رأى أنه «يفتح المجال واسعاً للتدخل بالشأن القضائي»
بغداد: فاضل النشمي
رفض رئيس الجمهورية العراقية عبد اللطيف جمال رشيد طلباً كان تقدم به رئيس المحكمة الاتحادية جاسم العميري، ويتضمن دعوة ائتلاف «إدارة الدولة» الذي يضم جميع القوى السياسية المشاركة في الحكومة إلى حل «أزمة القضاء» الناجمة عن النزاع المتفاقم بين المحكمة الاتحادية ومحكمة التمييز الاتحادية. والرفض الجديد هو الثاني من نوعه في غضون أيام قليلة، بعد رفض مماثل صدر عن رئيس البرلمان محمود المشهداني.
صورة متداولة لكتاب رئيس الجمهورية رداً على طلب رئيس المحكمة الاتحادية
صورة متداولة لكتاب رئيس الجمهورية رداً على طلب رئيس المحكمة الاتحادية
وقدّم، الأسبوع الماضي، 6 أعضاء في المحكمة الاتحادية العليا مع ثلاثة قضاة احتياط استقالاتهم من المحكمة، وراوحت ترجيحات الاستقالة بين الاحتجاج على التدخلات السياسية، وتدخلات محكمة التمييز الاتحادية التي يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.
وطبقاً للبيان الموقع من قبل رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد في وقت سابق وسرب إلى وسائل الإعلام، الأحد، فإن رئيس المحكمة الاتحادية جاسم العميري طلب من الرئيس رشيد دعوة ائتلاف «إدارة الدولة» للانعقاد من أجل التداول بشأن «التنازع بين قرارات المحكمة الاتحادية العليا وقرارات محكمة التمييز الاتحادية، ودعوة خبراء دستوريين وقانونيين لحضور الاجتماع وإبداء الرأي بهذا الشأن».
وحسب الرد الرئاسي، فإن «هذا التوجه (الطلب) يتعارض ومبدأ استقلال السلطة القضائية الوارد في المادة 87 من الدستور التي تنص على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكاماً وفقاً للقانون ».
وأضاف: «بصفتنا (الرئيس) الساهر على ضمان الالتزام بالدستور وفقاً لأحكام المادة 67 من الدستور نرى أن هذه الدعوة تفتح المجال واسعاً للتدخل بالشأن القضائي».
ويقترح الرئيس رشيد على رئيس المحكمة القضائية «توجيه دعوة لانعقاد مجلس القضاء الأعلى لمناقشة مسألة التنازع بين قرارات محكمة التمييز والمحكمة الاتحادية العليا، وبذلك نضمن المحافظة على استقلال السلطة القضائية».
ويميل خبراء ومهتمون في الشأن القضائي إلى أن لقاء المحكمة الاتحادية بمجلس القضاء غير ممكنة عملياً، لأن أساس المشكلة يكمن في الخلاف بين العميري وفائق زيدان، فالأخير يشغل منصب رئيس مجلس القضاء ورئيس المحكمة التمييزية، وقد قامت هذه المحكمة برفض أحكام كانت قد اتخذتها المحكمة الاتحادية رغم الطابع الإلزامي وغير القابل للنقض لتلك الأحكام.
وقامت محكمة التمييز الاتحادية بتجاهل «الأمر الولائي» الذي أصدرته المحكمة الاتحادية مطلع أبريل (نيسان) الماضي، المتعلق بالإيقاف المؤقت لتنفيذ قانون العفو العام، وباشرت التمييز بإجراءات إطلاق سراح المشمولين في العفو بعد التصويت عليه في البرلمان من دون أن تأخذ بنظر الاعتبار أوامر المحكمة الاتحادية.
ومطلع شهر يونيو (حزيران) الحالي، رفضت محكمة التمييز الاتحادية حكماً للمحكمة الاتحادية يتعلق بعدم دستورية المادة 35 بقانون التقاعد الموحد، التي تمنح راتباً تقاعدياً للمدير العام يعادل 80 في المائة من آخر راتب ومخصصات.
ويكشف الخلاف بين العميري – زيدان، عُمق الخلاف وصراع الأجنحة داخل السلطة القضائية بحسب مطلعين، كما يكشف «حجم التأثيرات التي تقوم بها الفواعل السياسية داخل هذه السلطة». وغالباً ما اتهمت المحكمة الاتحادية بالخضوع إلى بعض اللاعبين والفاعلين السياسيين وتقوم بتكييف أحكامها تبعا لرغباتهم.
وتثار أسئلة كثيرة بعد استقالة أعضاء المحكمة الاتحادية حول الفراغ الدستوري الذي تخلفه هذه الاستقالة، كما يطرح ذلك تحدي إجراء الانتخابات العامة المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث إن المحكمة الاتحادية هي الجهة المسؤولة عن مصادقة نتائج الانتخابات.
وبالتزامن مع استقالة أعضاء المحكمة الاتحادية يتعرض رئيسها جاسم العميري إلى اتهامات خطيرة من قبل النائب السابق مشعان الجبوري، حيث اتهمه بعدم احترام الدستور الذي «كتبه الأميركان»، كما اتهمه بـ«التآمر» لمنع التيار الصدري من تشكيل الحكومة بعد أن فاز بأغلبية مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2021، ويميل بعض المراقبين، إلى أن اتهامات الجبوري تأتي في «سياق اتفاق مع قوى وشخصيات نافذة للإطاحة برئيس المحكمة الاتحادية بشكل نهائي وعدم عودته إلى منصبه».