– الجزء التاسع –
جميل عبدالله
اثر استقالة رئيس اللجنة , عني السيد نيكولاس فاتيوكس لرئاستها . وانعقدت الدورة الثامنة لها في جنيف من 14 الى 16 كانون الأول 1992 حيث قررت بمجاله ان المبدأ الأساسي الذي يحكم تخطيط الحدود في خور عبد الله يجب ان يكون هو خط الوسط . ان التدخل والتأثيرات غير القويمة في عمل اللجنة تثير جملة من المسائل القانونية التي نوجزها في النقاط الآتية :
- ان وصف الحدود الذي اعتمده مجلس الأمن أساسا للترسيم بقرار 687 / 1991 والذي فصل فيه تقرير الأمن العام المقدم استنادا الى الفقرة 3 من القرار المذكور لا يتطرق أطلاقا الى وصف الحدود في منطقة خور عبد الله .
- ان منطقة خور عبد الله لا يصدق عليها , حسب الحدود الذي اعتمده مجلس الامن بقراره 687/ 1991 صفه البحر الإقليمي لكي يصار الى البحث عن قاعدة تقسيمه بين الدول المتجاورة والمتقابلة طبقا لقواعد قانون البحار .
- ان منطقة خور عبد الله , حتى على افتراض كونها بحرا إقليميا , فانه يصدق عليه وصف ( الظروف الخاصة ) وهو ما اقره الخبيران المستقلان ايضا , مما يسوغ حسب اتفاقية قانون البحار لعام 1982 تعيين حدود البحر الإقليمي بطريقة تخالف قاعدة خط الوسط في حالة عدم الاتفاق بين الطرفين على قاعدة اخرى ان الحكم المتعلق بحالة ( الظروف الخاصة ) هذه يكتسب قوة إضافية لعدم وجود صيغة متفق عليها لتحديد الحدود .
- ان للعراق حقوقا تاريخية في منطقة خور عبد الله التي لم يمارس حكام الكويت الملاحة لعام 1982 من قاعدة خط الوسط على نحو ما ذكرناه في (ج) أعلاه .
- ليس من حق مجلس الأمن بموجب وظائفه الممنوحة له في ميثاق الأمم المتحدة ان يفرض على دولة عضو تحديداً لحدودها لان هذا الاختصاص يخضع بموجب القانون الدولي الى قاعدة الاتفاق بين الدول ذات العلاقة ولكونه لا يمت بصلة بالدقة المطلوبة قانوناً الى مسائل الحفظ على السلم والأمن الدوليين التي تختص بها المجلس .
لقد انفق العراق مليارات من الدولارات عبر عشرات السنين لتأمين اعمال الكري وتوسيع وتحسين وصيانة القنوات والممرات الملاحية الرئيسية والثانوية المؤدية الى خور عبد الله والمارة فيه , ان فرض الحدود في خور عبد الله بطريقة التي قررتها لجنة التخطيط يهدد تهديدا خطيرا حق العراق في حرية الوصول الى البحار من خلال ممارسة حقه التاريخي في الملاحة غير المقيدة والآمنة في منطقة خور عبد الله الى الحد الذي قد يجعله مستقلا في حكم الدولة المغلقة عديمة السواحل .
وأخيرا فان من الواضح لكل مراقب محايد ان القرارات التي اعتمدتها اللجنة بمجموعها انما هي قرار سياسي صرف فرضته القوى المتحكمة بمجلس الأمن والأمم المتحدة اليوم وخاصة حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا .
موقف الكويت : وجه المندوب الدائم للكويت رسالة الى الأمين العام للامم المتحدة بتاريخ 17 حزيران 1993 تضمنت التصريح الصادر عن مجلس الوزراء الكويتي غداة إصدار مجلس الامن القرار 833 / 1993 جاء فيها :
أن الكويت تؤكد التزامها واحترامها لقرار مجلس الأمن 833/ 1993 وجميع قرارات مجلس الامن ذات الصلة وذلك بعد ان رحب المجلس بالتقرير النهائي للجنة تخطيط الحدود بين الكويت والعراق المكلفة بتنفيذ الفقرة (3) من قرار مجلس الأمن 687/1991 واعتبار قراراتها نهائية . والتأكيد من جديد على قراراته بضمان حرمة الحدود الدولية بين الكويت والعراق . وكذلك تأكيد ان اللجنة المكلفة بتخطيط الحدود بين الكويت والعراق لا تقوم بإعادة توزيع للراضي بين الكويت والعراق بل بمجرد انجاز العمل التقني الضروري لتحديد إحداثيات الحدود بين البلدين استنادا للاتفاقيات القائمة وما قدمته كل منهما من مستندات وأدلة ووثائق لتدعيم حجتها الى اللجنة التي تعتبر قراراتها نهائية منذ ان صدرت ومطالبة كل من العراق والكويت باحترام حرمة الحدود الدولية , كما خططتها اللجنة وباحترام الحق في المرور الملاحي وفقا للقانون الدولي وقرارات مجلس الامن ذات الصلة .
ان الكويت اذ تعتبر قرار مجلس الامن انجازا حضاريا للمنظمة الدولية والشرعية الدولية . وتطالب الكويت في هذه المناسبة جميع دول العالم بضرورة مواصلة الضغط على النظام العراقي لتنفيذ جميع قرارات مجلس الامن وبخاصة ما يتعلق منها بسرعة الإفراج عن الأسرى والرهائن الكويتيين ورعايا الدول الاخرى الذين لا يزال النظام العراقي يحتجزهم في سجونه ومعتقلاته .
اصدر مجلس الامن بيانا رئاسياً بتاريخ 28 حزيران 1993 تعليقا على موقف العراق من القرار 833 / 1993 جاء فيه ما يلي :
أحاط مجلس الامن علماً , مع القلق الشديد , بالرسالة المؤرخة 6 حزيران 1993 والموجهة الى الأمين العام من وزير خارجية العراق (25905/S ) بشأن القرار 833 / 1993 .
ويعيد المجلس الى الأذهان في هذا الصدد ان لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت لم تقم بإعادة توزيع الأراضي بين الكويت والعراق , بل بمجرد انجاز المهمة التقنية الضرورية للقيام , لاول مرة , بوضع تحديد دقيق لإحداثيات الحدود على أساس المحضر المتفق عليه بين دولة الكويت وجمهورية العراق بشان اعادة علاقات الصداقة , والاعتراف والمسائل ذات الصلة والموقع عليه من الطرفين في 4 تشرين الاول 1963 والمسجل لدى الامم المتحدة . ويذكر المجلس العراق بأن لجنة تخطيط الحدود قد تصرفت استنادا الى القرار 687/ 1991 وتقرير الأمين العام عن تنفيذ الفقرة (3) من ذلك القرار وقد قبلهما العراق رسميا . وفي القرار 833/ 1993 اكد المجلس من جديد ان قرارات اللجنة نهائية . وطالب العراق والكويت باحترام حرمة الحدود الدولية كما خططتها اللجنة وباحترام الحق في المنفذ الملاحي . ويذكر المجلس العراق ايضا بقبوله لقرار المجلس 687/ 1991 الذي يشكل الأساس لوقف أطلاق النار . ويود المجلس ان يؤكد للعراق حرمة الحدود الدولية بين العراق والكويت التي خططتها اللجنة وضمنها المجلس عملاً بالقرارات 687 / 1991 و 773 /1992 و833 /1993 والعواقب الوضيعة التي تترتب على اي انتهاك لتلك القرارات . وصدر البيان بالوثيقة رقم ( 26006 S/) بتاريخ 28/6/1993 .