صانع صفقات أم صانع سلام؟.. ترامب جلب تريليونات الدولارات من الخليج وفشل في جلب السلام لغزة

7

فريق راديو صوت العرب من أمريكا
المصدر: الحساب الرسمي لمجلس التعاون الخليجي على تويتر
اختتم الرئيس دونالد ترامب اليوم الجمعة جولته الخليجية التي شملت السعودية وقطر والإمارات، والتي شهدت إعلان صفقات بمليارات الدولارات، إضافة إلى انفتاح دبلوماسي تجاه سوريا، وتفاؤل بشأن اتفاق نووي مع إيران، لكنها فشلت في تحقيق سلام في غزة، وهي الخطوة التي كان الملايين في الشرق الأوسط وحول العالم يتطلعون إليها.
ووفقًا لموقع “فوربس الشرق الأوسط” فقد أعلن الرئيس أن الولايات المتحدة حصلت على استثمارات تبلغ 10 تريليونات دولار خلال 4 أشهر، مع تطلعه لزيادة الرقم إلى ما بين 12 و14 تريليون دولار خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن جزءًا من هذه الاستثمارات قد تم الإعلان عنه بالفعل، بينما سيتم الكشف عن الباقي قريبًا.
وشهدت جولة ترامب الخليجية إبرام عقود وصفقات استثمارية مع الدول الثلاث بقيمة 3.4 تريليون دولار. وشملت الصفقات تعهد سعودي باستثمار 600 مليار دولار في السوق الأمريكية، وتعهدات استثمارية من قطر بقيمة 1.2 تريليون دولار،
بينما أعلن ترامب عن توقيع مجموعة من الاتفاقات مع الإمارات تجاوزت قيمتها 200 مليار دولار، تضاف إلى 1.4 تريليون دولار كان تمّ الاتفاق عليها سابقًا على مدى 10 سنوات.
صانع صفقات أم صانع سلام؟
ووفقًا لشبكة NBC news فقد عاد ترامب إلى واشنطن اليوم الجمعة بعد جولة دبلوماسية في الشرق الأوسط، نجح خلالها في الترويج للشركات الأمريكية وحصل على تعهدات استثمارية بتريليونات الدولارات، لكنه فشل في التوصل إلى اتفاقيات السلام التي طال انتظارها في غزة وأوكرانيا.
وقالت الشبكة إن هذه الجولة تميّزت بمحادثات رفيعة المستوى، وعروضٍ فخمة من الضيافة الإقليمية، وأبرزت الدور الذي يُصوّره ترامب كصانع صفقاتٍ وصانع سلام. ومع ذلك، لا تزال أهدافه الأسمى – حلُّ الصراعات في غزة وأوكرانيا – بعيدة المنال.
وأشاد المتحدث باسم البيت الأبيض، هاريسون فيلدز، بالرحلة ووصفها بأنها “زيارة تكوينية بشكل لا يصدق ساهمت في تشكيل العصر الذهبي لأمريكا من خلال شراكاتها مع منطقة حيوية في العالم”.
وجاءت الزيارة وسط جدل حول رغبة ترامب في قبول هدية من الحكومة القطرية عبارة عن طائرة فاخرة بقيمة 400 مليون دولار، يأمل في استخدامها كطائرة رئاسية.
وقد أثار هذا العرض ردود فعل غاضبة من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين في الولايات المتحدة، نظرًا للتحديات الأخلاقية والأمنية والمالية المحتملة.
ورفض ترامب مرارًا المخاوف بشأن الطائرة، قائلاً إنه “يعتبرها لفتة رائعة”. كما رفض الاتهامات بأن الرحلة، التي تزامنت مع توسع شركته التي تحمل اسمه في الشرق الأوسط، قد خلقت تضاربًا محتملًا في المصالح.
فشل في غزة
ومع ذلك، حتى مع احتفاله بانتصاراته الاقتصادية، واجه ترامب حقيقة واقعة عند مغادرته منطقة الشرق الأوسط تتمثل في الحروب المستمرة في غزة وأوكرانيا، وهي الصراعات التي تعهد بحلها فور توليه منصبه.
وحتى قبل بدء ولايته الثانية جعل ترامب إنهاء بعضٍ من أكثر صراعات العالم تعقيدًا أولويةً قصوى لإدارته، متعهدًا بوقف إراقة الدماء وتحقيق سلام دائم في غزة.
وفي إظهارٍ لالتزامه الراسخ، أرسل كبار مساعديه لهذه القضية، حيث جاب المبعوث الخاص ستيف ويتكوف العالم سعيًا لتحقيق هدف الرئيس. وقبل مغادرته واشنطن، أعلن ترامب إطلاق سراح عيدان ألكسندر، الأمريكي المحتجز لدى حماس، حيث لعبت قطر دورًا محوريًا في المفاوضات.
ومع ذلك، أقرّ الرئيس بوجود تحديات كبيرة لا تزال قائمة. وقال للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية لدى مغادرته أبوظبي: “ننظر إلى غزة، وسنعمل على حل هذه المشكلة. كثير من الناس هناك يتضورون جوعًا”.
وبينما اختتم ترامب زيارته اليوم الجمعة، كانت الغارات الجوية الإسرائيلية قد أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص في الساعات الأربع والعشرين الماضية، وفقا للسلطات الصحية في غزة.
أزمة أوكرانيا
وبالنسبة لأوكرانيا عندما سُئل ترامب عن فرص مستقبلية للقاءات دبلوماسية مباشرة بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أجاب: “علينا أن نلتقي. سنلتقي أنا وهو. أعتقد أننا سنحل المشكلة، أو ربما لا”.
وفي وقت سابق، أعرب ترامب عن خيبة أمله، لكنه لم يُفاجأ، لعدم حضور بوتين اجتماعًا كان مُخططًا له في تركيا. وقال ترامب: “لم أكن أعتقد أنه كان من الممكن أن يحضر لو لم أحضر أنا”، مُشيرًا إلى أن جدول أعماله جعل الرحلة غير مُمكنة.
ملف إيران
وبدلاً من ذلك، ألمح ترامب إلى إمكانية تحقيق تقدم كبير في المحادثات النووية مع إيران. وصرح ترامب للصحفيين يوم الجمعة بأن إدارته قدمت مقترحًا للتوصل إلى اتفاق مع طهران، بعد مفاوضات جادة للغاية من أجل سلام طويل الأمد.
وفي وقت سابق من الأسبوع، ألمح ترامب إلى أمله في التوصل إلى اتفاق وشيك، قائلاً: “لن نتسبب في أي فوضى نووية في إيران”.
فيما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في وقت لاحق من يوم الجمعة إن حكومته لم “تتلق أي اقتراح مكتوب من الولايات المتحدة” وإنه “لا يوجد سيناريو” تتخلى فيه طهران عن برنامجها النووي للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة.
ومع ذلك، قال عراقجي في منشور على منصة “X”: “لا تزال إيران مصممة وواضحة: احترموا حقوقنا وألغوا عقوباتكم، وعندها سنتوصل إلى اتفاق”. وأضاف: “تذكروا كلامي: لا يوجد سيناريو تتخلى فيه إيران عن حقها الذي اكتسبته بشق الأنفس في التخصيب للأغراض السلمية: وهو حق مكفول لجميع الدول الأخرى الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي أيضًا”.
انفتاح على سوريا
وربما كان الملف الوحيد والأبرز الذي حقق فيه ترامب اختراقًا مهمًا خلال زيارته للشرق الأوسط هو الملف السوري، حيث فاجأ الجميع بخطوات مهمة شكلت انفتاحًا أمريكيًا على سوريا.
وخلال وجوده في السعودية أعلن ترامب عن رفع العقوبات المفروضة على لسوريا لمنحها فرصة للانطلاق من جديد. كما التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في خطوة مهمة تمثل اعترافًا بالإدارة السورية الجديدة.
وقال ترامب يوم الجمعة أيضًا إن الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة – ورفع ما وصفه بالعقوبات “الوحشية” و”القاسية” – هو “الشيء الصحيح الذي كان ينبغي فعله” مع تعزيز القيادة الجديدة سيطرتها على البلاد.
ورغم ان هذه القرارات كانت مزعجة بشدة لحليفته القوة إسرائيل التي لم يدرجها ترامب على جدول الزيارة، فقد قال ترامب إن جولته لم تُقصي إسرائيل، ولا تعني التخلي عن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، موضحًا أن علاقاته الجيدة مع القادة العرب “جيدة جدًا لإسرائيل” وتصب في صالحها.
ترامب بين رحلتين
ويرى المحللون أن هناك أوجه تشابه بين هذه الجولة وجولة ترامب السابقة في الشرق الأوسط عام 2017. وقال برايان كاتوليس، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط: “الأمر الرئيسي الذي يجب مراقبته هو ما سيحدث لاحقًا في الشرق الأوسط، وما هي الخطوات الكبيرة التي ستتخذها إدارة ترامب بشأن المنطقة”.
فبعد عام 2017، شهدت منطقة الخليج خلافًا أدى إلى عزل قطر لمدة 3 سنوات، وحملة “ضغط قصوى” أمريكية على إيران فشلت في تحقيق نتائج دائمة.
ومع ذلك، مهدت الزيارة أيضًا الطريق لاتفاقات إبراهام، وهي اتفاقيات تطبيع العلاقات لعام 2020 بين إسرائيل وعدة دول عربية، والتي لا تزال إنجازًا بارزًا لترامب في السياسة الخارجية سعى بايدن إلى استمراره.
ويطمح ترامب هذه المرة إلى ما هو أعلى وأبعد. حيث يقول كاتوليس: “هذه المرة، يسعى ترامب إلى تحقيق اختراق تاريخي في المحادثات النووية مع إيران، ويحلم أيضًا بالحصول على جائزة نوبل إذا نجح في إبرام الاتفاق مع إيران أو وسّع نطاق اتفاقيات إبراهام لتشمل اتفاقية تطبيع سعودية إسرائيلية”.
ولعب مضيفو ترامب هذا الأسبوع أيضًا أدوارًا مهمة في هذه الجهود، حيث ساعدوا في التوسط في النزاعات وتقديم الدعم للمفاوضات، وأقر الرئيس أثناء مغادرته المنطقة بأنه لا يزال هناك المزيد الذي يتعين القيام به.
وقال كاتوليس: “المفاجآت والأحداث غير المتوقعة كفيلة بزعزعة استقرار الإدارات الأمريكية. وستشكل الحرب الدائرة في غزة والبؤس المتزايد للفلسطينيين المقيمين هناك اختبارًا حاسمًا”.

التعليقات معطلة.