شيء من التاريخ

3

 

– الجزء التاسع عشر –

جميل عبدالله 

وناقشت ندوة قانونية عقدت في باريس بين 17 الى 18 تشرين الاول 2003 موضوع ” التدخل في العراق والقانون الدولي ” ورقة أعدها بيار دارجينت (pierre d’Argent) بعنوان ” تعويض أضرار الحرب ” جاء في خلاصتها ما يلي :

ان الكلام عن تعويض أضرار الحرب على العراق عام 2003 , هو بالضرورة تذكير بالمبادئ القانونية التي هي نظرياً قابلة للتطبيق على هذه المسالة , أكثر من الدخول في الممارسة التطبيقية التي اعتمدتها لجنة التعويضات على الرغم من التحفظات التي تتعلق بهذه اللجنة .

وناقشت الورقة بعنوان ” من حرب الى أخرى ” اثر الحرب عام 2003 على المنهج الذي اتبعه مجلس الأمن بقراره 687/1991 على التعويضات التي كانت تشكل 30 في المائة من موارد العراق النفطية وأصبحت 5 في المائة بقرار من مجلس الأمن 1483/2003 . وأشارت الورقة إلى ان التقديرات قبل التخفيض يصبح من غير المفيد احتساب المدة المقدرة لتسديد التعويضات . وإذا أخذنا بالاعتبار ان ألمانيا كانت ملزمة بموجب معاهدة فرساي عام 1919 بان تستمر في دفع التعويضات حتى عام 1988 . وهل علينا تصور الرسم الكاريكاتوري للمأزق الزمني بالنسبة الى العراق لدفع التعويضات أذا أردنا إقامة علاقات منسجمة بين الدول ؟وهل هذا التخفيض يلزم حتما معرفة اذا كان امتداد هذه الديون في هذا المدى من التاريخ هو أمر مرغوب به ؟ . وبالتالي نتساءل هل نستخدم البترو-دولار العراقي لإعادة بناء المدارس والمستشفيات العراقية او نعالج اثر الحرب على البيئة في الصحراء السعودية او الكويتية ؟ واستعرضت الورقة المبادئ القانونية الدولية المتعلقة بالتعويض عن أضرار الحرب سواء أكانت ناجمة عن انتهاك قانون الحرب او انتهاك معاملة أطراف الحرب .

على الصعيد التطبيقي أشارت الورقة الى ان الحرب على العراق عام 2003 لم تطبق عليها القواعد الدولية عن التعويضات . ولكن هذا الواقع لا يعني ان الحق في التعويض غير موجود قانونا . ويمكن أدراج ذلك في مخططات أعادة بناء العراق التي قدرت من البنك الدولي بأنها تكلف أكثر من 55 مليار دولار لفترة ثلاث سنوات وهناك دراسات أخرى قدرت الكلفة خلال عشر سنوات من 106 الى 615 مليار دولار . وهذا لا يتعلق بأضرار الحرب التي لم تقدر من أية جهة . ناهيك عن الأضرار الناجمة عن حربين خلال عشرين عاماً والأضرار الناتجة عن الجزاءات الاقتصادية التي فرضتها الأمم المتحدة .

وتستخلص الورقة ان الحالة المثارة عن الحرب ضد العراق عام 2003 هي استثنائية وتصطدم بالعديد من المستويات في العلاقات بين الدول حيث أحدثت الحرب تحولا في الاقتصاد العالمي . ومن الضروري التذكير بان أهمية الغازي المنتصر الذي يستخدم القوة بصورة غير مشروعة قد امتدت اكثر من التصدي لأثارها بالتسديدات المالية الصالحة .

وما يمكن استخلاصه من المعالجة العاجلة لمسألة التعويضات ان مجلس الأمن استحدث قواعد قانونية واليات غير مسبوقة في القانون الدولي تجاه العراق في ما يتعلق بالتعويضات , ما يؤدي الى استنزاف ثرواته لعدة أجيال . وحينما احتلت الولايات المتحدة وبريطانيا العراق , فان مجلس الأمن لم يلزم القوى المحتلة بأي تعويض وإنما على العكس من ذلك أضفى على الاحتلال المشروعية والمؤسسية بتكليف قوات الاحتلال بإدارة العراق .

كما ان قوات الاحتلال قد أصدرت تشريعات تمنح قواتها حصانة قانونية من الادعاء عليها أمام القضاء العراقي , مما يعد في القانون الدولي لحقوق الإنسان إفلاتا من العقاب . وهو ما تمعنه الصكوك الدولية لحقوق الإنسان . وهذا النموذج من التعامل شكل صارخ من ازدواجية المعايير التي يطبقها مجلس الأمن بضغط من الولايات المتحدة ضمن البيئة السياسية الدولية الراهنة .

 

 

 

التعليقات معطلة.