رغم التفاهم التركي – الكردي الأخير الذي أعلن فيه رئيس حركة “أوركان” استعداد الجماعة لتسليم سلاحها، لم يُطرح حتى اللحظة سؤال مصيري يهم الدولة العراقية أولًا: ما مصير عناصر حزب العمال الكردستاني (PKK) داخل الأراضي العراقية؟
لطالما مثّل وجود البككا في شمال العراق معضلة أمنية وسياسية مزدوجة، ليس فقط لأنهم تنظيم مسلح عابر للحدود، بل لأنهم تسببوا في جعل الأراضي العراقية ساحة لتصفية الحسابات بين أنقرة والحزب، مما يعرّض السيادة العراقية للانتهاك المستمر تحت غطاء “الدفاع التركي المشروع”.
التهديد المستمر: لا نزع للسلاح في سنجار وجبال قنديل
الاتفاق الأخير حول نزع سلاح البككا لا يشمل العراق بشكل واضح. التصريحات تدور حول تفاهمات داخل الأراضي التركية، دون أن تمسّ التشكيلات المنتشرة في سنجار، مخمور، وقنديل. وهذا يعني أن العراق مرشح ليكون الملاذ الأخير لحزب باتت قبضته الأمنية تتلاشى في مناطق نفوذه الأصلية .
وما يُقلق أكثر، هو أن الحركة لم تُبدِ أي نية فعلية في مغادرة الأراضي العراقية، لا بل تسعى لتثبيت وجودها داخل المجتمعات المحلية من خلال نشاطات مدنية مموّهة، وتجنيد شباب من الإيزيديين والنازحين، وهو ما ينذر ببناء بديل سياسي ومسلح أشد خطرًا من التنظيم نفسه .
حكومة بغداد وصمت مريب
من اللافت أن الحكومة العراقية لم تُصدر حتى الآن موقفًا رسميًا أو حتى استفسارًا دبلوماسيًا حول مصير هؤلاء داخل حدودها. هذا الصمت يُضعف موقف الدولة، ويجعلها شريكة – ولو ضمنيًا – في ترك الباب مفتوحًا أمام حزب ثبت تصنيفه دوليًا كتنظيم إرهابي.
المفارقة أن العراق يدفع الثمن دون أن يكون طرفًا في التفاهمات، فقد باتت أراضيه تُقصف دوريًا، ويُستهدف مواطنوه بحجة ملاحقة الحزب، ومع ذلك لم تبادر الحكومة بإعلان خارطة طريق لإنهاء هذا الوجود.
التوصيات:
الضغط السياسي والدبلوماسي لتضمين مستقبل تواجد البككا في العراق ضمن أي اتفاق إقليمي.
رفض استخدام الأراضي العراقية كملاذ آمن أو جبهة احتياط لأي تنظيم مسلح.
مصارحة الرأي العام العراقي بحقيقة الوضع الأمني في تلك المناطق، وطرح استراتيجية واضحة لنزع فتيل التوتر .
السيادة لا تُستعاد بالشعارات بل بالقرارات الصلبة، ومصير حزب البككا داخل العراق يجب أن يكون أولوية أمنية لا تحتمل التردد أو المجاملة. فترك المسألة دون حسم هو تأجيل لكارثة قادمة.