شيء من التاريخ

3

 

– الجزء الثامن –

جميل عبدالله 

بناءا على ما تقدم وتنفيذا للفقرة الثالثة من قرار مجلس الأمن 687/ 1991 , شكلت لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت من السادة , السيد مختار كوسوما وزير خارجية اندونيسيا السابق رئيسا للجنة . وقد استقال من منصبه في 30 تشرين الأول / 1992 وعين الأمين العام بدلاً عنه السيد نيكولاس فالتيكوس , المدير العام المساعد لمكتب العمل الدولي وعضو معهد القانون الدولي . السيد أيان بروك المدير الفني بهيئة المساحة السويدية – خبير مستقل .

السيد وليم روبرتسون , مدير المساحة ومدير عام هيئة المساحة ومعلومات الأراضي في نيوزلندا – خبير مستقل .

السفير رياض القيسي – ممثلا للعراق , السفير طارق رزوقي – ممثلا للكويت – والسيد ميكلوس بنثر – كبير الخرائط في الأمانة العامة للأمم المتحدة وامنيا للجنة .

اعتمدت اللجنة نظامها الداخلي , وبموجبه يكتمل نصاب اجتماعات اللجنة بحضور ثلاثة أعضاء على الأقل بمن فيهم الرئيس وممثل واحد على الأقل ( المادة 3 ) وتعقد اجتماعات اللجنة بصورة مغلقة ( المادة 4 ) وان قرارات اللجنة  تتخذ بالأغلبية ( المادة 5) .

وعقدت اللجنة 11 دورة وضمنها 82 اجتماعا وقامت بجولات ميدانية وفنية لموضع الخرائط . وكانت الدورة الأولى يومي 23 و24 أيار 1991 . ولم يحضر ممثل العراق الدورات اللاحقة للدورة التي عقدت في 15 تموز 1992 .

وكان موقف العراق من أعمال اللجنة , وجه وزير خارجية العراق بتاريخ 21 / 5/ 1992 رسالة الى الأمين العام تضمنت وجهة نظر العراق في آليات عمل اللجنة وتبع ذلك امتناع ممثل العراق عن حضور دورات اللجنة اللاحقة لهذه الرسالة كما بينا سابقا ً .

بعد تسلم الأمانة العامة رسالة وزير خارجية العراق صدر عن رئيس مجلس الأمن بيان بتاريخ 17 حزيران 1992 تضمن قلق المجلس من رسالة وزير خارجية العراق التي تبدو بأنها تثير تساؤلات حول التزام العراق بقرار مجلس الأمن 687 / 1991 . كما قد تفسر بأنها رفض لنهائية قرارات لجنة تخطيط الحدود رغم قبول العراق بقرار مجلس الأمن . ويذكر أعضاء المجلس العراق أيضا بقبوله قرارات المجلس المتخذة وفقا للفصل السابع من الميثاق التي يقوم على أساسها وقف أطلاق النار .

اصدر مجلس الأمن بتاريخ 26 / آب / 1992 القرار رقم 773/ 1992 الذي أعرب عن تقريره لإعمال لجنة تخطيط الحدود بشأن الحدود على الأرض البرية ويرحب بعزمها على استكماله الحدود البحرية . ورحب المجلس باعتزام الأمين العام ان يجري إعادة تخطيط المنطقة المنزوعة السلاح المشار إليها في الفقرة 5 من القرار 687 / 1991 لكي تتوافق مع الحدود الدولية التي خططتها اللجنة مع ما يترتب على ذلك من أزاله مراكز الشرطة العراقية .

أنجزت اللجنة أعمالها وتقدمت بتقريرها النهائي بتاريخ 20 أيار 1993 إلى الأمين العام الذي رفعه الى مجلس الأمن بتاريخ 21 و24 أيار 1993 .

وتضمن التقرير ثلاثة عشر قسما تناولت اختصاصات اللجنة وتشكيلها ودورات انعقادها ووضع الخرائط ووثائق تخطيط الحدود وقائمة بإحداثياتها . وأرفقت بالتقرير الخرائط المساحية الفنية .

بعد انتهاء أعمال لجنة تخطيط الحدود اصدر مجلس الأمن القرار رقم 833 تاريخ 27 أيار 1993 الذي يتضمن 6  فقرات عاملة حيث رحب المجلس باختتام أعمال اللجنة , وأكد من جديد ان قرارات اللجنة في ما يتعلق بتخطيط الحدود قرارات نهائية . وطالب المجلس العراق والكويت باحترام حرمة الحدود الدولية , كما خطتها اللجنة , وباحترام الحق في المرور الملاحي , وفقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن . وشدد المجلس من جديد على قراره بضمان الحدود الدولية التي أتمت اللجنة تخطيطها .

موقف العراق والكويت من التقرير النهائي للجنة تخطيط الحدود وقرار مجلس الأمن 833 / 1993 .

  • موقف العراق

وجه وزير خارجية العراق بتاريخ 6 حزيران 1993 مذكرة الى الأمين العام للأمم المتحدة تضمنت موقف العراق من أعمال لجنة تخطيط الحدود وتقريرها النهائي وقرار مجلس الأمن 833 / 1993 وجاء في أهم فقراتها في الجوانب القانونية .

أكدت المذكرة ما ورد في المذكرات السابقة من مواقف العراق من تشكيل اللجنة وأعمالها وخصت المذكرة الفقرة رابعا ً – قرار اللجنة حول ترسيم الحدود البحرية في خور عبد الله وجاء فيها :

حينما ناقشت اللجنة لأول مرة مسألة تخطيط القسم البحري من الحدود في دورتها الثالثة بين 12 و 16 آب 1991 في جنيف أكد رئيس اللجنة وشاركه في مهمته الخبيران المستقلان , وجود صعوبة في تناول القسم البحري من الحدود بسبب طبيعة او حدود الصلاحية الممنوحة والتي لا تخولها تناول مسار الحدود بعد نقطة التقاء خور الزبير بخور عبد الله ( اي في البحر ) ما لم يتفق الطرفان على ذلك كما ان اللجنة لا يمكن ان تمنح صلاحية لنفسها .

طلب ممثل حكام الكويت من اللجنة إثناء انعقاد دورتها الرابعة في نيويورك من 7 الى 16 تشرين الأول 1991 ان يمنح الفرصة للإدلاء ببيان عن القسم البحري من الحدود في الدورة القادمة . وعند إدلاء ممثل حكام الكويت ببيانه في الدورة الخامسة للجنة التي عقدت بين 8 و16 نيسان 1992 ادعى ان صلاحيات اللجنة تشمل تخطيط الحدود البحرية . وفي الوقت الذي أكده الرئيس والخبيران المستقلان في الدورة الثالثة , اكتفى رئيس اللجنة بالصمت .

وفي الدورة السادسة لاجتماعات اللجنة في نيويورك من 15 الى 24 تموز 1992 والتي كانت مكرسة لبحث تقرير اللجنة عن أعمالها الى الأمين العام . أدرجت الأمانة العامة في مسودة جدول الأعمال التي عرضها الرئيس بحث القسم البحري من الحدود مرة أخرى . ام محاضر اللجنة تكشف بسهولة الخلافات الحادة التي سادت مناقشات اللجنة وعلى الأخص بين ممثل حكام الكويت ومستشاريه ورئيس اللجنة يسبب الضغط الكويتي على الرئيس والخبيرين المستقلين لاعتماد موقف حكام الكويت في شأن تخطيط الحدود البحرية . ولم يتردد رئيس اللجنة في كشف الكثير من الحقائق الصارخة في شأن الضغط المذكور والتدخلات التي مارسها نائب المستشار القانوني للأمانة العامة للأمم المتحدة في عمل اللجنة .

وكانت نهاية المطاف في هذه الدورة أن وافقت اللجنة , على البحث في قطاع خور عبد الله أيضا ومناقشته في اجتماع يعقد لهذا الغرض في شهر تشرين الأول .

لقد طرأ تطوران مهمان ضمن تسلسل الإحداث هذا . ففي 12 آب 1992 أحيل ” التقرير الإضافي للجنة التخطيط ” الذي أنجزته في دورتها السادسة الى رئيس مجلس الأمن . وقد أشير في تلك الإحالة الى ما نصه : ” وبقدر ما يخص الأمر الحدود لما وراء الساحل , فأن المجلس قد يرغب في تشجيع اللجنة على ان تخطط ذلك الجزء من الحدود في أقرب وقت مستطاع , فتكمل بذلك عملها ” لقد جاءت هذه الإشارة رغم ان الأمانة العامة تعلم تماما ان اللجنة لم تكن قد اتفقت بعد على انها مختصة , بموجب صلاحياتها المقررة , بتخطيط الحدود البحرية . ورغم ان موقف رئيسها كان واضحا جدا لديها في هذا الشأن الذي بلغ حد التهديد بالاستقالة اذا فرض هذا الأمر على اللجنة . ان هذه الإشارة تعزز الانطباع بان المقرر مسبقا كان هو تلبيه رغبة حكام الكويت والدول التي تدعمها في مجلس الأمن والتي خططت منذ البداية لان تكون نتيجة أعمال لجنة التخطيط هي ما توصلت اليه رغم كل الأداء والمفاهيم المغايرة لها .

وبالفعل نجد ان مجلس الأمن يسارع في اعتماد قراره 773 / 1992 و ينص في فقرته الثالثة على الترحيب بقرار اللجنة في ان ننظر في الجزء الشرقي من الحدود في اقرب وقت مستطاع فتكمل بذلك عملها . ان هذا التطابق الواضح بين اللغة التي استخدمت في إحالة تقرير اللجنة الى مجلس الأمن وبين ما نص عليه قرار المجلس 773 / 1992 وخليفة الوقائع الثابتة التي تتضح من مناقشات اللجنة يعكس بما  لا يقبل الشك او التأويل مسعى منسقا بين حكام الكويت وأوساط معروفة في الأمانة العامة ودول معينة أعضاء في مجلس الأمن لتوجيه أعمال اللجنة بصورة مغايرة لصلاحيتها المحددة من المجلس نفسه في القرار 687 /1991 وتقرير الأمين العام استنادا الى الفقرة 3 من ذلك القرار دون ان يرقى ذلك الى حد التعديل الصريح لتلك الصلاحيات , لان ذلك كان سيعني فضيحة سياسية وقانونية مكشوفة لا يمكن التستر عليها . لقد وجهت أعمال اللجنة بهذه الصورة قبل ان تتخذ هي موقفا محددا من المسألة لان غاية ما كانت قد عنيت به حتى ذلك الوقت لم يتعد مجرد دراسة الموضوع من الناجية الفنية .

اما التطور الثاني فهو يخص استقالة رئيس اللجنة من عمله اعتبارا من 20 تشرين الثاني 1992 حسبما أوضح برسالته الموجهة الى الأمين العام في 4 تشرين الثاني 1992 , وفي 6 تشرين الثاني ايضا وجه رئيس اللجنة رسالة أخرى أكثر تفصيلا حول نفس الموضوع الى المستشار القانوني للأمم المتحدة , وكيف ان المستشار القانوني أوضح له ان ” اي تغيير في تفويض اللجنة من قبل مجلس الأمن هو غير وارد أطلاقا ” وتبين الرسالة ايضا ان المسالة نوقشت مرة أخرى بين الرئيس والمستشار القانوني من جهة والأمين العام من جهة أخرى في شهري تموز / وسبتمبر 1992 , وكيف ان الرئيس  ” سرح الوضع ” الذي جعل من المستحيل عليه ” ان يستمر في عملية ما لم تجر تعديلات معينة على تفويض اللجنة . ونظرا لأدراك الرئيس صعوبة تغيير شروط تفويض اللجنة , لم تجد أمامه سوى سبيل الاستقالة .

 

 

التعليقات معطلة.