إلى القوى المدنية: استيقظوا، الوطن بين أيديكم

16

 

العراق بين الخراب والانتخابات

لا جدال أن التجربة السياسية في العراق بعد 2003 لم تنتج دولةً ولا مؤسسات، بل راكمت الفساد والخراب، وعمّقت الانقسام الطائفي والمناطقي على حساب الهوية الوطنية الجامعة. ومع كل دورة انتخابية، يتكرر المشهد ذاته: وعود براقة، حملات انتخابية صاخبة، ثم نتائج معروفة سلفاً تُعيد إنتاج القوى ذاتها التي تمتلك المال السياسي والسلاح والدعم الخارجي.
القوى المدنية أمام امتحان تاريخي
اليوم، تقف القوى المدنية أمام امتحان تاريخي حاسم. فالمشاركة في انتخابات هزيلة لن تغيّر واقعاً مرسوماً، ولن تمنح الشعب سوى وهم جديد. لذلك فإن الموقف الوطني الصادق يقتضي إعلان الانسحاب الكامل من العملية السياسية وشجبها، بكل ما حملته من تاريخ ملوث بعد 2003.
إعادة الخطاب الوطني
إن العراق بحاجة ماسة إلى إعادة إحياء الخطاب الوطني الذي تراجع كثيراً أمام الطوفان الطائفي. والخطاب الوطني لا يُبنى بالشعارات وحدها، بل بالالتصاق بالشعب، ومخاطبة همومه اليومية، والسعي الجاد لتجاوزها. فالمعركة اليوم ليست في صناديق الاقتراع، بل في الوعي العام، في مصارحة الناس وتبصيرهم بلا هوادة بأن الانتخابات المقبلة لن تُعيد لهم الدولة ولا الحقوق، بل ستشرعن استمرار المأساة.
التقاط اللحظة التاريخية
إن القوى المدنية، بقدرتها على إنتاج رؤية إنقاذ وطنية شاملة، مدعوة لأن تلتقط اللحظة التاريخية. فالانسحاب من هذه العملية السياسية لا يعني الغياب عن المشهد، بل يعني العودة إليه بقوة وكرامة، على قاعدة وطنية خالصة لا تشوبها شبهة المال السياسي ولا السلاح المنفلت ولا الرضا الخارجي.
مناشدة للقوى المدنية والشعب
يا قوى العراق المدنية، لا تسمحوا لأنفسكم أن تكونوا ديكوراً في مسرحية مكرّرة، ولا شهود زور على مأساة تتجدد كل أربع سنوات. أنتم مطالبون اليوم بالانسحاب من هذه اللعبة الفاسدة، والعودة إلى الشعب بخطاب وطني صادق، لا يهادن ولا يساوم.
وللشعب العراقي نقول: أنتم أصحاب الكلمة الفصل، وأنتم وحدكم القادرون على إنقاذ وطنكم من قبضة السلاح والمال الفاسد والوصاية الخارجية. لا تمنحوا الشرعية لمن سرق أحلامكم، ولا تضعوا أصواتكم في صناديق تعود ممتلئة بالخيبة.
لحظة حاسمة للتغيير
إن اللحظة التاريخية بين أيديكم، فإما أن تكونوا شركاء في صناعة الخلاص، أو شهوداً على استمرار الانحدار. والتاريخ لا يرحم المترددين .

التعليقات معطلة.