شفق نيوز- دمشق
وجهت مبادرة “سوريون عبر السجون”، يوم الثلاثاء، رسالة مفتوحة إلى الوفد الحكومي السوري الموجود في بيروت، بالنيابة عن نحو 2400 سوري محتجزين في سجن رومية وغيره من السجون اللبنانية، مؤكدة أن أكثر من 70% منهم موقوفون منذ سنوات من دون محاكمة، فيما تعرض كثيرون للتعذيب والتوقيف العشوائي وانتزاع اعترافات تحت الإكراه.
وجاء في بيان ورد لوكالة شفق نيوز، أن السجناء السوريين في لبنان “ضحايا ظروف مختلفة، بعضهم دفع ثمن ثورته على النظام السابق، وآخرون هربوا من بطشه، فيما وقع آخرون ضحية الفقر والتمييز والعنصرية، في حين توفي عدد منهم نتيجة الإهمال أو أقدموا على الانتحار يأساً”.
وقالت المبادرة في مناشدتها “لا تتركوا أحداً وراءكم، فجميعهم مواطنون سوريون وآمالهم وآمال عائلاتهم باتت بين أيديكم. من كان يستحق التكريم فكرموه، ومن كان يستحق العدالة فحاسبوه، ومن كان يستحق العفو فأطلقوه، ومن كان مظلوماً فأنصفوه. لكن لا تتركوا أحداً يحترق في هذا الجحيم الكبير”.
وأضافت أن “السوريين الذين عوقبوا ظلماً أو وُصموا بالإرهاب يستحقون الحرية والتجنيس معاً”، داعية الوفد السوري إلى إدراج قضيتهم ضمن جدول أعماله مع المسؤولين اللبنانيين.
وكان أكثر من 1700 سجين سوري في رومية قد وجّهوا مؤخراً نداءً عاجلاً إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، طالبوا فيه بإعادتهم إلى سوريا لمحاكمتهم أمام القضاء الوطني، مشيرين إلى ظروف احتجاز مأساوية وغياب الرعاية الصحية والغذائية، الأمر الذي أدى إلى وفاة عدد منهم تحت التعذيب أو بسبب الأمراض.
وطالب السجناء حينها بزيارة وفد رسمي سوري إلى رومية لإيجاد حلول استثنائية، أبرزها تخفيف الأحكام وتقليص العقوبات، والتوصل إلى تفاهمات تتيح إعادتهم إلى سوريا.
احتجاجات وضغط شعبي
وكانت الأشهر الماضية قد شهدت سلسلة من التحركات الاحتجاجية والحقوقية المطالبة بالإفراج عن السوريين في السجون اللبنانية. ففي شباط الماضي بدأ أكثر من 100 موقوف سوري داخل سجن رومية إضراباً مفتوحاً عن الطعام احتجاجاً على ظروف الاحتجاز وتأخير المحاكمات.
كما نظمت عائلات المعتقلين في نيسان/ أبريل الماضي وقفة احتجاجية أمام السفارة اللبنانية في دمشق، رفعوا خلالها شعارات تطالب بالإفراج عن ذويهم وتسريع ملف إعادتهم إلى سوريا.
كذلك شهد معبر جوسية الحدودي بداية شهر آب/ أغسطس الجاري، اعتصاماً مماثلاً طالب فيه الأهالي بإنهاء معاناة أبنائهم، معتبرين أن استمرار حبسهم “مأساة إنسانية وسياسية في آن واحد”.
وقال المحامي مازن عبد الصمد، في حديث الوكالة شفق نيوز، إن “قضية السجناء السوريين في لبنان تشكل ملفاً إنسانياً وقانونياً بالغ الحساسية”، مشيراً إلى أن “أغلب الموقوفين لم يخضعوا لمحاكمات عادلة، وبعضهم أمضى سنوات طويلة رهن التوقيف الاحتياطي خلافاً للقوانين المحلية والدولية”.
وأضاف أن “معالجة هذا الملف تتطلب إرادة سياسية مشتركة بين دمشق وبيروت، وإقرار آلية واضحة لإعادة السجناء إلى بلادهم أو محاكمتهم بشكل عادل وسريع داخل لبنان”.
ويرى مراقبون أن بيان “سوريون عبر السجون” والضغط الشعبي المتصاعد يأتيان في وقت حساس، حيث تبحث دمشق وبيروت ملفات التعاون الأمني والحدودي، ومن المرجح أن يفرض هذا الملف نفسه على طاولة النقاش، وسط توقعات بخطوات عملية قد تشمل إعادة بعض المعتقلين السوريين ضمن تفاهمات ثنائية.