تطرّق الباحثان السياسيان أرمان محموديان وجيف روج، من معهد الأمن العالمي والقومي في جامعة جنوب فلوريدا، إلى التحولات الجيوسياسية السريعة التي يشهدها الشرق الأوسط عقب انهيار نظام بشار الأسد في سوريا.
وأكد الباحثان في مقال مشترك بموقع مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية أن هذا التطور، رغم كونه يشكل ضربة قاصمة لمشروع إيران الإقليمي المعروف بـ”محور المقاومة”، فإنه ينذر بظهور محور سني متشدد قد يزعزع استقرار المنطقة.
مخاوف من صعود تركيا
وروى الباحثان مشهداً مشحوناً في البيت الأبيض في 7 أبريل (نيسان) 2025، حيث لم يستطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إخفاء انزعاجه حينما أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتهنئته.
كما أثار إعلان ترامب عن احتمال لقائه بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع مزيداً من القلق لدى إسرائيل.
وبينما عدّا الكاتبان سقوط الأسد مكسباً استراتيجياً يُضعف نفوذ طهران الإقليمي، فإنهما يحذران من أن الفراغ الناتج قد تملؤه أنقرة، الطامحة إلى بسط نفوذها.
ضربات استباقية إسرائيلية
ولم تقف إسرائيل مكتوفة الأيدي أمام التغلغل التركي، إذ شنت غارات جوية وعمليات برية ضد مواقع عسكرية استراتيجية في سوريا، وأبلغت أنقرة بشكل صريح أن إنشاء قاعدة عسكرية تركية دائمة في سوريا يُعد تجاوزاً للخطوط الحمراء.
وكشف الكاتبان أن لقاءات جمعت مسؤولين إسرائيليين وأتراكاً في أذربيجان لمحاولة نزع فتيل التوترات وضمان عدم تصادم العمليات العسكرية للجانبين داخل سوريا، لكن يؤكد محموديان وروج أن الولايات المتحدة وحدها من يمتلك القدرة على إدارة الوساطة بين هذين الحليفين المتخاصمين.
ارتفاع عدد القتلى في جرمانا السورية وسط استمرار التوترات – موقع 24
ارتفع عدد قتلى اشتباكات مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية في محيط العاصمة السورية دمشق، إلى أكثر من 12 شخصاً.
توصيات لأمريكا لمواجهة التحدي التركي
وقدم الكاتبان جملة من التوصيات الاستراتيجية للحفاظ على توازن القوى ومنع سوريا من التحول إلى بؤرة جديدة للتطرف:
أولاً، ضرورة الإبقاء على العقوبات ضد “هيئة تحرير الشام”، قبل إقرار إصلاحات ملموسة، أهمها استبعاد العناصر المتطرفة من الحكومة السورية الجديدة.
ثانياً، إعادة تقييم موقف واشنطن من التواجد الروسي المحدود في سوريا، لا سيما في قاعدة حميميم الجوية، إذ يشكل الوجود العسكري الروسي ثقلاً موازناً للنفوذ التركي.
ثالثاً، تعزيز الدعم الأمريكي للحكومة اللبنانية وللحكومة الأردنية، في ظل خطر محتمل يتمثل في محاولة الجماعات المتطرفة زعزعة استقرار هاتين الدولتين.
هل تُطوى صفحة العداء بين قسد ودمشق؟ – موقع 24
تعهدت الفصائل المسلحة، عقب سيطرتها على سوريا، بتوحيد صفوفها في جيش وطني واحد. لكن التحدي الأكبر واجهها في شمال شرق البلاد، حيث تسيطر إدارة ذاتية تقودها الأقلية الكردية التي تبدي توجساً عميقاً تجاه القيادة الجديدة، المدعومة من تركيا، والتي لطالما سعت إلى تحجيم النفوذ الكردي في سوريا.
تركيا ليست بديلاً لإيران
في الختام، أكد محموديان وروج أنه يتعين على الولايات المتحدة تبنى استراتيجية تقوم على تحقيق التوازن، وتعزيز الشمولية، والحفاظ على اليقظة الدائمة. فبينما يتراجع النفوذ الإيراني، تبرز مخاطر جديدة تتطلب من واشنطن تحركاً سريعاً ومدروساً لضمان ألا يتحول الشرق الأوسط مجدداً إلى ساحة لصراعات راديكالية عابرة للحدود.