قانون الحشد الجديد يُبقي الفياض ويغلق باب الدمج نهائيًّا

9

اعتراضات داخلية وضغوط أميركية
بغداد/ تميم الحسن
يُغلق تشريع وشيك يخص “الحشد الشعبي” الباب أمام أي “سيناريوهات محتملة” لدمج المقاتلين ضمن المؤسسات الأمنية.
ويواجه التشريع حتى الآن اعتراضات من قوى سياسية داخل البرلمان، من بينها كتل شيعية، لأسباب متعددة.
تدور أغلب الاعتراضات حول القانون – الذي لا يزال قيد التشريع – بين مخاوف من “إغضاب الولايات المتحدة”، وأخرى تتعلق بحسابات سياسية داخلية.
ويُعد فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد منذ أكثر من عقد، أحد أبرز أسباب الاعتراض، إذ قد يضمن القانون الجديد استمراره في المنصب إلى أجل غير مسمّى.
وكان البرلمان قد أجرى الأسبوع الماضي القراءة الثانية لمشروع “قانون هيئة الحشد الشعبي”، بعد أربعة أشهر من القراءة الأولى.
ولا تزال العديد من بنود مسودة القانون غامضة، وسط توقعات بحسب نواب، بإضافة مواد جديدة خلال مرحلة المناقشات اللاحقة.
ويرى النائب مختار الموسوي، عن كتلة بدر، أن تمرير القانون “سيُغلق الباب أمام أي محاولات لدمج الحشد الشعبي في وزارتي الداخلية أو الدفاع”، مضيفًا في حديث لـ(المدى): “القانون الجديد سيُثبّت شرعية الحشد كقوة مستقلة غير تابعة لأي مؤسسة أمنية”.
يتضمن مشروع القانون الجديد 18 مادة، ويُدرج الحشد ضمن القوات المسلحة العراقية، على أن يرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، وهو نصٌّ مكرر من القانون الأول الصادر عام 2016، ومن الأمر الديواني لسنة 2019 الذي أثار حينها غضب بعض الفصائل بسبب مطالبته بحظر “النشاط السياسي”.
استفزاز الصدر
يطالب زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بـ”دمج الحشد الشعبي”، وهو مطلب يُعتقد أنه يحظى بدعم من مرجعية النجف، بحسب سياسي شيعي.
وقال السياسي، الذي تحدث لـ(المدى) طالبًا عدم كشف اسمه، إن “تغريدات الصدر في الأسابيع الأخيرة، والتي دعت إلى دمج الحشد، جاءت عقب لقاء بينه وبين المرجع الأعلى علي السيستاني”.
وكان السيستاني قد دعا، قبل 3 أسابيع، على لسان ممثله في كربلاء، إلى “حصر السلاح”، وهو مفهوم بقي فضفاضًا في ظل تباين تفاعل القوى الشيعية معه.
ويرجّح المصدر أن “تردد بعض الأطراف الشيعية في تمرير قانون الحشد قد يكون بهدف تفادي استفزاز الصدر”.
وتحاول بعض الكتل الشيعية منذ أيام مغازلة الصدر، بعد كشفه عن مداولات داخل تياره لتشكيل قائمة انتخابية تنفذ شروطه.
ويؤكد مختار الموسوي أن “بعض القوى السنية والكردية تعترض على تمرير القانون، فيما لدى بعض الكتل الشيعية ملاحظات أيضًا”.
من هو الرئيس؟
الموسوي، وهو قيادي في منظمة بدر التي يتزعمها هادي العامري، يشير إلى أن أحد أبرز أسباب الاعتراض الشيعي يتعلق بمنصب “رئيس هيئة الحشد”.
ويضيف: “هناك من يسعى لتفصيل القانون على مقاسه بحيث يأتي الرئيس من جهته السياسية، وآخرون يريدونه شخصية مستقلة، وثالث يريده عسكريًّا”.
وتبدو المسودة الجديدة وكأنها تقدم مخرجًا لمأزق “تقاعد الفياض”، الذي قد يستمر في منصبه لوقت غير معلوم.
وكانت الحكومة قد سحبت سابقًا مشروع “قانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي الحشد الشعبي” بسبب الخلافات حول تحديد سن تقاعد رئيس الهيئة.
وبحسب بنود مسرّبة من القانون الجديد، فإن رئيس الهيئة سيكون بدرجة “وزير”، ما يتيح له البقاء في المنصب بغض النظر عن السن القانوني، على غرار رؤساء الهيئات والوزراء الحاليين الذين تجاوزوا السن القانوني وما زالوا في مناصبهم.
كما أشارت المسودة إلى أن رئيس الهيئة سيكون بدرجة وزير وعضوًا في “اللجنة الوزارية للأمن القومي”، وله تخويل بعض صلاحياته لرئيس الأركان أو الأمين العام للهيئة.
وسيمارس الرئيس صلاحيات وزير الدفاع لتطبيق القوانين العسكرية على منتسبي الهيئة.
وكانت كتلة “صادقون” التابعة لحركة العصائب، بزعامة قيس الخزعلي، قد طالبت مرارًا بإقالة الفياض من رئاسة الهيئة.
ويُعتقد أن سحب الحكومة لمشروع القانون السابق تم بضغط من الفياض، وبدعم من إيران، بحسب “العصائب”.
ويتحالف الفياض مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ضمن كتلة “الإعمار والتنمية” استعدادًا للانتخابات المقبلة.
وبحسب النائب السابق حسن فدعم، القيادي في تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، فإن الإشكالية الأبرز ليست فقط في رئاسة الهيئة، بل في “هيكليتها”.
ويقول فدعم لـ(المدى): “القوى الشيعية لا تعترض على أصل القانون، كما هو حال غالبية السنة والكرد، لكنها تعترض على هيكلية الحشد وطريقة تنظيمه”.
ويصف مشروع القانون منتسبي الحشد بـ”المجاهدين” – دون تحديد أعدادهم أو رواتبهم – مع تعهد بتجهيزهم بأحدث التقنيات العسكرية، وإشراكهم في تقديم المشورة للحكومة بشأن الأمن الوطني.
ويمنع المشروع المنتسبين من الانتماء لأي حزب أو تنظيم سياسي، كما يحظر عليهم المشاركة في الأنشطة الحزبية والسياسية.
تحذيرات المشهداني
ويُرجع النائب الموسوي اعتراض بعض القوى السنية والكردية على القانون، إلى تصريحات أدلى بها رئيس البرلمان محمود المشهداني، الذي انسحب من إدارة الجلسة أثناء القراءة الثانية للقانون الأسبوع الماضي.
وقال الموسوي: “المشهداني تحدث عن وجود ضغوط خارجية، وليست فقط داخلية، لتمرير قانون الحشد”.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن وزارة الخارجية الأميركية وصفها للقانون بأنه “مشروع يمنح الشرعية لجماعات مسلحة هاجمت مصالح الولايات المتحدة وقتلت أميركيين”.
وشهدت جلسة الأربعاء الماضي مقاطعة كتلتي “تقدّم” بزعامة محمد الحلبوسي، و”السيادة” برئاسة خميس الخنجر، إضافة إلى بعض الكتل الكردية، اعتراضًا على إدراج القانون في جدول أعمال الجلسة.
وكان نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني قد حضروا القراءة الأولى لمشروع القانون في آذار الماضي، لكن النائب شيروان الدوبرداني قال في تصريحات تلفزيونية إن “طرح القانون في القراءة الثانية بهذا التوقيت تقف وراءه دوافع انتخابية بحتة”.
ويتطلب تمرير القانون تصويت نصف عدد أعضاء البرلمان زائد واحد، أي نحو 165 نائبًا، وهو رقم قد يُحقق بسهولة بحسب النائب مختار الموسوي.

التعليقات معطلة.