العراق اليوم يقف على مفترق طرق حاسم، حيث تتجاذبه قوى إقليمية ودولية تسعى لتحقيق مصالحها على حساب استقراره وسيادته. منذ عام 2003، شهدت الساحة السياسية العراقية تدخلات متزايدة، خاصة من إيران والولايات المتحدة، مما أدى إلى تعقيد المشهد السياسي وإضعاف المؤسسات الوطنية. تُظهر الدراسات أن التعددية الحزبية المفرطة، بوجود أكثر من 300 حزب وكيان سياسي، ساهمت في تفاقم الأزمات السياسية وتعطيل عملية بناء الدولة .
في ظل هذه التحديات، برزت دعوات لإجراء حوار وطني شامل يهدف إلى إعادة توجيه المسار السياسي نحو مصلحة العراق وشعبه. هذا الحوار يُعتبر ضرورة ملحّة لتجاوز الانقسامات الداخلية والتصدي للتدخلات الخارجية التي تسعى لفرض أجنداتها على البلاد. إن استمرار الوضع الراهن يهدد بانهيار الدولة ومؤسساتها، مما يضع العراقيين أمام خيارين: إما الانخراط في حوار جاد ومسؤول يعيد للعراق سيادته واستقراره، أو مواجهة مستقبل مجهول قد يحمل في طياته مزيدًا من الفوضى والانهيار.
إن التحدي الأكبر يكمن في قدرة العراقيين على تجاوز خلافاتهم الداخلية وتوحيد صفوفهم لمواجهة التحديات المشتركة. فهل سيتمكن العراق من اختيار طريق الحوار والبناء، أم سيستمر في دوامة الصراعات والانقسامات التي قد تقوده إلى مصير مجهول؟
العراق على حافة الهاوية، وسط أزمات متفاقمة تهدد كيانه السياسي والاقتصادي والاجتماعي. الفوضى تطرق الأبواب، والانقسام يتسع، فيما تغيب الحلول الحقيقية التي تضع مصلحة الوطن فوق الحسابات الضيقة. لم يعد الأمر مجرد تجاذبات سياسية، بل بات صراعًا على هوية الدولة ومستقبلها، في ظل نفوذ خارجي متغلغل، وطبقة سياسية عاجزة عن كسر دوامة الأزمات.
التاريخ يُعلمنا أن الشعوب التي تفشل في اختيار مسارها بوعي، تجد نفسها رهينة للفوضى والانهيار. فهل يدرك العراقيون خطورة اللحظة الراهنة؟ هل سنشهد حوارًا وطنيًا جادًا يعيد رسم مستقبل العراق، أم أننا سنترك مصيرنا للمجهول؟ السؤال مطروح، والإجابة تحدد مصير أمة بأكملها .
ان مايجري الان بالمنطقة وفي العراق على وجة الخصوص من تحديات متصاعدة تبرز الحاجة الملحّة إلى حوار وطني شامل يحدد معالم المستقبل، ويجنب البلاد الانزلاق نحو المجهول. إن استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية، وغياب الرؤية الموحدة لمستقبل العراق، يجعلان من هذا الحوار ضرورة وطنية لا يمكن تأجيلها.
الواقع المتأزم وسيناريوهات المستقبل
العراق يعيش اليوم حالة من عدم الاستقرار المزمن، حيث تتشابك الأزمات السياسية مع التدهور الاقتصادي والتحديات الأمنية. وبينما تعجز الطبقة الحاكمة عن تقديم حلول ناجعة، تتنامى حالة السخط الشعبي، مما يجعل العراق على مفترق طرق خطير. فإما الاستمرار في النهج القائم، بما يحمله من مخاطر الفوضى والانهيار، أو الشروع في حوار وطني حقيقي يمهّد لإعادة بناء الدولة على أسس جديدة.
لماذا الحوار الوطني الآن؟
إنقاذ العراق من المجهول: استمرار الوضع الحالي دون حلول جذرية سيدفع البلاد إلى مزيد من الفوضى، وربما إلى انفجار شعبي غير محسوب العواقب.
إعادة تعريف العقد الاجتماعي: العراق بحاجة إلى إعادة بناء مفهوم الدولة، بحيث تكون قائمة على مبدأ المواطنة بعيدًا عن المحاصصة الطائفية والتبعية للخارج.
تحقيق التوافق بين القوى الوطنية: لا يمكن لأي طرف فرض رؤيته منفردًا، ولا بد من توافق شامل يضمن مصالح جميع العراقيين.
استعادة القرار الوطني: في ظل التدخلات الخارجية، لا يمكن الحديث عن سيادة حقيقية دون موقف وطني موحد يضع مصلحة العراق أولًا.
ما المطلوب لإنجاح الحوار الوطني؟
رعاية دولية وإقليمية حيادية: لضمان عدم انحراف الحوار لصالح أي طرف على حساب الآخر.
تمثيل حقيقي للشعب: يجب ألا يكون الحوار محصورًا في القوى التقليدية التي فقدت ثقة المواطنين، بل يشمل النخب الوطنية المستقلة وممثلي الحراك الشعبي.
تحديد الأهداف بوضوح: يجب أن يكون الهدف الأساسي إعادة بناء الدولة، وليس مجرد تسويات سياسية لحفظ ماء وجه الأطراف المتصارعة.
آليات تنفيذية واضحة: لا يكفي إطلاق الشعارات، بل يجب وضع خارطة طريق تضمن تنفيذ مخرجات الحوار على أرض الواقع.
العراق أمام لحظة تاريخية مفصلية، فإما أن ينجح في صياغة رؤية وطنية تنقذه من دوامة الأزمات، أو يستمر في الانحدار نحو المجهول. والسؤال الذي يفرض نفسه: هل يدرك الجميع أن الوقت قد حان لطرح الخلافات جانبًا، والجلوس إلى طاولة الحوار من أجل العراق، قبل فوات الأوان؟