سعود بن علي الحارثي
”الشكوك غير المبررة والتقلبات المفاجئة التي تسيطر على نفوس بعض الناس، وعرض مشاريع على أشخاص دون دراسة أو استكشاف لسلوكياتهم واتخاذ قرارات متسرعة بضمهم، عوامل أدت إلى اهدار فرص مهمة، ووأد مشاريع في مهدها، كان من الممكن أن تصبح ناجحة في يوم ما، وتعطيل قرارات قد تظهر نتائجها الإيجابية ذات يوم وأفكار وجهود قد تساعد على التطور والارتقاء والتغيير الإيجابي لولا تلك الشكوك التي تسيطر على القلوب.”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما عرض عليه مقترحا بإنشاء مشروع مشترك، أظهر استعدادا غير مسبوق وأبدى موافقته غير المشروطة للدخول كشريك فيه، وقد رفض بشدة فرصة التفكير التي قدمت له من أجل دراسة تفاصيل المشروع ومعرفة الجدوى الاقتصادية، بحجة أنه واثق تمام الثقة من نجاحه ومن كفاءة وسلامة مقصد الذين بادروا ودرسوا وطرحوا، مضيفا بأنه على قناعة كاملة بجدوى وأهمية ونجاح المشروع وبأن القائمين عليه قد أعطوه حقه من الدراسة، ولا أحد يدري كيف تولدت لديه تلك القناعات وأسباب الثقة، ومن أي منطلق وتحت أي حجة ومبرر اتخذ قراره بالانضمام إلى الشركاء، وبعد تصديقه على بنود الاتفاقية المبدئية، ودفع مساهمته مثله مثل بقية الأعضاء ووضع مدخراته كاملة في المشروع، بدأت الشكوك بعد أشهر تراوده والوساوس الشيطانية تتحرك في دواخله مستشعرا الندم على دخوله المتسرع في مشروع بدأ يصفه بالفاشل ولا يرجو منه خيرا حسبما غذته تلك الوساوس، ومثلما زينت له نفسه المشروع في أفضل زينة دونما منطق مقبول أو مبرر مفهوم أو دراسة سليمة ومراجعة دقيقة قام بها، قلبت عليه ظهر المجن بعد أشهر قلائل ليصبح المشروع لديه أسوأ مما كان يتصور دون أن تظهر أسباب مبررة في المقابل تصوغ هذا الانقلاب المفاجئ، وتستدعي هذا التغير، أو مستجدات فرضت عليه حسابات جديدة، ولم يطق البقاء وهو على ذاك الحال من البلبلة النفسية ولم يشعر بالاستقرار وهو على ذلك الوضع من الهيجان النفسي، خاصة بعد أن جفاه النوم وودعته الراحة وسكنته الوساوس التي تملكته من كل صوب، إلا بعد أن وافق شركاؤه على إعادة ماله إليه كاملا غير منقوص، ليريحوا أنفسهم من إزعاجه ويدرؤوا عن مشروعهم الفشل.
الشكوك غير المبررة والتقلبات المفاجئة التي تسيطر على نفوس بعض الناس، وعرض مشاريع على أشخاص دون دراسة أو استكشاف لسلوكياتهم واتخاذ قرارات متسرعة بضمهم، عوامل أدت إلى اهدار فرص مهمة، ووأد مشاريع في مهدها، كان من الممكن أن تصبح ناجحة في يوم ما، وتعطيل قرارات قد تظهر نتائجها الإيجابية ذات يوم وأفكار وجهود قد تساعد على التطور والارتقاء والتغيير الإيجابي لولا تلك الشكوك التي تسيطر على القلوب.
كما أن السرعة في اتخاذ القرارات دون تدبر وتبصر للنتائج والآثار المترتبة، سلوك يفتقر إلى الحنكة والرشد وأسلوب تنقصه الحكمة وطريق يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه، إن القرارات التي تتخذ في مثل هذه الحالات تحتاج إلى الوقت الكافي للتبصر في أهدافها ومضامينها وآثارها، ورصد وتقييم الاستعداد النفسي لتقبلها والقدرة على مدى تحمل تبعاتها، وتقييم كافة الجوانب المتعلقة حتى يكون الفرد على قدر مماثل من الجاهزية والقدرة على الوفاء بالالتزامات المترتبة.