شيريهان المنيرى
ما زالت الممارسات الإسرائيلية مُستمرة فى نهجها، والذى بدأته منذ أحداث 7 أكتوبر من عام 2023، بشكل لا يُنذر حتى ببوادر لتراجعها عن أهدافها التوسعية، والتى أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، فى إحدى خطاباته الإعلامية والتى تعود لأغسطس الماضى، وقد أسماها بـ«إسرائيل الكبرى»، هذا الهدف الذى كشف عنه بكل وضوح فى ظل معاناة يومية على مدار ما يقرب من عامين لأشقائنا الفلسطينيين، مؤكدًا فى كل موقف وتصريح ورسالة عبر وسائل تل أبيب الإعلامية أنه مؤمن باستمرار وحشية العدوان على الأبرياء وتوسيع دائرة المعاناة لآلاف من الأسر الفلسطينية.
ومنذ أيام رأينا الهجوم الإسرائيلى عبر ضربة جوية على الدوحة مُستهدفًا وفدًا تفاوضيًا لقادة حماس، وعلى الرغم مما أحدثه من جدل على المستويين العربى والإقليمى، وأن قطر تُعد حليفًا لواشنطن، إلا أن إسرائيل أعلنت عبر مسؤوليها استعدادها لمُلاحقة قادة حماس أينما كانوا، بما أكد أن تل أبيب مستمرة فى نهجها وعدوانها، بما يعكس ازدياد الأمر صعوبة أمام المفاوضات والمحاولات المستمرة من الوسطاء لوقف إطلاق النار والوصول إلى تسوية من شأنها إيقاف الحرب المستمرة على غزة.
ويبدو أن «نتنياهو» يؤكد مُجددًا عبر رسائل غير مباشرة أن سياساته لن تتوقف تجاه القطاع بما يهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط بأكمله؛ ففى الوقت الذى تُعقد فيه القمة العربية الإسلامية الطارئة بالدوحة، حرص عدد من الروافد الإعلامية التابعة لتل أبيب على الترويج لزيارة وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو، مع نشر مقاطع من اللقاء وزيارة المسؤول الأمريكى معه لحائط البراق فى القدس، والترويج لوضع «روبيو» ورقة عند الحائط مُتمنيًا فيها دوام الانتصارات الإسرائيلية، على حد المتداول ببعض روافد تل أبيب الإعلامية، وهو ما أدانته حركة «حماس»، لافتة إلى أن أداء «روبيو» برفقة «نتنياهو» يُعد انتهاكًا سافرًا للوضع التاريخى القائم فى القدس المُحتلة، مؤكدة أنه استفزاز لمشاعر العرب والمسلمين، كما أنه خرق فاضح للقوانين والأعراف الدولية، وأن هذا الأمر يُمثل انحياز الإدارة الأمريكية ومباركتها لجرائم الاحتلال الجارية على أرض فلسطين.
وأكد «نتنياهو»، خلال هذا اللقاء، أن التحالف بين تل أبيب وواشنطن لم يكن يومًا أقوى مما هو عليه، على حد تعبيره، واصفًا «روبيو» بأنه صديق استثنائى. وأوضح عبر مؤتمر صحفى ثنائى يُعد فى توقيت القمة العربية الطارئة أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، صديق لإسرائيل وعزز التحالف بين البلدين، مؤكدًا على استمرار ملاحقة إسرائيل لحماس. من جانبه تعهد «روبيو» بتقديم دعم ثابت لإسرائيل فى عمليتها العسكرية ضد حركة حماس فى غزة، ولعل رسائل وزير الخارجية الأمريكى بشكل عام كانت تحاول أن تكون متوازنة بين التأكيد على عدم التخلى عن إسرائيل، ولكن فى الوقت ذاته حملت تأكيدًا على العلاقات القوية الأمريكية الخليجية، مُلقيًا اللوم على حركة حماس.
فى سياق متصل وفى لافتة أثارت الجدل على موقع التواصل الاجتماعى X، فى نفس التوقيت تقريبًا، نشر الصحفى الإسرائيلى إيدى كوهين، عبر حسابه الرسمى، تغريدة مُرفقًا بها صورة المعارض القطرى خالد الهيل، كاتبًا تعليقا رآه بعض المتابعين أنه ربما يحمل رسالة مُستترة للدوحة، تحمل تهديدًا لنظامها، أو محاولة المراوغة كعادة «نتنياهو» ورجاله.
وعلى الرغم من محاولات واشنطن لاحتواء الغضب الصاعد فى المنطقة بسبب الهجوم على قطر كونها دولة عربية وإسلامية، وإبداء التوازن فى المواقف والتصريحات، دون خسارة طرف لحساب آخر، إلا أن «نتنياهو» يُحاول استغلال الأمر دائمًا لصالح أفكاره وأطماعه التوسعية، مع محاولة استفزاز العرب والمسلمين، عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية والأذرع الإعلامية التابعة له على السوشيال ميديا، وهو ما يجب أن ينتبه له العرب كافة، حتى لا تكون استفزازات «نتنياهو» سببًا لإشعال الفتيل فى المنطقة بأكملها.
ويبقى الموقف المصرى قويًا وثابتًا ومتوازنًا وقادرًا على أن تبقى مصر العظمى بدورها الفاعل فى حل الأزمات السياسية والشائكة بالمنطقة، عبر حكمتها ومواقفها الرصينة.