بوتين بين واشنطن وطهران: هل تبيع روسيا حليفتها ايران؟

10

 

 

 

في عالم السياسة، لا مكان للولاء المطلق، بل للمصالح المتغيرة والمقايضات الكبرى. واليوم، يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقف أمام اختبار جديد.

هل يضحي بحليفه الإيراني في صفقة كبرى مع واشنطن؟
هذا التساؤل لا يأتي من فراغ، بل من تاريخ طويل من التحولات التي انتهت فيها تحالفات كبرى إلى تضحيات مؤلمة، حيث كانت روسيا دومًا مستعدة للتخلي عن الحلفاء عندما تحين اللحظة المناسبة.

موسكو والتخلي عن الحلفاء دروس من الماضي .
طالما قدمت روسيا نفسها كحامٍ لحلفائها، لكنها في اللحظات الحاسمة لم تتردد في بيعهم عندما رأت أن الثمن مناسب.
العراق 2003: كانت موسكو حليفًا قويًا لنظام صدام حسين، لكنها لم تفعل شيئًا لمنع الغزو الأمريكي، بل اكتفت بالاعتراضات الدبلوماسية، ثم سرعان ما تكيّفت مع النظام الجديد الذي تشكّل في بغداد.
سوريا 2018: رغم التدخل العسكري الروسي لإنقاذ نظام بشار الأسد، لم تكن موسكو متمسكة ببقائه بأي ثمن. وعندما طرحت واشنطن سيناريوهات تسوية تتضمن تغيير الأسد، لم تبدِ روسيا اعتراضًا حقيقيًا، بل تركت المجال مفتوحًا لمفاوضات سرية.
هذا السجل يجعل السؤال عن مصير العلاقة بين موسكو وطهران أكثر إلحاحًا، خاصة أن الظروف الآن تدفع بوتين نحو اتخاذ قرارات مصيرية .

لماذا قد يبيع بوتين إيران؟
مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تواجه روسيا ضغوطًا هائلة من الغرب. وفي ظل الحاجة لتخفيف العقوبات، قد يكون التخلي عن إيران ورقة مساومة مغرية تقدمها موسكو لواشنطن.

لكن لماذا الآن تحديدًا؟
للحصول على مكاسب من الغرب: واشنطن وأوروبا تبحثان عن طريقة للحد من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وقد يكون تقديم تنازلات بشأن إيران ثمنًا مقبولًا لتخفيف الضغوط الاقتصادية والسياسية على روسيا.

لتجنب تهديد استراتيجي مستقبلي .
رغم تحالف موسكو وطهران، إلا أن إيران قوة طموحة لا تلتزم بأي تحالف إلى الأبد. قد تكون موسكو قلقة من أن تتحول طهران في المستقبل إلى لاعب يصعب السيطرة عليه، خاصة مع توسع نفوذها العسكري والاقتصادي في آسيا والشرق الأوسط.

للحفاظ على توازن المصالح. روسيا تدرك أن أي تقارب أمريكي-إيراني محتمل قد يحدث فجأة، مثلما حدث في الاتفاق النووي السابق. لذا، قد يكون التخلي التدريجي عن إيران خيارًا استباقيًا، بدلًا من انتظار صفعة دبلوماسية غير متوقعة .

هل تقبل واشنطن الصفقة؟
الولايات المتحدة، رغم سياستها المتشددة تجاه إيران، لا تزال ترى أن حل الأزمة الإيرانية قد لا يكون بالضرورة عسكريًا. إذا عرضت موسكو تفكيك النفوذ الإيراني في المنطقة مقابل تنازلات غربية بشأن أوكرانيا أو العقوبات، فقد يكون هذا مقبولًا في دوائر صنع القرار الأمريكية.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل إيران مستعدة لأن تكون ورقة مقايضة؟

طهران في موقف حرج
النظام الإيراني يدرك جيدًا أن لعبة القوى العظمى لا ترحم، وأنه لطالما كان مجرد ورقة تفاوض في أيدي اللاعبين الكبار. لكن هل لديه القدرة على المناورة؟
إذا شعر قادة طهران بأنهم يُباعون في سوق المصالح الدولية، فقد يتخذون خطوات استباقية، مثل تصعيد العمليات العسكرية في المنطقة أو الاقتراب أكثر من الصين.
لكن إذا وجدوا أن تخلي روسيا عنهم أمر حتمي، فقد يسعون إلى صفقة خاصة بهم مع الغرب، وهو ما سيكون تحولًا استراتيجيًا هائلًا.
لعبة الكبار والصغار الضحية الدائمة .
تبقى السياسة لعبة الكبار، حيث تُحسم الصراعات ليس فقط بالرصاص، بل أيضًا بصفقات خلف الأبواب المغلقة. وكما كانت بغداد ودمشق ضحيتين في السابق، قد تكون طهران الضحية القادمة في سلسلة الصفقات الكبرى بين القوى العظمى.
لكن الدرس المستفاد من كل ذلك هو أن من يراهن على الدعم الخارجي لحماية مستقبله، يظل دومًا مهددًا بالبيع في اللحظة التي تصبح فيها مصلحته ورقة على طاولة المفاوضات .

التعليقات معطلة.