روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

4

محمد علي الحيدري

تتجه الأنظار إلى العاصمة الإيطالية روما حيث من المقرر عقد الجولة الثانية من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران يوم السبت المقبل، في سياق إقليمي مضطرب وتحولات دولية متسارعة. الجولة الأولى التي احتضنتها مسقط حملت إشارات أولية على وجود رغبة متبادلة في خفض التوتر، لكنها لم تكن كافية لتبديد الشكوك العميقة المتراكمة بين الطرفين.

أما الآن، فالجولة الجديدة تأتي وسط ضغط أمريكي متصاعد، واستنفار إيراني يحاذر الانزلاق إلى مواجهة شاملة، لكنه لا يرضى بالتفاوض تحت التهديد. الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب تعود إلى الطاولة من موقع مختلف؛ لا بوصفها منسحبة من الاتفاق كما في عام 2018، بل باعتبارها طرفًا يملك زمام المبادرة في لحظة يَعتبر فيها أن العقوبات أضعفت طهران، وأن الظرف الدولي يمنحه ورقة ضغط إضافية. غير أن إيران، برغم أزماتها الداخلية، تدخل هذه الجولة بنَفَس طويل، وتستند إلى شبكة تحالفات إقليمية صارت أكثر رسوخًا مما كانت عليه قبل سنوات، ما يمنحها أدوات تفاوض مختلفة، وإن لم تكن كافية لكسر العزلة. الرهانات متباينة. واشنطن تريد اتفاقًا سريعًا يُوقف التخصيب العالي ويوسّع آليات التفتيش ويشمل قضايا الصواريخ والنفوذ الإقليمي. وطهران، من جهتها، تطلب ضمانات حقيقية بألا يُعاد سيناريو الانسحاب الأميركي، وتُصرّ على رفع العقوبات الخانقة قبل أي خطوة ميدانية.
وسط هذا، تلعب سلطنة عمان دور الوسيط الصامت، بينما دخلت إيطاليا على الخط كمضيفٍ يسعى لتعزيز الحضور الأوروبي في المسارات الدولية الحساسة. ما يثقل هذه الجولة هو إدراك الطرفين – ومن خلفهما الوسطاء – أن الفشل هذه المرة قد لا يمر بلا تبعات. فالتصعيد في المنطقة لم يعد احتمالًا بعيدًا، بل صار كابوسًا يحوم فوق الجميع، من غزة إلى الخليج. لذلك، فإن اجتماع روما قد يكون أكثر من مجرد تفاوض حول برنامج نووي؛ إنه اختبار لإمكانية التفاهم في زمن التشظي، ولإرادة دولية لم تعد تملك ترف تأجيل الحسم. يبقى السؤال الأهم: هل نضجت اللحظة لعقد جديد، أم أن أوان الانفجار يسبق التفاهم بخطوة؟ روما قد تُجيب، ولكن بثمن.

التعليقات معطلة.