يحظى مشروب “الحليب الذهبي” بشعبية واسعة حالياً، رغم أنّه ليس اختراعاً حديثاً؛ فهذا المشروب الدافئ والمريح والمفيد يعود إلى تاريخ عريق عمره آلاف السنين في الطب التقليدي في الهند، أو ما يُعرف بالـ ayurveda، إذ استُخدم كمنشّط مغذٍّ ولذيذ المذاق.
ما هو مشروب “الحليب الذهبي”؟
هو ببساطة مشروب مكوّن من الحليب والعسل والكركم. وفيما يُعرف الكثير عن فوائد العسل والحليب عامة، بدأ الحديث أخيراً عن فوائد الكركم تحديداً، لنجد أنّ المشروب المذكور، بمزجه المكوّنات الثلاثة هذه، له فوائد عديدة، ليس للجسم فقط، بل للمزاج والدماغ أيضاً. فقد تمّ استخدام الكركم تقليدياً كصبغة وتوابل وعلاج مضادّ للالتهابات في كلٍّ من الطب الهندي والصيني.
فوائد سحرية!
تشرح اختصاصية التغذية نغم طنّوس لـ”النهار” بأن الحليب الحيواني يحتوي على الكالسيوم والفيتامين “د”، ويساعد على تجديد خلايا الجسم والعضلات، ويحتوي على العناصر الغذائيّة بمستوى أعلى من الحليب النباتي.
أمّا الكركم، فله خصائص مضادّة للالتهاب، وفق طنّوس، فهو يحارب تأكسد الخلايا والأجسام الحرّة في الجسم. ويفيد الكركم الدماغ عبر إفراز مادّة تساعد على تحسين المزاج والذاكرة، وتعزيز الوظائف الدماغية.
كذلك، يساهم الكركم بتخفيف آلام المفاصل، ويساعد على التخفيف من الأورام السرطانية، وفق دراسة مخبرية، إلى جانب أنّه مفيد للقلب ويقلّل من أمراضه وأمراض الشرايين.
أما العسل، فيساعد في محاربة تأكسد الخلايا والبكتيريا والفطريات والفيروسات، على أن يكون عسلاً أصلياً طبعاً. ويساعد أيضاً في تقوية المناعة ومحاربة الرّشح والزكام وآلام البلاعيم والسعال. لكن طنّوس توصي بأن يُستخدم العسل على حرارة معتدلة أو فاترة غير مرتفعة، كي لا يفقد عناصره الغذائية.
النتيجة، عندما تندمج هذه المكونات بعضها ببعض في مشروب واحد، سيساعد على تقوية المناعة والاسترخاء ومحاربة أعراض الزكام والسعال والرشح، وعلى التقليل من الالتهابات وآلام المفاصل، فضلاً عن تحسين الذاكرة ووظائف الدماغ، وتحسين الهضم، وتقوية العظام، إذ يُعتبر فيتامين “د” والكالسيوم عنصرين مفيدين جداً لصحة العظام. ويساهم هذا المشروب في العناية بالبشرة، فهو يحارب الأجسام الحرّة وتأكسد الخلايا، وهي عمليات تساهم عادة في شيخوخة البشرة.
وأثبتت دراسة بعنوان ” Phenolics and polyphenolics in foods, beverages and spices: Antioxidant activity and health effects – A review” أنّ مضادات الأكسدة الموجودة في الأطعمة والتوابل لها تأثير إيجابي على تقليل تلف الخلايا.
وفي ما يتعلّق بالمزاج تحديداً، يُساعد الكركم في علاج بعض اضطرابات المزاج، إذ يُعزّز مستويات السيروتونين والدوبامين ويُعزز مرونة الدماغ. وبما أن الكركم قد يُعزّز مستويات عامل التغذية العصبية المشتقّ من الدماغ (BDNF3)، الذي يرتبط انخفاض مستوياته بالاكتئاب، فذلك يعني ذلك أن الكركم مُضادّ للاكتئاب.
انتبه للحليب المستخدَم…
ليس الحليب بحد ذاته هو المكوِّن الأكثر فاعلية في هذا المشروب، بحسب طنّوس، إنّما هو الكركم والعسل بشكل أساسيّ، إذ أثبتت بعض الدراسات أنّ الحليب يزيد من بعض الالتهابات في الجسم، وقد يزيد من البثور على الوجه مثلاً.
وتنصح طنّوس باستخدام الحليب كامل الدسم أو نصف الدسم لا الآخر الخالي من الدسم، لأنّ الدسم الموجود في الحليب يساعد على امتصاص الكركم، إذ إنّ هذا الأخير يحبّ البيئة الدهنية.
وللأشخاص الذين يعانون من الحساسية تجاه اللاكتوز، يمكنهم أن يستخدموا الحليب الحيواني الخالي من اللاكتوز. ويمكن استبدال حليب الماعز بالحليب البقري، فأنواع البروتينات الموجودة في تكوين الأول أسهل للهضم. ويمكن أن يكون الحليب ذا مصدر نباتيّ للأشخاص النباتيين، مثل حليب اللوز أو الكاجو أو جوز الهند.
أما الكمية التي يُفضَّل عدم تخطّيها يومياً من المشروب الذهبي، فتقول طنّوس إنّ الناس يشربون عادة كوباً واحداً من الحليب يومياً، وهو كافٍ مع ملعقة عسل صغيرة وربع أو نصف ملعقة من الكركم، قبل النوم.