في مشهد يُنذر بانفجار إقليمي وشيك، كسرت إيران حاجز الستين يومًا من التصعيد المتدرج دون رد مباشر من الولايات المتحدة. ومع أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد عاد إلى السلطة ببرنامج أكثر صرامة تجاه طهران، إلا أن واشنطن ما تزال تكتفي حتى الآن بسياسة “منح الوقت”، على أمل دفع إيران نحو التراجع أو القبول بشروط تفاوضية جديدة.
لكن التطورات المتسارعة قد لا تترك للبيت الأبيض هذا الترف طويلًا. فبحسب خبر عاجل أوردته شبكة CNN، تستعد إسرائيل لشن ضربة عسكرية على أهداف إيرانية، في خطوة قد تشعل المنطقة بالكامل وتجبر واشنطن على الدخول في المواجهة، سواء أرادت أم لا.
إسرائيل تدخل على الخط بقوة
بينما تتريث واشنطن، يبدو أن تل أبيب قررت أن زمن الانتظار قد انتهى. فالاستخبارات الإسرائيلية رصدت تصعيدًا إيرانيًا في مستوى تخصيب اليورانيوم وتحركات مشبوهة في منشآت عسكرية، ما دفعها إلى وضع خطة عملياتية لضرب مواقع نووية وحيوية داخل إيران، بحسب ما نقلته CNN عن مصادر أمنية مطلعة.
إسرائيل، التي تعتبر امتلاك إيران للسلاح النووي خطًا أحمر وجوديًا، لا تنتظر التنسيق الكامل مع واشنطن. وسبق أن لمّح رئيس الوزراء الإسرائيلي في أكثر من مناسبة إلى أن “تل أبيب ستتحرك وحدها إذا لزم الأمر”. هذه الخطوة، إن تمت، ستجعل من الأسابيع القليلة القادمة مفصلية في تاريخ المنطقة.
موقف ترامب: بين الحذر والتصعيد
الرئيس ترامب، المعروف بعدم ثقته المطلقة بالمؤسسات الأمنية التقليدية، قد يجد نفسه الآن في موقف دقيق: فإسرائيل حليفه الأقرب، وأي ضربة تنفذها ستكون تلقائيًا محسوبة على المحور الأميركي. ومع اقتراب لحظة الانفجار، سيكون عليه الاختيار بين الانخراط المباشر أو محاولة تطويق المواجهة سياسيًا.
لكنّ التحدي الأكبر هو في تزامن ذلك مع إعادة ترتيب البيت الداخلي الأميركي، واستحقاقات داخلية كبرى لا تحتمل استنزافًا في جبهة جديدة. ومع ذلك، فإن تأخر الرد الأميركي قد يُفسَّر كضعف، وهو ما لن تقبله إدارة ترامب في بداية ولايتها.
الأطراف العربية: غياب مؤثر
في ظل كل ذلك، يبدو الدور العربي باهتًا ومتراجعًا. دول الخليج تراقب من بعيد، منشغلة بملفات داخلية واقتصادية، وتخشى أن تدفع ثمن أي مواجهة بين الكبار. أما العراق وسوريا ولبنان واليمن، فهي جبهات مفتوحة أصلًا، يُحتمل أن تتحول إلى ساحات رد إيراني مباشر إذا اندلعت المواجهة الشاملة.
إيران تجاوزت مهلة الستين يومًا، وترامب منحها أسابيع أخرى. لكن إسرائيل، وبحسب التسريبات الأخيرة، قررت أن وقت الحسم قد حان. فهل تُشعل تل أبيب شرارة الحرب، وتجرّ المنطقة بأكملها إلى مواجهة كبرى؟ أم أن واشنطن ستتدخل في اللحظة الأخيرة لتجميد المشهد؟ الجواب قد لا ينتظر طويلًا.