كيف تسمح القوانين اللبنانية بمكافحة ومعاقبة الفساد وما عوائق تطبيقها؟

3

12 هو عدد القوانين التي أقرّتها السلطة التشريعيّة في فترة 14 عاماً منذ 2008 لغاية 2022.
الدكتورة جوديت التيني

 

12 هو عدد القوانين التي أقرّتها السلطة التشريعيّة في فترة 14 عاماً منذ 2008 لغاية 2022، في سبيل هدفٍ واحدٍ هو مكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص واستعادة الأموال المتأتية عنه.

 

وجب على الدولة اللبنانية إقرار غالبية هذه القوانين تنفيذاً لالتزاماتها الدولية لا سيما الاتفاقيات لمكافحة غسل الأموال واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد 2003، وبفعل التزام لبنان بالتوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي GAFI ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة UNODC.

 

في ما يأتي جدول بالقوانين التي أقرّتها الدولة اللبنانية ومواضيعها وفقاً لتسلسل زمني لصدورها ونشرها:

القانون الموضوع
قانون رقم 33 تاريخ 16/10/2008 الإجازة للحكومة الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
قانون رقم 160 تاريخ 17/8/2011 حظر الاستغلال الشخصي للمعلومات المميزة في التعامل بالأسواق المالية.
قانون رقم 222 تاريخ 2/4/2012 توسيع ملاك القضاة ومدققي الحسابات في ديوان المحاسبة.
قانون معجل رقم 44 تاريخ 24/11/2015 مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
قانون رقم 55 تاريخ 27/10/2016 تبادل المعلومات لغايات ضريبية.
قانون رقم 28 تاريخ 10/2/2017 الحق في الوصول إلى المعلومات.
قانون رقم 83 تاريخ 10/10/2018 حماية كاشفي الفساد.
قانون رقم 175 تاريخ 8/5/2020 مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
قانون رقم 189 تاريخ 16/10/2020 التصريح عن الذمّة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع.
قانون رقم 200 تاريخ 29/12/2020 تعليق العمل بأحكام قانون سرّية المصارف الصادر بتاريخ 3/9/1956 لمدة سنة واحدة. (لغايات التدقيق الجنائي).
قانون رقم 214 تاريخ 8/4/2021 استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد.
قانون رقم 306 تاريخ 28/10/2022 تعديل بعض مواد من القانون الصادر بتاريخ 3/9/1956 المتعلق بسرّية المصارف، والمادة 150 من القانون المنفذ بالمرسوم رقم 13513 تاريخ 1/8/1963 وتعديلاته (قانون النقد والتسليف)، والمادة 23 من القانون رقم 44 تاريخ 11/11/2008 وتعديلاته (قانون الإجراءات الضريبية)، والمادة 103 من المرسوم الاشتراعي رقم 144 تاريخ 12/6/1959 وتعديلاته (قانون ضريبة الدخل).

 

 

مجموعة القوانين هذه بقيت من دون تنفيذ يُذكر وكما هو مرجوّ منها من محاسبة للمسؤولين واستعادة للأموال المنهوبة، ولعلّ أسباب عدم التنفيذ تعود الى غياب النيّة لدى أصحاب القرار في وضعها موضع التنفيذ، كما غياب إدراك المواطنين بحقوقهم في المساءلة المحاسبة ضمن الآليات التي تتيحها هذه القوانين. نتطرّق في ما يأتي إلى أبرز هذه القوانين.

أولاً القانون المعجل رقم 44 تاريخ 24/11/2015 مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
أبرز ما يتضمّنه القانون عوائق تطبيقه
أناط هذا القانون بهيئة التحقيق الخاصة التي يرأسها حاكم مصرف لبنان والمنشأة لدى مصرف لبنان بصلاحيات أساسية تجعل من القانون نافذاً عملياً.
لهذه الهيئة تلقي الإخبارات والقيام بالتحقيق وأن تطلب المساعدة من الهيئات الموازية لها في الدول الأجنبية، وتجميد الحسابات المصرفية، وتنظّم تقريراً بالأمر وتحيل ملف القضية إلى النائب العام لدى محكمة التمييز لاتخاذ الإجراءات القضائية. على أن تُصادر لمصلحة الدولة الأموال المنقولة وغير المنقولة التي يثبت بموجب حكم قضائي نهائي أنها متعلقة بجريمة تبييض أموال.
تشكيل هذه الهيئة وترؤسها من حاكم البنك المركزي رياض سلامة وعملها في كنف مصرف لبنان كان سابقاً من العوائق الرئيسية أمام تطبيق القانون.
 
ثانياً القانون رقم 175 تاريخ 8/5/ 2020 مكافحة الفساد في القطاع العام وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
أبرز ما يتضمّنه القانون عوائق تطبيقه
إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتتمتع بصلاحيات استقصاء جرائم الفساد، عفواً أو بناءً على ما تتلقاه من كشوفات. وبنتيجة أعمال الاستقصاء للهيئة أن تقرّر الإحالة إلى النيابة العامة الـمختصة أو الادعاء مباشرة أمام القضاء للـمطالبة بمعاقبة الـمرتكبين والحكم بالالتزامات الـمدنية لصالح الدولة.
وللهيئة التقدم بالدعاوى والـمراجعات اللازمة أمام الجهات القضائية أو الإدارية للـمطالبة باسترداد الأموال والتعويضات، نتيجة أعمال فساد ثبتت صحتها بقرار إداري أو قضائي مبرم.
 
أُنشئت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالمرسوم رقم 8742 الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 28/1/2022 ورُصد لها اعتماد في الموازنة العامة منذ 2022 وفي موازنة عام 2024 الأخيرة. وتم إقرار أنظمتها الداخلية. 
المطلوب اليوم عمل الهيئة وعملها هذا يتيح تطبيق أحكام قوانين أخرى كقانون التصريح عن الذمة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع وقانون استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد.
ثالثاً قانون رقم 189 تاريخ 16/10/2020 التصريح عن الذمة المالية والمصالح ومعاقبة الإثراء غير المشروع.
أبرز ما يتضمّنه القانون            عوائق تطبيقه
1- يُطبّق هذا القانون على الموظفين العموميين.
تخضع دعاوى الإثراء غير المشروع لاختصاص القضاء العدلي. ولا تحول دون الملاحقة الجزائية الأذونات أو التراخيص المسبقة الملحوظة في القوانين.
2- يمكن تقديم الإخبارات والشكاوى من المواطنين المتضررين مباشرةً إلى القضاء أو إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
لا عوائق قانونية، لكن النوايا غائبة.
رابعاً قانون رقم 214 تاريخ 8/4/2021 استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد.
أبرز ما يتضمّنه القانون   عوائق تطبيقه
1- تنشأ لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد دائرة استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد. من مهامها التخطيط لاستعادة الأموال في كافة مراحلها الإدارية والقضائية.
2- ينشأ الصندوق الوطني لإدارة واستثمار الأموال قيد الاستعادة أو المستعادة ويتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلالين المالي والإداري.
لم تصدر مراسيم تطبيق هذا القانون التي لا بد من أن تُتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزيري المال والعدل لا سيما أنه جرى إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وأهمها مرسوم لتنظيم الصندوق الوطني لإدارة واستثمار الأموال قيد الاستعادة أو المستعادة ونظام حوكمته.
خامساً قانون رقم 306 تاريخ 28/10/2022 تعديل بعض مواد من القانون الصادر بتاريخ 3/9/1956 المتعلق بسرية المصارف…
أبرز ما يتضمّنه القانون عوائق تطبيقه
1- لا تُطبَّق أحكام السرية المصرفية بالنسبة إلى: الموظف العمومي بالمعنى الواسع لتعريفه ومن يؤدي خدمة عامة سواء أكان معيناً أم منتخباً، وأيّ شخص يؤدي عملاً لصالح ملك عام أو منشأة عامة أو مرفق عام. ولا تُطبَّق بالنسبة إلى رؤساء وأعضاء مجالس إدارة المصارف ومديريها التنفيذيين ومدققي الحسابات الحاليين والسابقين.
2- لا يمكن للمصارف أن تتذرع بسرية المصارف وعليها أن تقدم جميع المعلومات المطلوبة فور تلقيها طلباً من القضاء أو من هيئة التحقيق الخاصة أو من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أو من الإدارة الضريبية.
1- لا نيّة من أصحاب القرار في تطبيق القانون، فضلاً عن أنّ أحكام رفع السرية تكون قائمة على المذكورين فيها حتى بعد تاريخ استقالتهم أو إنهاء خدماتهم أو إحالتهم على التقاعد، وعن الفترة التي كانوا يتولون فيها مهامهم وفقط لمدة خمس سنوات بعدها.
2- إقرار هذا القانون كان مطلباً من صندوق النقد الدولي لكن الصندوق لم يكن راضياً عن مضمونه.
 

 

 

ينبني على ما تقدم أنّ القوانين اللبنانية المرعيّة الإجراء كرّست المحاسبة واسترداد الأموال المنهوبة، على أيّ شكل كان، في الخارج أو في الداخل. وهي قوانين متجانسة والأهم أنها تنفي السرية المصرفية والحصانات والامتيازات في جرائم الفساد وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع التي تكافحها وتحاسب عليها.

 

التعليقات معطلة.