عبد الفتاح طوقان
بعد 42 عاما أرسلت رسالة نصية الي نقيب المهندسين الأردنيين ماجد الطباع على الواتس أب يوم 4 يناير 2018 اطلب منه الرد على رسالة استفسار كنت قد أرسلتها وانا طالب في جامعة الإسكندرية في كلية الهندسة الي رئيس وأعضاء مجلس نقابة المهندسين الأردنيين العاشر برئاسة النقيب المهندس إبراهيم ايو عياش رحمة الله عليه، وهو المجلس العاشر 1976- 1978، ومنذ ذلك الحين لم يصلني الرد. وذيلتها الي النقيب الحالي بالرقم 3433 مدني وهو رقم تسجيلي بالنقابة.
كان الاستفسار المرسل في صيف عام 1976 من طالب محب لوطنه، يريد ان يندمج في المجتمع ويطوق الي خدمته وينخرط في أداء الواجب، لذا احتوت الرسالة كلمات مفعمة بحب الأردن والرغبة في معرفة الاختصاصات والاحتياجات المطلوبة والنواقص حتى اختار التخصص الذي يعود على الأردن بالنفع ويسهم في خطة الأردن الاستراتيجية.
هكذا كنت اعتقد وأفكر، ان هناك وطن، هناك خطة، هناك دراسات، هناك احتياجات، هناك اهتمام بالطلبة الدارسين في الخارج. كنت اعتقد ان هناك نقابة وأنني جزءا منها ومن الوطن. كنت اري نفسي جزءا من التغيير و لكن كان التفكير الايجابي محصور بيني و بين نفسي و كأنني اتحدث الي نفسي في سراب من التخيلات.
تخرجت من كلية الهندسة ، القسم المدني و عدت للأردن بعدها بخمس سنوات و لم اجد أي رد ، سجلت اوراقي في النقابة عام 1982 ، ساعدني في ذلك المهندس كفاح مرقة من قسم التسجيل و حصلت علي الرقم 3433، أي ثلاثة الاف و اربعمائة و ثلاث و ثلاثون ، و اقسمت اليمين امام رئيس المجلس الثاني عشر ، 1980 -1982 ، المهندس عوني المصري الذي اصبح وزيرا ، في مكتبه بوزارة الاشغال عام 1982 ظللت انتظر الرد يوما بعد يوم و حتي وصلنا الي المجلس السادس والعشرين برئاسة المهندس و الصديق عبد الله عبيدات ، 2012 -2016، و انا انتظر الإجابة علي رسالتي بينما انظر الي الجسم النقابي يكبر و يزداد و ينمو و ينتفخ حتي وصل الي ما يقارب مئة و أربعين الف مهندسا و مهندسة و لا زالت رسالتي و استفساري بدون أي اجابة . ” ما هي احتياجات الأردن؟”.
وحيث أني قد وصلت سن التقاعد، أي ستين عاما ولم يصلني رد نقابة المهندسين بعد، اردت قبل التقاعد ان استفسر من النقيب السابع والعشرين عن رسالتي المؤرخة في ١٩٧٦، واجددها لأعرف بعد هذا التضخم في الاعداد الهندسية، ودون وجود أي خطة من وزارة الاشغال، من وزارة التخطيط من نقابة المهندسين عن مصير الهندسة والمهندسين، وإذا فعلا ما زال الأردن يحتاج لأبنائه والأهم “ما هي احتياجات الأردن؟”.
كل ما وجدته خبر مفاداه ان أطلقت نقابة المهندسين الأردنيين منذ عامين خطتها الاستراتيجية للأعوام (2016- 2025) بحضور نقيب المهندسين المهندس ماجد الطباع وأعضاء مجلس النقابة وأمين عام النقابة، وهي خطوة جيدة، وأنها تعرف كخطة لبناء مهندس قوي منافس على المستويين المحلي والعالمي، وأن الخطة هي مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه سوق العمل الهندسي داخل الأردن وخارجه خلال السنوات القادمة. لكن للأسف انتهت حيث بدأت بكلمات تنظيرية “مهندس قوي، مواجهة التحديات الكبيرة”. هل سيتم تقوية خمسين الف ، مئة الف ، و كيف و لماذا و في أي اتجاه ؟ لا إجابة أيضا.
ومازال السؤال من عام 1976 قائما دون إجابة:” ما هي احتياجات الأردن؟ “.
ولكن لم أجد أي حل ضمن الخطة لمئة وأربعين ألف مهندس، لمستقبل الجامعات الهندسية، لمستقبل العمل الهندسي، ولم أجد بين السطور أي إجابة على استفساري من أربعين عاما.
الاعمال الهندسية محتكرة، والمشاريع الضخمة تحال تلزيما دون شفافية، والوظائف شحيحة، ودور وزارة الأشغال والتخطيط والوزارة الهندسية مضمحل، لذا هناك قنبلة هندسية تتدحرج في الطريق نزع عنها مسمار الأمان وقد تنفجر في أي لحظة.
قد يكون الأردن احوج الي خطة تحول في استراتيجية التخصصات ونوعية المساقات الدراسية على سبيل المثال والي وزراء في القطاعات الهندسية من أصحاب الرؤي والقدرات الفائقة على التخطيط.
اذا كان سؤال بسيط عن احتياجات الأردن احتاج ٤٢ عاما و لم يتم الرد عليه، فكم عام يحتاج الرد علي السؤال: ما هو دور المهندسين في احداث التغير المطلوب اللازم لنهضة المجتمع الأردني المحيط بهم؟ وهل مسموح لهم بالتغيير؟
الهندسة تحتاج الانصاف والتنوع والتجديد في الفكر. و ها انا هنا أتوجه من جديد بسؤالي الي نقيب المهندسين و الي رئيس الوزراء أيضا :” ما هي احتياجات الأردن ” طبعا غير رفع الدعم عن الخبز .