هشام يحيى
لا يزال لبنان بأوضاعه السياسية الهشة في مهب المخاطر في ظل المشهد الإقليمي المحتدم على جبهة الصراع السعودي – الإيراني المفتوح على كل احتمالات التصعيد في كل الساحات من دون استثناء ما يعني بحسب المراقبين والمتابعين أن لبنان الذي أصيبت أوضاعه الداخلية بخربطة على صعيد التوافق الداخلي بسبب أزمة مرسوم منح سنة أقدمية لضباط دورة عام 1994 الذي بدا وكأنه خطوة باتجاه استهداف وتطويق الثنائي الشيعي خصوصا بعد أن تم تجاوز صلاحيات وزير المال ومبدأ الميثاقية والديمقراطية التوافقية التي هي صمام أمان حماية أمن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي.
إلى ذلك عبرت أوساط دبلوماسية بارزة في بيروت عن قلقها البالغ من الوضع اللبناني الهش خصوصا في ظل استعار الكباش السعودي – الإيراني وذلك بعد موجة الاحتجاجات التي تعم ايران والتي تتهم قياداتها المملكة العربية السعودية في الوقوف وراء دعم وتمويل هذه الحركة الاحتجاجية خصوصا أن القيادات السعودية سبق أن هددت بنقل المعركة إلى داخل ايران التي توعد المسؤولون فيها بأنهم سيردون على السعودية بشكل مباشر في كل الساحات وعلى كل الجبهات من دون أي استثناء، وهذا ما يجعل المجتمع الدولي قلقا من سقوط لبنان ضحية الكباش السعودي – الإيراني المحتدم والذي قد يشكل عاملا ودافعا قويا في تطيير الحكومة وسقوط تسوية النأي بالنفس التي سبق أن تعرضت لبعض النكسات في نهاية العام 2017.
الأوساط حذرت من ارتفاع منسوب التشنج وعودة الحدية إلى الخطاب السياسي في لبنان مع ما يحمل من انعكاسات شديدة السلبية على عمل حكومة استعادة الثقة التي قد تدفع ثمن الكباش الدولي – الإقليمي الدائر في المنطقة، خصوصا أنه وحتى اشعار آخر، فإن كل المعطيات تشير بأن حدة الخلافات داخل الحكومة اللبنانية مرشحة بالارتفاع اكثر، سيما أن هذا المناخ المتشنج والمشدود بخلفياته وأبعاده ليس سوى ارتداد لما يجري في المنطقة من تطورات عسكرية وسياسية متسارعة تنذر بان المنطقة على شفير حرب إقليمية – دولية، وهذا الأمر يستدعي من القوى المحلية الوطنية استيعاب خطورة المرحلة ودقة ظروفها من خلال تجنب كل ما من شأنه أن يضعف جبهة لبنان الداخلية وبطبيعة الحال تجنب أي توتر أو خلاف من شأنه أن يهدد الحكومة الحالية في السقوط سيكون خطوة باتجاه أخذ البلاد نحو مجهول خطير.
الأوساط عينها عبرت عن قلقها البالغ مما شهدته الساحة المحلية من نقاشات ساخنة وحادة بين المكونات السياسية التي تتألف منها الحكومة حول موضوع مرسوم ترقية ضباط دورة 1994 والتي لامست الخطوط الحمراء ، خصوصا أن هذا النقاش يضر بالجيش الذي يحظى بدعم عسكري لاقت من المجتمع الدولي خصوصا من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي تعتبر الجيش شريكاً أساسياً في المعركة ضد الإرهاب وبأن الجيش اللبناني قيادة وضباط وعناصر كانت ولا تزال موضوع تنويه وتقدير من المجتمع الدولي سيما على صعيد النجاحات التي حققها الجيش اللبناني في التصدي للإرهاب، كما أن هذا النقاش بتوقيته المحلي من شأنه أن يعكر ويؤثر بسلبياته على وضع الحكومة والتسوية التي جرى إقرارها ، وهي تسوية النأي بالنفس عن صراعات المنطقة والتي كانت موضع رعاية وعناية من المظلة الدولية الراعية الأمن واستقرار لبنان وعن تحييد الساحة المحلية اللبنانية عن براكين المنطقة المشتعلة.
وتشير الأوساط بأن الخوف الأكبر من هذه النقاشات الساخنة أن تعيد البلاد نحو مشهد الانقسامات السياسية التي تتخذ شكل الإصطفافات الطائفية والمذهبية، والتي من شأنها أن تنعكس مباشرا خلافات وتشنجات في مجلس الوزراء المرشح أن تتحول جلساته ساحة للكباش المحلي وربما في لحظة تشنج محلي واقليمي أن يؤدي هذا الأمر إلى نقطة نسف الحكومة برمتها وبالتالي اسقاطها ضمن سياق ممارسة لعبة التصعيد وأخذ الأمور في لبنان كما هو الوضع في المنطقة برمتها إلى حافة الهاوية.