نظافة الأحذية… ضرورة صحية أم مبالغة؟

3

“يمكن أن تحمل الأحذية أنواعاً متعددة من البكتيريا على سطحها وداخلها”.

نشأنا على عبارة “اخلع حذاءك عند الباب”، وسمعناها مراراً عند دخول منازل الآخرين، وكأنها قاعدة ضمنية للتصرف المهذب. واعتدنا أن نربط هذه العبارة بالعادات والتقاليد واحترام خصوصية المكان، دون أن ندرك معناها الصحي العميق.

فبينما تبدو مجرد قاعدة اجتماعية، تكمن وراءها رسالة وقائية مهمة وهي أن الحذاء الذي ننتعله طوال اليوم يلامس الأرض والشوارع، ويمكن أن يكون ناقلاً رئيسياً للأمراض، من الجراثيم اليومية إلى أنواع خطيرة من البكتيريا. وتالياً، ما اعتبرناه مجرد تحية للآداب العامة، هو في الواقع خطوة مهمة للحفاظ على صحتنا ونظافة محيطنا.

وفي هذا السياق، تؤكد الطبيبة المتخصصة في الأمراض الداخلية دانية الحلاق لـ “النهار” أن “نظافة الأحذية مهمة جداً، وربما أكثر مما كنا نتوقع، إذ تفوق أهميتها العناية بالملابس اليومية من حيث الوقاية من البكتيريا الضارة”، مشيرة إلى أن الأحذية “يمكن أن تحمل أنواعاً متعددة من البكتيريا على سطحها وداخلها، بما في ذلك مخلفات الفضلات والبول للحيوانات البرية والضالة”.

 

 

صورة تعبيرية (برونو ناسيمنتو).

صورة تعبيرية (برونو ناسيمنتو).

 

 

ما هي أنواع البكتيريا والجراثيم التي قد تنقلها الأحذية؟

أكدت الطبيبة المتخصصة في الأمراض الداخلية، الحلاق، أن بعض هذه الجراثيم قد تكون خطيرة جداً، مثل بكتيريا التيتانوس الموجودة في التربة، خصوصاً عند وجود الحديد الصدئ؛ و”Clostridium difficile”، وهي جرثومة كولون قد تنتقل من المستشفيات، بالإضافة إلى الإشريكية القولونية (E. coli) التي قد تسبب أمراضاً حادة في الأمعاء والكلى، تصل أحياناً إلى الإسهال الشديد والفشل الكلوي. ويمكن للفطريات أن تلوث الأظافر والقدمين، وتنتشر عادة في صالات الرياضة والحمامات، بالإضافة إلى بيض الديدان والطفيليات الموجودة في التربة، والتي قد تصل إلى القدمين عند ارتداء الأحذية المفتوحة.

وأشارت بعض الأبحاث إلى أن نحو 421,000 وحدة من البكتيريا تعيش على السطح الخارجي للحذاء، في حين يعيش ما يقرب من 3,000 وحدة في الداخل. لكن غسل الأحذية في الغسالة يمكن أن يزيل 90-99% من البكتيريا في كلا المكانين، مع ضرورة مراعاة نوع الحذاء وطريقة الغسل لتجنب تلفه.

 

 

 

تنظيف الأحذية في الغسالة (غوغل).

تنظيف الأحذية في الغسالة (غوغل).

 

 

وأوضحت الحلاق أن أكثر الفئات عرضة للإصابة هم الأطفال، لضعف وعيهم بممارسات النظافة ومناعتهم المحدودة، بالإضافة إلى المصابين بأمراض مزمنة مثل السكري، الذين يعانون من ضعف الإحساس في القدمين ومناعة منخفضة، ما يزيد من أخطار المضاعفات.

أما كلارا شمعون، مؤسسة علامة متخصصة في منتجات التنظيف الصحية، تقول لـ “النهار”: “الأحذية تحمل الغبار والميكروبات وأحياناً بعض السموم، لكن العيش في بيئة معقمة تماماً ليس صحياً، فالأطفال يحتاجون بعض التعرض للجراثيم لتقوية جهاز المناعة”. 

طرق الوقاية والحفاظ على نظافة الأحذية

نصحت الحلاق بتنظيف الأحذية من الخارج باستخدام مناديل مبيّضة (bleach wipes) إذا كان ذلك لا يضر بها، وإعادة غسلها مرة على الأقل شهرياً، بالإضافة إلى تجنب ارتداء الأحذية المفتوحة في الأماكن العامة، واستخدام أغطية للأحذية في الأماكن الحساسة مثل المستشفيات، خصوصاً للأطباء والممرضين.

من جهتها، قالت شمعون: “الأهم هو الحفاظ على التوازن؛ احتفظ بالأحذية الخارجية عند الباب واغسلها عند اتساخها بوضوح، بذلك تحمي المنزل مع السماح بالتعرض الطبيعي للميكروبات”.

بعض الأحذية، مثل الشباشب والصنادل، أو المصنوعة من القماش أو القطن أو النايلون أو البوليستر، متينة بما يكفي لغسلها في الغسالة على دورة لطيفة، مع استخدام الماء البارد ومنظف معتدل. وللتأكد من إمكانية غسل الحذاء، يُنصح بالتحقق من ملصق العناية أو الموقع الإلكتروني للشركة المصنعة، إذ تحدد معظم العلامات التجارية طريقة التنظيف المفضلة، كما أن العديد منها يقدم خيارات قابلة للغسل في الغسالة.

 

تنظيف الأحذية بفرشاة الأسنان (غوغل).

تنظيف الأحذية بفرشاة الأسنان (غوغل).

 

 

وإذا كانت الأحذية متسخة جداً، يمكن معالجة البقع مسبقاً باستخدام صابون غسيل الصحون، حيث يُفرك الصابون بلطف بواسطة فرشاة أسنان، ثم توضع الأحذية في الغسالة مع بعض المناشف أو داخل كيس قماشي، للمساعدة على تنظيف النعال جيداً وحماية الحذاء أثناء الغسل.

وبمجرد انتهاء دورة الغسل، اترك الأحذية لتجف في الهواء بدلاً من وضعها في المجفف، مع الابتعاد عن أي مصدر حرارة للحفاظ على شكل الحذاء.

التعليقات معطلة.