بقلم : جورج حداد
تحدث ترامب في الشهر المنصرم امام الكونغرس عن مشروع الميزانية الجديدة للولايات المتحدة الاميركية. وبهذه المناسبة اعلن ترامب عزمه على إلغاء الحد الاعلى المفروض على النفقات الحربية منذ سنة 2011 وذلك من اجل جعل الجيش الاميركي هو الاقوى في العالم، ومن اجل تحقيق شعار “السلام بواسطة القوة”.
وتم ذلك في معرض مناقشة الاستراتيجية الجديدة للامن القومي، التي اعلنت روسيا والصين بوصفهما خصمين، كما اعلنت ايران وكوريا الشمالية بوصفهما تمثلان تهديدا للولايات المتحدة.
ومنذ طرح الميزانية الجديدة على الكونغرس في شهر اذار الماضي، طلب ترامب رفع ميزانية البنتاغون (وزارة الحربية) بمقدار 52 مليار دولار اضافية، وتحديدا طلب ترامب رفع الميزانية الحربية الى 639 مليار دولار، في حين بلغت الميزانية الحربية الاخيرة لاوباما 587 مليار دولار.
وبعد ان صادق الكونغرس على زيادة الميزانية الحربية، وقع ترامب على ميزانية حربية بقيمة 700 مليار دولار، ولكن لاجل تحقيق ذلك كان ينبغي ازالة العقبة المتمثلة في القاعدة التي اقرها الكونغرس في 2011 وهي ان لا تتجاوز ميزانية 2018 مبلغ 549 مليار دولار.
الاقتصاد والتجارة
وهناك جانب رئيسي آخر في الاستراتيجية العدوانية الجديدة لترامب وهو اسقاط عامل التبدلات الطقسية بوصفه يمثل تهديدا للامن القومي الاميركي. وكان هذا العامل قد ادخل في عهد اوباما. اما في وثيقة الميزانية الجديدة فقد جرى فقط ذكر مسائل البيئة وذلك من ضمن الجزء المتعلق بـ “السيطرة في قطاع الطاقة”، الذي يتضمن اتخاذ اجراءات للوصول الى الموارد الاميركية من الوقود الاحفورية كـ”الفحم، الغاز والنفط”.
كما تنص وثيقة الميزانية الجديدة على التخفيف من قيود القوانين المتعلقة بالبيزنس وحماية البيئة. اي ان الاجراءات والسياسات المتعلقة بالتبدلات المناخية لم تعد مرتبطة مباشرة بمسألة الامن القومي.
كما تركز الاستراتيجية الجديدة على موضوع ان وضعية الاقتصاد هي مرتبطة مباشرة بالامن القومي. ويشدد ترامب على ان العلاقات مع الدول الاخرى ومشاركة اميركا في الاتفاقات الدولية وعملية العولمة هي مرتبطة بالامن الاقتصادي للولايات المتحدة الاميركية.
وتتضمن الاستراتيجية الترامبية التحذير من “العدوان الاقتصادي” من جانب الصين. وفي هذا الصدد تذكر الوثيقة 38 مرة اسم الصين، و25 مرة اسم روسيا، و16 ـ 17 مرة اسم كل من ايران وكوريا الشمالية.
وفي بيان صدر عن البيت الابيض بعد خطاب ترامب في الكونغرس يجري تعداد اربع مصالح قومية حيوية لاميركا، تعتبر بمنزلة اربع ركائز للاستراتيجية الاميركية، وهي:
ـ الدفاع عن”الوطن” وعن الاميركيين وعن نمط الحياة الاميركي.
ـ دعم الازدهار الاميركي.
ـ الدفاع عن السلام بالقوة.
ـ توسيع النفوذ الاميركي.
وهذه الاستراتيجية تعترف “بالدور المركزي للقوة في العلاقات الدولية”.
وفي حديثه عن “العصر الجديد للمزاحمة” قال ترامب: “ان اميركا تعود الى المشاركة في اللعبة وهي ستكسبها” وكرر شعاره ” فلنجعل اميركا من جديد (دولة) عظمى”. و”سوف ندافع عن قيمنا جنبا الى جنب حلفائنا”.
ووصف روسيا والصين بأنهما قوة “تعديلية” (revisionist) و”أنظمة سافلة” تحاول ان تغير النظام الدولي.
هذا وذكرت رويترز ان واشنطن وزعت برقية على جميع السفارات الاميركية في الخارج جاء فيها “ان روسيا، وبواسطة اشكال حديثة للتاكتيك الهدام، تتدخل في السياسة الداخلية لبلدان العالم”. وأكدت البرقية “ان روسيا تستخدم العمليات المعلوماتية كجزء من الهجمات الانترنيتية للتأثير على الرأي العام في الكوكب الارضي. وجاء في هذه الوثيقة “ان روسيا تحاول ان تضعف الثقة بالتزامات اميركا في اوروبا”.
وقال هاري كازانيس، المحلل في المركز المحافظ للمصالح القومية إن الرئيس بوتين لن يكون سعيدا بأن تلصق به اتيكيت “عدو اميركا”.
بكين ترد
وقد جاء اول رد من وزارة الخارجية الصينية عبر بيان اصدرته السفارة الصينية في واشنطن جاء فيه: ان التعاون بين الصين واميركا ينبغي ان يكون مفيدا للطرفين. اما المجابهة فستكون فيها الخسارة لكلا الطرفين. وعبر البيان عن الامل في ان تبتعد اميركا عن التفكير في انه يمكن لبلد واحد ان يكون الرابح في العلاقات الدولية، ودعا البيان الى احترام الاختلافات مع الاخرين.
ورد موسكو
ومن جهة ثانية علق دميتريي بسكوف، الناطق الصحفي باسم الكرملين، على تصريحات ترامب بالقول: نحن لا نقبل فكرة ان روسيا تشكل تهديدا لامن اميركا. وإن اميركا تكشف ان لديها نزعة امبراطورية، وهي تبين عدم الرغبة في التخلي عن مفهوم العالم ذي القطب الاوحد، والاصرار على عدم تقبل وجود عالم متعدد الاقطاب.