مع التقدّم بالسنّ، يواجه كلّ منّا خطر التعرّض لمرضين أساسيين يرتبطان بالشيخوخة، هما الباركنسون والألزهايمر. حتى اللحظة، يبقى داء ألزهايمر هو الأكثر شيوعاً، ويحتلّ المرتبة الأولى بين أمراض الشيخوخة مع ارتفاع معدلات الإصابة به. لذلك، يبقى التركيز مصبّاً عليه في الأبحاث والدراسات. لكن دراسة جديدة قد تغيّر نظرتنا إلى الأمور قريباً، وفق ما نُشر في Webmd.

ما سبب ارتفاع معدّلات الإصابة بالباركنسون؟
من المتوقّع أن ترتفع معدّلات الإصابة بالباركنسون في أميركا الشمالية بنسبة 30 في المئة، بحسب دراسة حديثة. هذه النسبة تعادل إصابة 25 مليون شخص، ممّا يُعتبر مقلقاً للصحة العامة والجهات الضامنة والقطاع الصحي. حتى اليوم، يشكّل الخرف المرض الأكثر انتشاراً بين الأمراض المرتبطة بضمور الجهاز العصبي. ومع تراجع معدّلات الخرف، من الطبيعي أن يحلّ مرض الباركنسون في المرتبة الأولى في العقود المقبلة.
في هذا الإطار، يشدّد خبراء الصحة على أهمية التوعية بالمرض، وتعريف الناس بشكل أفضل إليه، لأن الوقاية من الإصابة به ممكنة، كما يسمح ذلك بالتعايش معه بشكل أفضل. انطلاقاً من ذلك، تتكثف الدراسات حول الباركنسون الذي يؤثر بشكل أساسي على الحركة فيبطئها، ويزيد من التيبّس والرجفة أثناء الركود، إضافة إلى ما يُسبّبه من أعراض تعبٍ وألمٍ.
لكن الإصابة بمرض باركنسون لا تعني الجلوس على كرسيّ متحرّك وفق ما يعتقد البعض. ففي دراسة أميركية جديدة تبيّن أن معظم الذين يتلقّون الرعاية الطبية المتخصّصة اللازمة يستمرّون بممارسة الأنشطة اليومية باستقلاليّة تامة بعد 10 أو 15 سنة من تشخيص المرض لديهم.
ويشير أحد الأطباء، الذين أجروا الدراسة، إلى أنه في عام 1950، لم تكن هناك معرفة كافية بمرض الباركنسون، وكان معدّل العيش للمريض لا يتخطى الـ 7 سنوات أو الـ 8، كما كان معظم المرضى يصبحون على كرسيّ متحرّك بحلول العام الخامس بعد التشخيص. وصحيح أنه تماماً كما بالنسبة إلى الخرف لا يتوافر حتى اللحظة العلاج الشافي للباركنسون، فإن العلماء يعملون على كشف العوامل المسبّبة للمرض لدى اجتماعها. وفيما يبدو أن العامل الجينيّ سبب للإصابة بمرض باركنسون في مجموعة بسيطة من الحالات، فإنه يبدو واضحاً أن ثمة عوامل أخرى ترتبط بنمط الحياة والمحيط، وتلعب دوراً مهماً في ذلك.
ما أولى علامات الباركنسون؟
يؤكد الأطباء أن الكشف المبكر للمرض يعتبر جوهرياً لعيش حياة أطول أكثر جودة. لكن قد تظهر علامات لدى البعض تشير إلى أنهم عرضة للإصابة بالمرض، وإن كانوا غير مصابين به. ومن العلامات المبكرة التي يمكن التنبّه لها:
– فقدان حاستي الشم والذوق
-اضطراب النوم السلوكي الذي يرتبط بالحديث أثناء النوم أو المشي أو القيام بحركات تترجم الأحلام التي يمكن رؤيتها.
قد تكون هذه من الأعراض التي تسبق تشخيص مرض الباركنسون بـ 15 سنة. لكن هناك فحصاً جديداً للدم يمكن اللجوء إليه لكشف مادة بروتينية موجودة في أدمغة الأشخاص المصابين بالباركنسون. وقد تأتي نتيجة الفحص إيجابية لدى البعض قبل سنوات من بداية المرض، وإن كان من الممكن أن تأتي سلبية لدى أشخاص يصابون به بعد سنوات، إذا تكدّست البروتينة مسبقاً لديهم.
ما هو التحفيز العميق للدماغ؟
حصل تطور ملحوظ أخيراً في تقنية التحفيز العميق للدماغ في الحالات المتقدّمة من مرض الباركنسون. هي تعمل على إرسال ذبذبات كهربائية في الدماغ للحدّ من الأعراض، علماً بأن التقنية التي يتمّ اللجوء إليها جراحياً متوافرة منذ عام 1997.
من جهة أخرى، تعتبر ممارسة الرياضة من الوسائل الفاعلة التي يتم التركيز عليها لمواجهة مرض باركنسون، إذ تبين أنها تبطئ تطور المرض، بل قد تكون من عوامل الوقاية من المرض. وإضافة إلى ممارسة الرياضة، تبرز أهمية الحفاظ على مؤشر كتلة جسم منخفضة، وتجنب الإصابة بالسكري، والإكثار من تمارين الأيروبكس بشكل خاص، فهي قد تساعد على تأمين الحماية من المرض.
مع الإشارة إلى أن الإصابة بمرض باركنسون قد ترتبط بعوامل عديدة مجتمعة مثل العوامل الجينية، وأمراض من مثل السكري والسمنة وعوامل أخرى ترتبط بالمحيط، منها التلوث والتعرض للمواد الكيميائية.