الأخطر بالنسبة لترامب، هو أن يعمد ماسك إلى دعم المرشحين الديموقراطيين في انتخابات العام المقبل، بما يقلب الغالبية الجمهورية في الكونغرس إلى غالبية ديموقراطية، ستكون إيذاناً بانتهاء الرئاسة الثانية لترامب.
سميح صعب
المصدر: “النهار”
خاض الرجلان سجالاً اتسم بالحدة. (أ ف ب)
لم يحمل الأسبوع الماضي أخباراً سارة للرئيس الأميركي دونالد ترامب؛ من الخلاف الحاد مع قطب التكنولوجيا إيلون ماسك، الذي كانت تبرعاته عاملاً حاسماً في إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية، إلى الاحتجاجات التي اندلعت في مدينة لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا ضد إجراءات ترحيل مهاجرين غير شرعيين، ما رد عليه البيت الأبيض بإرسال ألفي جندي من الحرس الوطني إلى المدينة.
صدقت توقعات الكثيرين، بأن شهر العسل بين ترامب وماسك لن يستمر طويلاً. بلغت تبرعات صاحب شركة “تسلا” للسيارات الكهربائية وشركة “سبايس شيب” للفضاء، في الحملة الانتخابية عام 2024، نحو 400 مليون دولار، وهو رقم ربما غير مسبوق يدفعه رجل واحد في موسم انتخابي.
ورد ترامب الجميل لماسك، بأن عينه مسؤولاً عن “وزارة الكفاءات الحكومية” المستحدثة بأمر تنفيذي في اليوم الأول من الولاية الثانية للرئيس الجمهوري. هذه الوزارة مهمتها خفض العجز في الوكالات الفيديرالية وإعادة هيكلتها وصولاً إلى إلغاء بعضها، وفق ما حصل مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وحملة تطهير داخل مكتب التحقيقات الفيديرالي “إف بي آي”، ووكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إي”، ووسائل إعلام حكومية بينها “صوت أميركا” بلغات عدة وإذاعة “أوروبا الحرة” وقناة “الحرة” الموجهة للجمهور في العالم العربي، وإلغاء وزارة التربية. وبالمحصلة، وجد عشرات ألوف الموظفين الحكوميين أنفسهم عاطلين من العمل.
حملة التطهير، التي كان الهدف منها خفض النفقات الفيديرالية بما يصل إلى 3 تريليونات، لم توفر سوى 105 مليارات دولار حتى آذار/ مارس الماضي. الغاية من الحملة كان تمكين ترامب من خفض الضرائب كما وعد في حملته الانتخابية.
وانفجر الخلاف بين ترامب وماسك، بعدما وصف الأخير الموازنة التي قدمها البيت الأبيض إلى الكونغرس، بأنها “رجس يثير الاشمئزاز”، بينما اعتبرها ترامب مشروعاً “كبيراً وجميلاً”. لكن الأمر ربما يتجاوز ذلك، إلى التعريفات الجمركية المرتفعة التي فرضها ترامب على الصين، التي تعتبر معقلاً رئيسياً لتصنيع سيارات “تسلا”، ما أضر بعوائد ماسك.
وخاض الرجلان سجالاً اتسم بالحدة. ترامب اتهم ماسك بأنه “فقد عقله”، وماسك رد بتمنين الرئيس بأن لولا الدعم الذي قدمه له لما كان نجح في الانتخابات. ومسّ بذلك وتراً حساساً لدى ترامب، الذي حذر صاحب منصة “إكس” من دعم المرشحين الديموقراطيين في الانتخابات النصفية العام المقبل، محذراً من فك العقود الحكومية مع الشركات التي يملكها ماسك.
ووسط الخلاف مع ماسك، انفجرت في لوس أنجليس. ونزل في الأيام الأخيرة الآلاف إلى شوارع المدينة منددين بسياسة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين. وسارع ترامب إلى إعطاء الأمر بانتشار ألفي جندي من الحرس الوطني لتهدئة الاضطرابات في المدينة التي تتبع ولاية كاليفورنيا المؤيدة للديموقراطيين.
لكن هذا الإجراء يتجاوز في دلالاته مسألة قمع الاحتجاجات، إلى البعث برسالة قوية إلى المدن التي يتولاها ديموقراطيون، بأن البيت الأبيض لن يتهاون في تطبيق الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين، وهو كان وعداً أساسياً أطلقه ترامب إبان حملته الانتخابية.
ووصل الأمر بنائب رئيس الموظفين في البيت الأبيض ستيفن ميلر الذي يعتبر من الصقور في ملف الهجرة، إلى حد وصف الاحتجاجات بـ”التمرد العنيف”. وهدد وزير الدفاع بيت هيغسيث بنشر قوات من “المارينز”. وسرت أنباء عن أن إدارة ترامب قد تفعّل قانوناً يعود إلى عام 1807، يتيح للرئيس استخدام الجيش لقمع انتفاضات محلية.
وإذا أضفنا الاشتباك مع كبريات الجامعات، يمكن القول إن فترة السماح التي منحها الأميركيون لترامب في الأشهر الثلاثة الأخيرة من ولايته الثانية، قد انتهت.
الأخطر بالنسبة لترامب، هو أن يعمد ماسك إلى دعم المرشحين الديموقراطيين في انتخابات العام المقبل، بما يقلب الغالبية الجمهورية في الكونغرس إلى غالبية ديموقراطية، ستكون إيذاناً بانتهاء الرئاسة الثانية لترامب.