عصابات الخرطوم “أشرس” بفعل الحرب

5

لم تعد تستخدم السكاكين والسواطير بل الأسلحة الرشاشة والمدافع الثقيلة لترعب العاصمة الغارقة في الفوضى والانفلات
جمال عبد القادر البدوي صحفي سوداني
لم تقتصر ظاهرة انتعاش العصابات المسلحة على العاصمة فحسب، إذ سجلت ولايات أخرى حوادث مشابهة (أ ف ب)
ملخص
لا يكاد يمر يوم أو أسبوع إلا وتقع حادثة نهب أو سطو مسلح مصحوبة بجريمة قتل، مما خلف خوفاً وقلقاً متزايداً لدى المواطنين الذين توقفوا عن الخروج من المنازل ليلاً، مع تكرر مداهمة العصابات للمنازل ليلاً والسطو عليها تحت تهديد السلاح وقتل كل من يحاول المقاومة.
مع تعاظم الآمال بعودة الحياة الطبيعية إلى العاصمة الخرطوم عقب تحريرها من سيطرة قوات “الدعم السريع” قبل أكثر من ثلاثة أشهر، أطل من جديد شبح ما كان يعرف بعصابات “9 طويلة”، ولكن في نسخة أكثر شراسة وعنفاً، لا تستخدم السكاكين والسواطير كما قبل الحرب، بل مختلف أنواع الأسلحة، الصغيرة والرشاشة والمدافع الثقيلة، لترعب الخرطوم مستغلة أجواء الفوضى والانفلات والسيولة الأمنية.
تعددت الحوادث من جريمة قتل في العاصمة السودانية من أجل نهب هاتف سيار، إلى الاختطاف تحت تهديد السلاح، ولا يكاد يمر يوم أو أسبوع إلا وتقع حادثة نهب أو سطو مسلح مصحوبة بجريمة قتل، مما خلف خوفاً وقلقاً متزايداً لدى المواطنين الذين توقفوا عن الخروج من المنازل ليلاً، مع تكرر مداهمة العصابات للمنازل ليلاً والسطو عليها تحت تهديد السلاح وقتل كل من يحاول المقاومة.
قتل ومواجهات
أبرز حوادث النهب المسلح تلك المواجهات الدامية التي خاضتها الأجهزة الأمنية مع عصابة مسلحة في سوق حي دار السلام بمحلية جبل أولياء جنوب الخرطوم، وأسفرت عن سقوط أربعة قتلى بينهم ضابط في الاستخبارات العسكرية وجندي وامرأة كانت قرب موقع الاشتباك وأحد المهاجمين، فضلاً عن إصابة ثلاثة أشخاص بجروح متفاوتة، وتمكنت القوات النظامية من القبض على أربعة من أفراد المجموعة.
أيضاً شهدت منطقة الحتانة في أم درمان مقتل أحد الشباب بالرصاص أمام منزله لمجرد مقاومته محاولة عصابة مسلحة نهب هاتفه المحمول، كذلك تعرضت بعض أسواق العاصمة عقب معاودة نشاطها الجزئي لسطو العصابات، مثلما حدث في شارع الحرية الشهير كمجمع لمتاجر الأجهزة والأدوات الكهربائية، الذي تعرض للدهم في ثاني أيام تدشين عمله.
AFP__20250429__43W49ZQ__v2__MidRes__SudanConflict.jpg
يعيش مواطنو العاصمة حالاً من الخوف والقلق جراء تصاعد أعمال السطو والنهب (أ ف ب)
ثم جاءت قبل أيام حادثة اختطاف أحد أصحاب محال الذهب من منزله في أم درمان بواسطة عصابة مسلحة نهبت كل ما يملك وألقت به في العراء على أطراف العاصمة الخاوية، في تطور جديد لأساليب الجريمة في السودان.
وتمكن فريق ميداني متخصص من المباحث المركزية بسوق صابرين في محلية كرري، من توقيف متهمين تورطا في جريمة نهب هاتف محمول تحت تهديد السلاح باستخدام بندقية “كلاشنكوف”.
لم تقتصر ظاهرة انتعاش العصابات المسلحة على العاصمة السودانية فحسب، إذ سجلت ولايات أخرى حوادث مشابهة، وظهرت جرائم السطو المسلح والقتل لأجل السرقة في مدن أخرى.
وشهدت ولاية الجزيرة نهاية يونيو (حزيران) الماضي حادثة مروعة بمقتل طبيب صيدلي في محلية رفاعة برصاص مسلحين، وتم فصل رأسه عن جسده أثناء عودته من السوق إلى قريته، ولم يكتشف أحد الجريمة إلا بعدما عثر على جثته في العراء.
وأحدث الهجوم الدموي الذي تعرض له قسم شرطة “الغدار” بالولاية الشمالية، خلال الأسابيع الماضية من مجموعة مسلحة تسبب في مقتل شرطي وإصابة ثلاثة آخرين، صدمة واسعة في الأوساط الأمنية والشعبية بالمنطقة. وتوجهت المجموعة بعد ذلك للسطو على البنك الزراعي هناك.
وذكر بيان لحكومة الولاية أن محاولة المجموعة المسلحة التي اقتحمت قسم الشرطة لتحييد أفراده فشلت في نهب الأموال التي أودعت حديثاً في فرع البنك الزراعي، ولم تتمكن من فتح خزانة البنك بفضل الإجراءات التأمينية المحكمة.
خوف وغضب
أثارت تلك الحوادث وأخرى غيرها موجة من الغضب الشعبي إزاء تمدد وتطور عصابات “9 طويلة” كماً ونوعاً عما كان عليه أسلوبها قبل اندلاع الحرب، حين كان الساطور والسكين والعصي هو سلاحها الأخطر.
ويعيش مواطنو العاصمة حالاً من الخوف والقلق جراء تصاعد أعمال السطو والنهب والانفلات في ظل استمرار النزاع المسلح في البلاد.
يقول نور الدين النزير، من حي الثورة بأم درمان، إن عصابات “9 طويلة” التي لم تكن قد انتهت أو تلاشت نهائياً، انتعش نشاطها كواحدة من أخطر الجماعات الإجرامية التي تنشط في العاصمة الخرطوم، وهي متورطة في كثير من حوادث السطو والقتل طوال أعوام ماضية، فضلاً عن أن السلاح نفسه أصبح يباع في الأسواق الطرفية مثل “سوق القش” غرب أم درمان.

التعليقات معطلة.