خور عبدالله: معركة السيادة الوطنية أمام اختبار الخيانة 

9

 

في خضم التوترات السياسية والأزمات الاقتصادية التي يمر بها العراق، تبرز قضية اتفاقية خور عبدالله كأحد أخطر التحديات التي تهدد السيادة الوطنية للبلاد. قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء قانون المصادقة على الاتفاقية يمثل خطوة هامة لحماية حقوق العراق، لكن المواقف السياسية التي تحاول الطعن في هذا القرار تفتح بابًا خطيرًا للمساومات على أراضي البلاد.

إن الأراضي العراقية ليست مجرد قطع من الأرض يمكن التنازل عنها أو بيعها وفقًا لمصالح حكومية أو إقليمية، بل هي حق الشعب العراقي الذي يستحق أن يُحافظ عليه دون أي التفافات أو ضغوط خارجية. التصريحات التي تدعو إلى إلغاء قرار المحكمة الاتحادية، سواء من قبل السياسيين أو المسؤولين الحكوميين، تُظهر تهاونًا واضحًا في مواجهة محاولات التلاعب بمقدرات العراق لصالح أطراف قد تكون بعيدة عن مصلحة الوطن.

في هذا السياق، يتم استغلال قضية خور عبدالله كما لو أنها قطعة يمكن تداولها في مزاد علني، فبينما يتحمل الشعب العراقي عبء الخلافات الداخلية والخارجية، تأتي بعض القوى السياسية لتؤكد على تفضيل مصالحها الشخصية أو الإقليمية على حساب سيادة العراق ومصالح شعبه. لا يمكن أن تكون السياسة الوطنية قائمة على المساومات على حقوق الشعب وتضحياته.

تُظهر هذه المواقف التي تصدر من بعض السياسيين، مثل رئيس الحكومة محمد شياع السوداني أو رئيس المحكمة الاتحادية فائق زيدان، حالة من التراخي أو حتى الخيانة التي قد تكون غير مباشرة أو غير مدروسة. فالتنازل عن أراضي العراق تحت أي مسمى أو حجّة لا يعد إلا خيانة للوطن، سواء كان هذا التنازل مقصودًا أو غير مقصود.

القضية هنا ليست مجرد مسألة قانونية أو سياسية، بل هي قضية تتعلق بمستقبل العراق وأجياله القادمة. حماية حدود العراق والسيادة الوطنية لا تأتي من تردد الحكومة أو الانصياع لضغوط خارجية، بل عبر التمسك بالقرارات القانونية التي تضمن الحقوق السيادية. إن التلاعب بهذه القرارات يمكن أن يقوض الثقة في المؤسسات الحكومية ويزيد من حالة الاستقطاب الداخلي الذي يضر بالاستقرار السياسي والاجتماعي.

من الأهمية بمكان أن يكون الشعب العراقي هو صاحب القرار النهائي في مصير أراضيه وثرواته. في هذا السياق، تُعتبر قضية خور عبدالله اختبارًا حقيقيًا للقيادة العراقية الحالية، وكيف ستتخذ موقفًا حازمًا في مواجهة محاولات التفريط بمقدرات البلد.

إن حماية السيادة الوطنية تبدأ أولًا من احترام قرارات القضاء، وتجنب الانحراف عن المواقف الوطنية التي تضع مصالح الشعب أولًا. سيظل العراق بحاجة إلى تماسك داخلي وشجاعة سياسية للتصدي لأي محاولة للتنازل عن حقوقه.

 فإن المواقف السياسية التي تسعى لتسوية حقوق العراق مقابل المصالح الشخصية أو الإقليمية يجب أن تكون مرفوضة من قبل كل عراقي غيور على وطنه. خور عبدالله ليست مجرد نقطة جغرافية؛ هي رمز للسيادة، ومن يفرط في هذه السيادة، لا يمكن أن يكون أمينًا على مستقبل الوطن.

التعليقات معطلة.