“الدعم السريع” تركز هجماتها على دارفور في محاولة للسيطرة على عاصمة الإقليم وذلك بعد خسارة مواقعها في الخرطوم
جمال عبد القادر البدوي صحفي سوداني
بدأ ثقل الحرب ينتقل إلى الأطراف بخاصة في دارفور وشمال وجنوب كردفان غرب السودان (أ ف ب)
ملخص
قُتل 57 مدنياً في الأقل ضمن اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” إثر قصف نفذته الأخيرة على مدينة الفاشر داخل إقليم دارفور، وفق ما أفاد مصدر طبي ونشطاء محليون اليوم الخميس، وأوضح المصدر الطبي والنشطاء أن أعمال العنف وقعت أمس الأربعاء خلال وقت تركز قوات “الدعم السريع” هجماتها على دارفور في محاولة للسيطرة على الفاشر، آخر عاصمة ولاية خارج سيطرتها في الإقليم، وذلك بعد خسارة مواقعها داخل العاصمة الخرطوم.
مع دخول الحرب بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” التي انطلقت شرارتها قبل عامين من داخل العاصمة الخرطوم في عامها الثالث، بدأ ثقل الحرب ينتقل إلى الأطراف، بخاصة في دارفور وشمال وجنوب كردفان غرب السودان، في وقت يتجه التصعيد وحشد القوات من الطرفين حول مدينة الفاشر المحاصرة منذ أكثر من عام نحو ذروته بصورة تنذر بمعارك شرسة للسيطرة على المدينة خلال الأيام المقبلة وصفت بأنها ستكون “أم المعارك”.
تهديد وهجوم
وقُتل 57 مدنياً في الأقل ضمن اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” إثر قصف نفذته الأخيرة على مدينة الفاشر داخل إقليم دارفور، وفق ما أفاد مصدر طبي ونشطاء محليون اليوم الخميس.
وأوضح المصدر الطبي والنشطاء أن أعمال العنف وقعت أمس الأربعاء خلال وقت تركز قوات “الدعم السريع” هجماتها على دارفور في محاولة للسيطرة على الفاشر، آخر عاصمة ولاية خارج سيطرتها في الإقليم، وذلك بعد خسارة مواقعها داخل العاصمة الخرطوم.
وأعلنت الفرقة السادسة مشاة في الفاشر عن تصديها مع القوات المشتركة من حركات الكفاح المسلح وجهاز الاستخبارات العامة والشرطة والمستنفرين والمقاومة الشعبية، لهجوم عنيف شنته الميليشيات مساء أمس الأربعاء على محوري جنوب شرقي وشمال شرقي مدينة الفاشر.
وأفاد بيان الإعلام الحربي للفرقة السادسة مشاة بأن “على رغم التفوق العددي للعدو، فإن بسالة وصمود قواتها كانت لهما الكلمة العليا في ساحة المعركة وتمكنت من دحر العدو وكبدته خسائر بشرية ومادية فادحة، وكشف البيان عن أن المعركة أسفرت عن تدمير 15 عربة مقاتلة وشاحنات وقود ومستنفرين وتعطيل عدد كبير من مركبات العدو، بينما فرت قوات العدو إلى خارج المدينة.
وهدد نائب قائد قوات “الدعم السريع” الفريق عبدالرحيم حمدان دقلو خلال مقطع فيديو وهو يخاطب مجموعة من المقاتلين التابعين له على مشارف مدينة الفاشر، باكتمال الاستعدادات لإسقاط الفاشر، مؤكداً الاستعدادات لاجتياح المدينة بقوله “جاهزين لغزو الفاشر” في أسرع وقت ممكن، وشدد على أن كل من يحمل السلاح داخل المدينة يعتبر هدفاً مشروعاً بالنسبة إلى قوات “الدعم السريع”، بينما لن يجري التعرض للمواطنين العزل.
تحشيد وتصعيد
وفي سياق التحشيد العسكري من الجانبين والتصعيد المرتقب في دارفور خلال الأيام المقبلة، أكد والي ولاية وسط دارفور مصطفى تمبور ضرورة توحيد كل الجهود تحت قيادة تشمل القوى الوطنية كافة، من الجيش والشرطة والأمن وقوات الكفاح المسلح من أجل تحرير إقليم دارفور واستعادة الأمن والاستقرار فيه.
وجدد تمبور خلال لقائه أمس في مدينة بورتسودان، قيادة اللجنة القومية للمقاومة الشعبية برئاسة اللواء محمد بشير الباهي وحضور لجنة الاستنفار الولائية برئاسة اللواء شرطة يحيى علي حسين، دعمه الكامل للمقاومة الشعبية ودورها في دعم الجيش.
وأوضح المتحدث باسم لجنة الاستنفار الولائية يسن محمد آدم أن اللقاء بحث التحديات الميدانية وآليات تعزيز التنسيق بين المستويات القومية والولائية بهدف تكثيف العمل المشترك في محاور وسط دارفور.
وكتب قائد فيلق البراء بن مالك (كتيبة البراء بن مالك سابقاً) المصباح أبو زيد في منشور على صفحته الرسمية بـ”فيسبوك”، ” منذ زمن بعيد كان لدي رأي في القتال في دارفور وكنت رافضاً تماماً، لذلك مع قناعات تجعلني أتبنى موقف الرفض حينها، لكننا الآن بكل عزم وثقة نتوجه بثقلنا وعتادنا إلى الفاشر وقناعتنا أن دحـر ميليشيات دقلو هو نهاية لأزمات السودان وسنبدأ بعـمليات نظافة دارفور بحـسم ويقين ثابت بالنصر”.
تمشيط غرب أم درمان
وعلى صعيد محور العاصمة الخرطوم أكد المتحدث الرسمي باسم الجيش العميد ركن نبيل عبدالله مواصلة قوات الجيش لنجاحاتها الساحقة و”تمكنها من سحق وتدمير شراذم ميليشيات آل دقلو في مناطق الصفوة والحلة الجديدة وقرية الصفيراء ومعسكر الكونان غرب أم درمان”، وتعمل على تصفية ما بقي من جيوب محدودة في المنطقة.
وأوضحت مصادر ميدانية أن قوات الجيش تطارد تجمعات الميليشيات في منطقة المويلح غرب أم درمان ودمرت خلال عملياتها 14 عربة قتالية وقضت على مجموعات كبيرة من عناصر “الدعم السريع”.
وأشارت المصادر إلى أن قوات العمل الخاص التابعة للجيش في القطاع غرب العاصمة بمحلية أم بدة واصلت عمليات تمشيط المنطقة حتى أحياء قندهار ودار السلام وجبل المرخيات ومعسكر فتاشة على حدود ولاية الخرطوم مع ولاية شمال كردفان.
وكشفت المصادر نفسها عن أن الطيران الحربي للجيش يتابع شن غارات جوية عنيفة على تجمعات العدو في محيط أم رماد والحمادي والدبيبات وبارا بشمال كردفان، وكذلك في منطقة الهلبة بالنيل الأبيض أسفرت عن تدمير عدد كبر من العربات القتالية بأطقمها البشرية، كما استولت على عدد من الطائرات المسيّرة القتالية والاستطلاعية.
“الدعم السريع” تستعرض
في المقابل، هنأت قوات “الدعم السريع” قواتها على الانتصارات العظيمة التي حققتها خلال اليومين الماضيين بتحرير مدينة أم كدادة الاستراتيجية بشمال دارفور، وتسلم قيادة اللواء 24 التابعة للفرقة السادسة مشاة في المدينة.
وأكد بيان للمتحدث الرسمي باسم القوات، بسط سيطرتها على مناطق العطرون والراهب الصحراويتين بشمال دارفور وأم عدارة غرب كردفان ومنطقة خور الدليب جنوب كرفان والهلبة في النيل الأبيض، وتصديها لقوات الجيش في أم درمان.
وقال البيان “هذه الانتصارات العظيمة تحققت بعزيمة الأبطال وصبرهم وإيمانهم بقضيتهم العادلة وإصرارهم على أن هذه الحرب لمصلحة الشعب السوداني وجعلها آخر الحروب والعمل على بناء وطن الحرية والسلام والعدالة”، داعياً إلى عدم الالتفات لأي معلومات مضللة تبثها وسائل التواصل الاجتماعي أو القنوات الموالية للجيش تتضمن انتصارات زائفة، واستقاء أي معلومات حول التطورات الميدانية عبر المنصات الرسمية لقوات “الدعم السريع”.
إمدادات الفاشر
إلى ذلك دعا وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم إلى تنسيق الجهود بين حكومة إقليم دارفور ووزارة المالية ومفوضية العون الإنساني ووزارة الخارجية لإيجاد حلول عاجلة لإيصال الإمدادات الدوائية واستمرار تقديم الخدمات الصحية في مدينة الفاشر.
وشدد خلال تصريحات صحافية على ضرورة الإسراع في فك الحصار عن مدينة الفاشر وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، مؤكداً أهمية عقد اجتماع موسع لإيجاد حلول عملية لهذه القضايا الملحة.
ودان إبراهيم الانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيات “الدعم السريع” بحق المدنيين والكوادر الطبية في معسكر زمزم ومستشفى أم كدادة، بتصفية عدد من الأطباء أثناء تأديتهم واجبهم الإنساني.
وكان الوزير استعرض خلال اجتماع مشترك مع وزير التنمية العمرانية والطرق والجسور صلاح حامد إسماعيل، سبل استمرار الخدمات الصحية وإيصال الإمداد الدوائي وعلاج الجرحى في مدينة الفاشر مع الحصار المفروض عليهم من قبل ميليشيات “الدعم السريع”.
محنة زمزم
وكشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” عن تقارير تفيد بأن قوات “الدعم السريع” عقب سيطرتها على معسكر زمزم في ولاية شمال دارفور قبل ثلاثة أيام، تمنع من بقي من نازحين من مغادرته، بخاصة فئة الشباب.
ووفق بيان للمكتب، لا يزال الوصول إلى مخيم زمزم متعذراً، بينما يعوّق انقطاع الاتصالات جهود التحقق من الوضع الميداني، غير أن تقارير تشير إلى أن قوات “الدعم السريع” تمنع مغادرته.
ويعيش الفارون من مخيم زمزم إلى الفاشر والمقدر عددهم بأكثر من 400 ألف شخص في مناطق طويلة وجبل مرة أوضاعاً إنسانية بالغة السوء، نتيجة الشح الشديد في الغذاء ومياه الشرب وانعدام الحاجات الأساسية بسبب الحصار الذي تفرضه قوات “الدعم السريع” على المدينة منذ قرابة العام.
تواصل أفريقي
إقليمياً، أكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف رفضه لأي محاولات تهدف إلى انفصال إقليم دارفور، مرحباً بالتطورات الكبيرة والإيجابية في السودان وعودة العاصمة الخرطوم التي لسيادة البلاد ومؤسساتها.
وأكد خلال لقائه أمس سفير السودان لدى إثيوبيا والمندوب الدائم لدى الاتحاد الأفريقي الزين إبراهيم حسين، دعمه لسيادة السودان وحرصه على سلامة أراضيه ووحدته الترابية ورفضه لأي محاولات أو ترتيبات موازية تهدف إلى انفصال في دارفور، كما رحب بكل المساعي التي تضمن السلم والاستقرار في البلاد والانتقال الآمن.
وقدم السفير تقريراً مفصلاً عن تطورات الأوضاع في السودان وتحرير الجيش والقوات المساندة له للعاصمة الخرطوم والاستمرار في حرب الكرامة حتى تحرير سائر التراب السوداني وبسط هيبة الدولة ومؤسساتها.
وأطلع السفير رئيس المفوضية الأفريقية على انتهاكات الميليشيات التي تحاصر الفاشر ومعسكرات النازحين في زمزم وأبو شوك والتي وجدت إدانات واسعة، ولا سيما من الاتحاد الأفريقي.
كما تناول اللقاء أهمية دور الاتحاد الأفريقي خلال المرحلة الراهنة وحاجة السودان إلى توفيق أوضاعه، مما يقتضي التنسيق اللصيق والارتباط الإيجابي على ضوء خريطة الطريق التي أعلن عنها رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان في فبراير (شباط) الماضي.
البرهان إلى القاهرة
في هذا الوقت تلقى البرهان أمس دعوة من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى زيارة القاهرة خلال الفترة المقبلة وتسلم رسالة خطية عبر سفير القاهرة لدى السودان هاني صلاح بحضور وزير الخارجية السوداني علي يوسف.
وأكد صلاح أن اللقاء تناول تطورات الأوضاع في السودان والوضع في دارفور ومؤتمر لندن حول السودان، مضيفاً “نريد تحويل الأزمة التي يمر بها السودان والتي يصفها العالم بأنها منسية إلى أزمة غير منسية”.
57 قتيلا في معارك الفاشر والجيش يتقدم غرب أم درمان

التعليقات معطلة.