تنويعات على موسيقى الشرق الأوسط القديم

5

من الوهم الحديث عن شرق أوسط جديد من دون العمل على رؤية شاملة لإيجاد حلول للأزمات التاريخية والصراعات الجديدة

ملخص

الشرق الأوسط الجديد يبقى شعاراً تطرحه قوى مختلفة لأهداف متناقضة. أما الشرق الأوسط القديم، فإنه يستمر في المعاناة وازدياد الأزمات ونقص التسويات، وسط محاولات التغول الإقليمي على المسرح العربي.

تعددت الأصوات الداعية إلى شرق أوسط جديد. وهي ترتفع عادة خلال الحروب وبعد توقفها، ثم تذهب مع الريح. كثيرها يركز على تحولات استراتيجية وجيوسياسية، وقليلها يلفت الأنظار إلى التنمية والتكنولوجيا والتقدم كضمان حقيقي للمستقبل.

لكن الواقع أن الدعوات الماضية والمتجددة بعد حرب إسرائيل في غزة ولبنان ثم على إيران، هي تنويع على موسيقى الشرق الأوسط القديم. فما تغير على مدى 100 عام من الصراعات والحروب هو الأنظمة داخل البلدان، لا حدود البلدان الصامدة منذ اتفاق سايكس بيكو خلال الحرب العالمية الأولى، على رغم الدعوات إلى كسر تلك الحدود.

المتغير الجدي الوحيد الذي حدث كان الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا في إطار الجمهورية العربية المتحدة التي بدأت عام 1958، وجرى إسقاطها عام 1961 بانقلاب عسكري في “الإقليم الشمالي”. ولم يكن باتريك سيل مؤلف “الصراع على سوريا” يبالغ عندما كتب أن الجمهورية العربية المتحدة صارت “مقبرة فكرة الوحدة”. وحدة لإنهاء أية وحدة.

ذلك أن شمعون بيريس افتتح موسم الدعوات بعد اتفاق أوسلو وحتى قبله إلى “الشرق الأوسط الجديد” الذي يعكس التكامل الاقتصادي بين العرب وإسرائيل، والشراكة بين “الرأسمال والعقل”. وبعد الغزو الأميركي للعراق وأفغانستان وحرب 2006 بين “حزب الله” وإسرائيل، رأت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس “ولادة الشرق الأوسط الجديد”، قبل أن تكتشف أن ما تراه هو سراب.

المرشد الإيراني علي خامنئي تحدث عن “الشرق الأوسط الإسلامي” رداً على مشروع الشرق الأوسط الأميركي، ثم اصطدم بخسارة النفوذ و”الجسر” في سوريا، وتوسع إسرائيل في لبنان وسوريا بعد حرب غزة ولبنان والضربة الإسرائيلية الأميركية القوية لإيران.

وبحسب دانا سترول في مقال نشرته “فورين أفيرز” تحت عنوان “الطريق الضيق إلى شرق أوسط جديد”، فإن هناك الآن فرصة حقيقية لوضع الشرق الأوسط على طريق مختلف، وإذا ضاعت الفرصة فلن تعود لأجيال”، لكن ما ركز المقال عليه هو “عملية سياسية” مع إيران، ليست سوى ورقة في ملف معقد ومكتظ بالأوراق في المنطقة، ولا سيما بعد حرب إسرائيل وأميركا على إيران.

سوزان مالوني دعت إلى “مطابقات صعبة وأكثر تعقيداً من مهاجمة إيران وأذرعها”، بينها “صفقة عصر حقيقية وأفق سياسي” وإعادة بناء الضفة الغربية وغزة ولبنان، مع “تنازلات في برنامج إيران النووي وتخفيف ارتكاباتها الإقليمية”. وهناك من دعا، مثل ماريا فانتامي وولي نصر إلى “ترتيب إقليمي، معاهدة دفاعية بين أميركا والسعودية، وتركيز على قضية فلسطين”.

التعليقات معطلة.