من مطار بن غوريون إلى طهران: صاروخ الحوثي يفتح أبواب الجحيم

11

 

 

في تصعيد غير مسبوق، أعلنت جماعة الحوثي مسؤوليتها عن إطلاق صاروخ فرط صوتي استهدف مطار بن غوريون في تل أبيب، في هجوم مثّل تحولًا استراتيجيًا في مسار الحرب الإقليمية المتصاعدة. الرد الإسرائيلي لم يتأخر، إذ شنت طائراتها غارات مكثفة على أهداف إيرانية وحوثية في محافظة صعدة اليمنية، لتفتح بذلك الباب أمام تساؤلات جديّة: هل تتجه الحرب نحو قلب إيران؟

الصاروخ الإيراني بصوت حوثي

ما يميّز هذا الهجوم ليس فقط دقة الاستهداف، بل نوعية السلاح المستخدم. فالصاروخ، بحسب معلومات استخباراتية غربية، كان فرط صوتي ومن صناعة إيرانية بالكامل، نُقل إلى الحوثيين ضمن منظومة دعم عسكري وتقني مستمر بين طهران وصنعاء.

الهجوم لم يُترجم فقط كسابقة عملياتية، بل كتحول رمزي: إيران اختارت لحظتها، واستخدمت الحوثيين كميكروفون جيوسياسي. هذه الحقيقة دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التصريح بوضوح: “لن نرد على الأذرع فقط، بل على من يقف خلفها.”

هل تنتقل الحرب إلى العمق الإيراني؟

إسرائيل، التي لطالما اعتمدت سياسة “الرد على المحيط”، تجد نفسها الآن أمام معادلة مغايرة. استخدام الحوثيين لصواريخ إيرانية دقيقة ومتطورة ضد منشآت مدنية في قلب إسرائيل يدفع نحو مراجعة العقيدة الأمنية الإسرائيلية. وقد بدأت مؤشرات ذلك بالظهور عبر التهديدات العلنية بتوسيع الردود لتطال الأراضي الإيرانية نفسها.

وفي حال نفّذت تل أبيب تهديداتها، فإن المنطقة ستكون على موعد مع تصعيد خطير يغيّر موازين القوة بالكامل، ويجعل من المواجهة مع إيران ليست مسألة “إذا”، بل “متى” و”كيف”. المعركة لم تعد تدور حول النفوذ، بل حول كسر الإرادات.

واشنطن بين دعم إسرائيل ومواجهة إيران في عهد ترامب

عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أعادت الحزم إلى السياسة الأميركية تجاه طهران. فإدارته لا تؤمن بمسار الدبلوماسية النووية، بل تضع ردع إيران ومحاصرة نفوذها الإقليمي كأولوية استراتيجية.

الهجوم الحوثي على مطار بن غوريون قدّم فرصة مثالية لترامب لتفعيل هذه العقيدة، ومنح إسرائيل غطاءً سياسياً كاملاً لأي رد عسكري على إيران أو حلفائها. بل أن دوائر قريبة من الإدارة لمّحت إلى أن الولايات المتحدة قد تشارك بفعالية إذا تطوّر الصراع إلى مواجهة مفتوحة، خاصة إذا استُهدفت مصالح أميركية في الخليج أو البحر الأحمر.

الرسالة الأميركية اليوم مختلفة عن أيام بايدن: “السكوت عن طهران لم يعد خياراً.” والرسالة أوضح من أن تُساء قراءتها: عصر الغموض الاستراتيجي انتهى، وما بعد بن غوريون ليس كما قبله.

هل انتهت مرحلة حروب الوكلاء؟

هذا التصعيد النوعي يُظهر بوضوح أن إيران لم تعد تعتمد على أذرعها فقط لتثبيت نفوذها، بل تستخدمهم كأداة ضغط هجومية مباشرة. لكن هذه الأدوات باتت مكشوفة، وهو ما يضع إيران في موقع المواجهة المباشرة، سواء أرادت أم لا.

وقد تدفع هذه التطورات نحو نهاية نمط “الحروب بالوكالة” الذي استمر لعقدين، وبدء مرحلة جديدة عنوانها: استهداف المركز بعد تفكيك الأطراف.

صيف ساخن ومشهد متغيّر

صاروخ الحوثي لم يكن مجرد رسالة عسكرية، بل إعلان بأن مسار الحرب تغيّر جذريًا. وفي ظل القيادة الإسرائيلية الحالية والإدارة الأميركية المتشددة، فإن الرد هذه المرة قد لا يكون محدودًا، بل موجهًا لإحداث تغيير استراتيجي دائم في المعادلة الإقليمية.

الأسئلة الكبرى الآن: هل تستعد إيران فعلاً لمواجهة مباشرة؟ أم ستبحث عن مخرج يحفظ هيبتها دون الانجرار إلى حرب؟ وفي كلتا الحالتين، يبدو أن المنطقة تتجه نحو صيف ساخن، قد لا يشبه ما سبقه — وإذا ما اندلعت شرارة الحرب الكبرى، فلن يكون صيفًا ساخنًا فقط، بل بداية خريف نفوذ متعدد القوى في الشرق الأوسط.

التعليقات معطلة.