من أعدائه المفترضين، تنامت مشاعر الصدمة والغضب في نفوس الديمقراطيين – وإحباطهم الزائد إزاء قادتهم. يُذكر أن مجلس الشيوخ، الخاضع لسيطرة الجمهوريين، لم يرفض أياً من مرشحي ترمب، كما وافق على خطة الموازنة المطروحة من الحزب الجمهوري، التي من شأنها زيادة الإنفاق على أمن الحدود والجيش. وأظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة «كوينيبياك»، هذا الأسبوع، أن أعداد الرافضين في صفوف الناخبين الديمقراطيين لأداء ممثليهم داخل الكونغرس، يفوق الراضين عن هذا الأداء. وفي استطلاع جديد أجرته شبكة «سي إن إن»، قال 73 في المائة من الديمقراطيين الذين شملهم الاستطلاع إن ممثليهم في الكونغرس لم يبذلوا جهداً يُذكر للتصدي لترمب. وأعربت جيسيكا رويز، 36 عاماً، ديمقراطية من فيلادلفيا، عن «خيبة أمل عميقة تجاه الحزب». من جهتهم، يحث بعض الديمقراطيين على الصبر، ويراهنون على أن المزاج العام على مستوى البلاد تجاه ترمب سيتردى بمرور الوقت.
في الوقت الحالي، يواجهون عقبة واضحة تتمثل في كونهم أقلية داخل الكونغرس، فضلاً عن احتمالية تعرض أولئك الذين ينتقدون ترمب أو حليفه القوي إيلون ماسك، للانتقام. عن ذلك، قالت كارين تايلور، 56 عاماً، ديمقراطية من ميسا بولاية أريزونا: «لا أعرف حقاً ما الذي يمكنهم فعله. أملي الوحيد أن يرى الناس الحقيقة، وأن يخرجوا للتصويت في المرة المقبلة». علاوة على ذلك، ثمة انقسامات تعصف بصفوف المشرعين الديمقراطيين، مع حرص البعض على محاربة ترمب والجمهوريين على كل جبهة ممكنة، بينما يدعو آخرون إلى اتباع نهج أكثر انتقائية. من جهتها، حذرت النائبة ماري غلوسينكامب بيريز، ديمقراطية من واشنطن، التي تمثل منطقة فاز بها ترمب، من المبالغة في رد الفعل تجاه «أي شيء يأتي عبر (إكس)». وشدّدت على أن «مهمتنا بناء إجماع وطني حول كيفية معالجة المشكلات الحقيقية التي نواجهها، وعدم تنفير الناخبين الذين سيحددون توازن القوى، والسلطة التشريعية الحقيقية للمضي قدماً». ومن ناحية أخرى، تتكشف ملامح اختبار لموقف الديمقراطيين تجاه الجمهوريين الآن يتعلق بالإنفاق. وفي الوقت الذي يكافح فيه الديمقراطيون لمواكبة التحركات السريعة لترمب، فقد عقدوا مؤتمرات صحافية، ولجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بعض الحالات، نظموا احتجاجات في خضم مساعيهم إلى تصوير ترمب بوصفه يعمل على تعزيز مصالح المليارديرات، على حساب أبناء الطبقة العاملة. ومن جهته، يرى النائب غريغ كاسار، ديمقراطي من تكساس، الذي يقود الكتلة التقدمية في الكونغرس، فرصة لتعزيز جاذبية الحزب لدى مجموعة واسعة من الناخبين، الذين يساورهم شعور بعدم الارتياح إزاء منح الأفراد شديدي الثراء، مثل ماسك، مزيداً من السلطة. وقال: «لا يقتصر هذا الشعور بالانزعاج على الناخبين أصحاب الميول التقدمية فحسب». وأضاف: «لكي نشجع الناس على التصعيد والقتال، وبذل ساعات من الجهد بعد العمل وقبله للوقوف في وجه ترمب، فإنهم يحتاجون كذلك إلى رؤية المسؤولين المنتخبين يحتشدون معاً، ويعاملون هذا الأمر بصفته حالة طوارئ». وفي مقابلة، قال كين مارتن، الرئيس الجديد للجنة الوطنية الديمقراطية، إنه يشارك قاعدة الديمقراطيين موقفها القتالي، بل وتبنى كلمة «مقاومة»، التي فقدت شعبيتها بين الديمقراطيين المنهكين. وأكد أنه «يتعين علينا أن نقف ونقاوم بكل ذرة من كياننا. وإذا لم نفعل ذلك، وبقوة، فكيف سيصدق الناس أنهم إذا أعادونا إلى السلطة، فإننا سنقاتل من أجلهم؟».
وبعيداً عن واشنطن، يميل حكام الولايات، الذين يشكلون الرؤساء التنفيذيين في ولاياتهم، إلى امتلاك قدر أعظم من الحرية، وبعضهم يبدي مقاومة أكبر.
وقال النائب السابق توم مالينوفسكي، ديمقراطي من نيوجيرسي، الذي شجّع على إظهار مزيد من المقاومة القوية لترمب: «يساور الحكام القلق من أن ولاياتهم ستتعرض للسحق، ويحاولون معرفة التوازن الصحيح بين إدانة ترمب حين يخطئ والبقاء في صفه حين يتخذ قرارات صائبة. المؤكد أنهم سيثيرون غضبه، والمؤكد أنه سيحاول سحقهم».
*خدمة «نيويورك تايمز»