سرعت بغداد عمليات إعادة مواطنيها من سوريا وحثت الدول الأخرى على حذو حذوها
مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية يمشي أمام نساء وأطفال يصطفون في طوابير بمخيم الهول (أ ف ب)
ملخص
أعلنت السلطات العراقية إعادة أكثر من 13 ألف شخص منذ 2021 من مخيم الهول الذي لا يزال يؤوي أكثر من 16 ألف عراقي، وأعيد كذلك نحو 3 آلاف متشددين عراقيين من السجون الكردية فيما لا يزال هناك 2000 فيها.
أكد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي الأربعاء أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب خفض المساعدات الدولية يعوق عملية إعادة العراق لمواطنيه من مخيم الهول بحلول نهاية 2025 كما كانت بغداد تأمل.
وتحتجز الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا نحو 56 ألف شخص بينهم 30 ألف طفل في 24 منشأة احتجاز ومخيمين هما الهول وروج، وذلك منذ إعلان ذراعها العسكرية دحر تنظيم “داعش” من آخر معاقله في سوريا في عام 2019.
وفي وقت ترفض عدد من الدول استعادة مواطنيها، سرعت بغداد عمليات إعادة مواطنيها وحثت الدول الأخرى على حذو حذوها.
وقال الأعرجي الأربعاء في مقابلة وكالة الصحافة الفرنسية في بغداد “فوجئنا بإيقاف دعم المنظمات من الجانب الأميركي الذي كثيراً ما كان الداعم الأكبر، بالتالي حصل خلل في عمل المنظمات”.
وأعلنت إدارة ترمب الأسبوع الماضي خفض المساعدات الدولية الأميركية بصورة كبيرة، ولا سيما من خلال إلغاء 92 في المئة من تمويل برامج التنمية والمساعدات الخارجية التي تقدمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وجاء ذلك بعدما وقع ترمب أمراً تنفيذياً في أول يوم له في منصبه، نص على تجميد كل المساعدات الخارجية الأميركية لمدة 90 يوماً لإعطاء إدارته الوقت لمراجعة الإنفاق الخارجي.
وأدى هذا القرار إلى تعطيل عدد من البرامج بينها برامج في مخيمات سورية، إذ حذرت مجموعات حقوقية من تفاقم الوضع المتردي أصلاً.
ويؤوي مخيم الهول أكثر من 40 ألف شخص أكثر من نصفهم من الأطفال وفق الأمم المتحدة، ويعيشون في ظروف متردية.
وأعلنت السلطات العراقية إعادة أكثر من 13 ألف شخص منذ 2021 من هذا المخيم الذي لا يزال يؤوي أكثر من 16 ألف عراقي، وأعيد كذلك نحو 3 آلاف متشددين عراقيين من السجون الكردية فيما لا يزال هناك 2000 فيها.
وتعمل بغداد حالياً على نقل كل العراقيين المتبقين في الهول إلى مخيم في شمال العراق يحتاج إلى “البنى التحتية” الملائمة التي يمكن عادة “أن توفرها منظمات دولية”، وفق الأعرجي، غير أن “العقبة الوحيدة والأساسية هي توقف الدعم لهذه المنظمات”، بحسب المسؤول الذي أكد أن “العراق غير قادر لوحده على إنهاء هذا الملف” بل طلب من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي دعمه.
وأوضح أن لولا عرقلة المساعدات الدولية الأميركية “لكان من الممكن بحلول نهاية 2025 أن نكون أقفلنا ملف (مخيم الهول)، ونقلنا” كل شاغليه العراقيين إلى بلدهم.
ودعا المجتمع الدولي إلى “الالتفات إلى هذه القضية والتعاون من أجل” حلها، وخصوصاً أن “العالم بكامله تأثر (بأفعال) تنظيم داعش”.
اقرأ المزيد
تقليص المساعدات الأميركية يهدد استقرار مخيمي الهول وروج
مخيم الهول يستعد لأولى رحلات العودة الطوعية إلى المناطق السورية
عودة 700 عراقي من مخيم الهول السوري وتأهيلهم في الموصل
الأمن الكردي يلاحق فلول “داعش” حول محيط “الهول” السوري
ولا يزال العراق يعاني تداعيات سيطرة تنظيم داعش اعتباراً من 2014 على نحو ثلث مساحة أراضيه، حتى إعلان القوات العراقية في نهاية 2017 دحره محلياً بدعم أميركي.
وأشار الأعرجي إلى أن بلاده سرعت جهود الإعادة خشية تدهور الوضع الأمني في سوريا، بعد إطاحة بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول).
لكن الإدارة السورية الجديدة جاءت بـ”تطمينات بالتعاون مع العراق في مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود” بين البلدين والتي يزيد طولها على 600 كيلومتر، وأضاف “من مصلحتنا أن تكون سوريا آمنة”، داعياً السلطات الجديدة إلى الإسراع في تسوية المشكلات الأمنية، وتابع “ما زلنا نراقب الوضع لكن أفعال الإدارة في سوريا جيدة”.
وفي وقت تعد الحدود “مؤمنة” من الجانب العراقي، نبه الأعرجي من احتمال امتداد انعدام استقرار منطقة شمال شرقي سوريا “الرخوة”، محذراً من احتمال فرار متشددين من السجون في حال تدهور الوضع الأمني.
وأوضح “أن أية عملية تخلخل في الوضع الأمني في هذه المنطقة تشكل خطراً علينا وعلى المنطقة وعلى العالم”، خصوصاً إذ حدث “انسحاب مفاجئ للقوات الأميركية” من المنطقة.
ففي سوريا، قادت قوات سوريا الديموقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة ومكونها الرئيس وحدات حماية الشعب الكردية، الحملة العسكرية التي أدت إلى دحر تنظيم داعش من آخر معاقله في البلاد في عام 2019.
لكن منذ إطاحة الأسد، بات الأكراد يواجهون مستقبلاً غامضاً مع مطالبة الإدارة الجديدة المدعومة من تركيا، بدمجهم تحت مظلة وزارة الدفاع والجيش الجديد، رافضة أي نوع من الحكم الذاتي في مناطق الأكراد.
وتتهم تركيا وحدات حماية الشعب الكردية بالارتباط بحزب العمال الكردستاني.
وفي تحول كبير في القضية الكردية قد يؤدي إلى حلها، أعلن حزب العمال الكردستاني السبت وقف إطلاق النار مع تركيا بعد دعوة تاريخية من زعيمه عبدالله أوجلان إلى إلقاء السلاح وحل نفسه بعد نزاع مسلح استمر أكثر من أربعة عقود وقضى فيه عشرات آلاف الأشخاص.
وقال الأعرجي “نعتبر ذلك خطوة جيدة وإيجابية تصب في مصلحتنا كعراقيين، لأن الوجود المسلح لحزب العمال في العراق غير قانوني وغير شرعي”.
وتقيم تركيا منذ 25 عاماً قواعد عسكرية في شمال العراق لمواجهة مقاتلي الحزب المنتشرين في مواقع ومعسكرات في إقليم كردستان، وتشن بانتظام عمليات برية وجوية ضدهم.
وأضاف المسؤول العراقي “لا نريد حزب العمال الكردستاني على أراضينا ولا الجيش التركي، العراق يريد انسحاب الجميع”، مشيراً إلى أن “القوات التركية موجودة (في العراق) بذريعة وجود حزب العمال الكردستاني”.
ولفت إلى أن “تركيا أكدت في أكثر من اجتماع أن ليست لديها أي أطماع بالأراضي العراقية”، مشيراً إلى أن العراق يحث الطرفَين على المضي قدماً في عملية السلام، وتابع “نشجع الجميع على الاستفادة من هذه الدعوة لأن الفرصة مهمة جداً”.